في السابع عشر من شهر ماي من كل سنة يحتفل العالم المتحضر باليوم العالمي لمناهضة كراهة المثلية، فهل تحتفل به تونس هذا العام كباقي الديمقراطيات ؟
بقلم فرحات عثمان
هذا الاحتفال ليس من عادات بلدنا، إذ دأبت السلط على كراهة المثليين ومناهضتهم باسم الإسلام وقانون غير عادل. إلا أنه تم التدليل أن الفصل 230 جنائي من مخلفات الحماية، وأن الإسلام بريء من تحريم المثلية أو اللواط.
المثلية فطرة في بعض البشر يقرّها الإسلام :
لقد سبق الإسلام العلم، الذي لم يتطور إلا في تسعينات القرن الماضي، بأن أقرّ أن المثلية فطرة في بعض البشر، وليست مرضا ولا فاحشة. فخلافا لليهودية والمسيحية، لم يأت الإسلام بحكم في هذا النوع من الجنس الذي اعتبره الكتاب المقدس مخالفا للطبيعة. لا يوجد في القرآن أي حكم في اللواط، بينما لا تحريم في الإسلام إلا بحكم صريح؛ فليس فيه إلا قصص قوم لوط، تُذكّر بما كان موجودا قبل الإسلام. أما ما هو معمول به اليوم فقهيا، فهو خطأ فادح في فهم الدين، إذ هو استنباط من فقهاء كان متخيّلهم متأثرا بالإسرائيليات فقاسوا على حكم الزنا لتحريم ما لم يحرّمه الله. وقد علّمنا ابن خلدون أن جل فقهاء الإسلام كانوا من الموالي.
وليس في السنة الصحيحة، أي البخاري ومسلم، أي حديث في المثلية؛ فهل يعقل هذا في ما عُد أفحش الفواحش؟ إن كل الأحاديث التي يذكرها ظالمو المثليين منحولة، فلم يثبت عن الرسول الكريم أي شيء حسب العديد من الفقهاء الأجلاء، من بينهم أبو حنيفة والشافعي. ولقد رأينا بعض الفقهاء لا يترددون في إشهار حبهم للمذكر والتغني به.
كيفية إبطال الفصل 230 جنائي :
الثابت اليوم أن حزب النهضة، في شخص زعيمه، ليس هو الذي يرفض إبطال الفصل 230. فقد تعهّد، حسب تسريبات ديبلوماسية أمريكية موثوقة، بالتصويت على مشروع توافقي لو نجح في الدخول للبرلمان. وتضيف التسريبات أنه تكهّن أن لا أحدا له الجرأة بتونس لعرض مثل هذا المشروع على مجلس نواب الشعب. ولا بد لنا من الاعتراف أن راشد الغنوشي على حق في تخمينه، إذ رغم وجود مشروع توافقي، لم يتجرأ إلى الآن أحد من المناضلين على الدفاع عنه لحمل عشرة نواب لعرضه على البرلمان. مع العلم أن هناك العدد الكافي من النواب لتبني المشروع، إلا أنهم يطالبون من الجمعيات البدء بعرضه بما أنه قضيتهم.
إن الجمعيات ترفض المشروع المعروض عليها بدعوى أنها لا تريد الخوض في مسائل دينية، منتظرة إبطال الفصل 230 عن طريق المجلس الدستوري. وهي في ذلك تستمع لما يقوله لها كارهو المثلية من المتخفّين في صفوفها. إن الجميعيات بذلك تطبّق دون دراية الاستراتيجية الإسلاموية بحذافيرها؛ فهي تُبقي الأمور على حالها، بما أن المجلس لم يتكون بعد؛ ثم، عند تكوينه، لتزكية الفصل 230 نظرا لحتمية السؤال عن مدى احترام الفصل 230 للإسلام حسب منطوق الدستور. وبما أن المجلس سيكون في أغلبيته تحت سيطرة حزب النهضة وحلفائها، فسيقول دون أدنى شك أن الفصل230 يطابق الدستور لتحريم الإسلام للمثلية. بهذا، تتوصل النهضة للخلاص من المأزق التي هي فيه اليوم بدون أية مسؤولية لها ظاهريا.
خلاصة القول أنه لا بد، لمن صدقت نيته في إبطال تجريم المثلية، عدم التردد في عرض المشروع التوافقي، الذي نذكّر به في الهامش، والعمل على الإشهار له حتي يتم فرضه على النواب وعرضه بالبرلمان. عندها، إما أن تتحمل النهضة مسؤورليتها وتصوّت له كما وعدت، أو تتنكر لوعدها، مع التداعيات الوخيمة التي ستنجر لها لا محالة بفقدان الدعم الغربي، إذ لا حول لها دونه ولا قوة بتونس.
هامش : نص مشروع قانون أحمد بن عمر (بالعربية والفرنسية):
http://www.huffpostmaghreb.com/farhat-othman/pour-labolition-de-lhomop_b_15384556.html?utm_hp_ref=tunisie
*المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .
شارك رأيك