بقلم فرحات عثمان
تناقلت وكالات الأنباء خبر اعتزام وزارة الدفاع مناقشة مسألة مشاركة المرأة في الخدمة العسكرية. على أن الوزير لم يقرر شيئا في الغرض بل هو بصدد جس النبض والدعوة لدراسة الموضوع وتعميقه حسب كلامه.
ومع ذلك، فقد بيّن أن التحدّيات لهي جدّية، متمثّلة خاصة في الاعتداءات الإرهابية، إضافة لتزايد الصعوبات الاقتصادية، الشيء الذي يحتّم على تونس هذا الخيار.
مع العلم أن ذلك ما يقتضيه احترام الدستور وتطبيق بنوده، إذ أن فصله التاسع يبيّن صراحة أن الخدمة العسكرية هي واجب وطني على كل مواطن، مما لا يقصي البتة المرأة منها لصفة المواطنة الكاملة فيها، تماما كالرجل.
المساواة في الخدمة العسكرية وفي الميراث :
فعلا، إن المساواة بين المواطنين تقتضي مشاركة المرأة في الخدمة العسكرية، فهذا من حقها وواجبها معا. وليس الموضوع مما يتطلب درسا أو تعميقا ولا نقاشا أيضا، إذ لا جدال في المباديء الدستورية، القاعدية، ومنها المساواة في المواطنة.
لذا، عوض إضاعة الوقت في الدعوة للحديث في هذا الموضوع. ليعرض الوزير مشرعا في الغرض ! بل ولتعمل الحكومة حتى يتوازى هذا مع مشروع باسمها في المساواة في الإرث، إذ هي أيضا من تلك، ولا مجال للتردد في إقرار هذه المساواة المتحتّمة أيضا.
فلا مجال للتغاضي عن المساواة في الإرث بتعلات واهية باسم دين بريء من ترهات المتزمتين، إذ الثابت عند كل الفقهاء أن الإسلام أعلى من قيمة المرأة مع ترك المجال فسيحا للمسلمين للتجتهاد في أمور دنياهم أخذا بمقاصده.
ذلك أنه لا قطعيات في الإسلام في مجال الحياة الدنيا، بل فقط في ما يخص أمور اللاهوت، وليست المساواة منها.
المرأة التونسية أفضل من يتصدّى للإرهاب :
هذا، ولا شك أن ما لم يتحدّث عنه الوزير يؤكد حتمية إدماج المرأة في الخدمة العسكرية، ألا وهو تنامي الخطر الإرهابي عند الشباب الذكور المغرر بهم من طرف تجار الدين المتزمتين في فهمه.
فليس أفضل من المرأة بتواجدها في الجيش، كما هو الحال في المجتمع المدني، للتصدي لمن مثل هذا الخطر، لأنها الأقدر على الشعور بأهمية الذود عن حمي الدولة المدنية.
فالمرأة التونسية لهي الأقدر على حماية مكاسب الوطن في الحقوق والحريات التي أعوص مجال تجليها يبقى ما يخصها، لما تمثله هذه الحقوقق والحريات عند المرأة من أهمية قصوى لعلها تخفى على الذكور ممن يقع في فخاخ أهل التزمت والإرهاب الذهني.
ولقد رأينا كيف دافعت المرأة بشراسة عن حقوقها ووقفت سدا منيعا ضد محاولات كل من سوّلت له نفسه محاولة الانتقاص منها ومن قيمة المرأة التونسية عند مناقشة الدستور أو حين وقوع محاولات يائسة من الإعتداءات الصارخة على بعض الحريات من طرف من كان واجبه السهر على حفظها وتنميتها.
لذا، ليس الأمر اليوم في التساؤل عن إمكانية العمل بفكرة الخدمة العسكرية للمرأة بل هو في السؤال : متى يتم ذلك؟ والأفضل أن يكون في أقرب وقت ممكن، إذ الخطر محدق وليس الآن للتردد أو التلكؤ.
متى إذن يعرض علينا وزير الدفاع مشروعه في الإدماج السريع للمرأة في الخدمة العسكرية لتكون في أقوب فرصة أفضل درع لتونس فتحمي بلدها ومكتسباتها ممن لا يزال يسعى لتخريب البلاد بفكر داعشي لا يمت بصلة بروح الإسلام ومقاصده، ولا بنصه الإناسي السمح المتسامح؟
بل هلا فُتح الباب من الآن للشابات اللاتي يعبّرن عن استعدادهن للحاق كمتطوعات في الجيش للدفاع عن حرمة وطنهن؛ فلا أفضل من النساء لحماية حقوقهن التي هي أفضل الحماية لتونس الجميلة !
شارك رأيك