اصدرت هيئة الحقيقة و الكرامة مساء امس الاحد 8 افريل توضيحا بخصوص البلاغ الذي اصدرته لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ردّا على ما صرحت به هيئة الحقيقة والكرامة خلال الندوة الصحفية المنعقدة يوم الأربعاء 28 مارس 2018، عند تطرقها لأسباب تعطل الية التحكيم والمصالحة من قبل الوزارة .
و جاء التوضيح كالتالي :
” تستغرب الهيئة ما جاء بهذا البلاغ من رفض صريح من الوزارة للالتزام بتطبيق أحكام الدستور في الفقرة التاسعة من فصله 148 وأحكام القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013. وتكمن خطورة هذا البيان في انه كان إقرار علني وصريح من طرف مسؤول حكومي بتنصل سلطة تنفيذية من الالتزامات المحمولة عليها بالدستور والقانون.
وهذه سابقة خطيرة من شأنها ضرب انسجام مؤسسات الدولة بإعلان البعض منها تمرّده على القانون وعزمه تطويعه في اتجاه سحب مسؤولية الدولة عن الجرائم التي اقترفت باسمها حيث تخلت عن حماية المواطنين الضحايا مقابل ضمان حصانة لأعوانها المورطين في هذه الانتهاكات.
1- حيث صرحت الوزارة بانها حريصة على” عدم إثقال كاهل المالية العمومية أو عقاب الشعب التونسي على أخطاء فردية قد يكون ارتكبها أحد من عمل بالدّولة “. وتتساءل الهيئة هل من صلاحيات وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية والمكلف العام بنزاعات الدولة القيام بأعمال التقصي في الملفات المتعلقة بالعدالة الانتقالية؟ إذ وفقا لما جاء بالفصل 39 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013: “تتولى الهيئة المهام التالية: “… -تحديد مسؤوليات أجهزة الدولة أو أي أطراف أخرى في الانتهاكات المشمولة بأحكام هذا القانون وتوضيح أسبابها واقتراح المعالجات التي تحول دون تكرارها مستقبلا،” ولا يوجد في هذا القانون ما يفيد تكليف وزير أملاك الدولة بأعمال تحقيق وتحديد المسؤوليات في هذا الخصوص. فمن اين له ان الانتهاكات المعنية بالتحكيم والمصالحة هي “أخطاء فردية” وليست “انتهاكات ممنهجة صادرة من أجهزة الدولة” كما ورد بالفصل 3 من قانون العدالة الانتقالية؟ خاصة اذ نظرنا الى عدد الملفات المعروضة والتي عددها 29 ألف ملف.
2- كذلك هل من الصلاحيات القانونية لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية والمكلف العام بنزاعات الدولة تقرير فيمن سيتكفل بإنصاف الضحايا؛ عند القول وذلك في معرض تبرير عدم التجاوب مع طلبات الصلح؛ بأنه:” سيتكفل بها القضاء” لأن ” حقوقهم لن تنته بانتهاء عمل هيئة الحقيقة والكرامة”. خاصة وانه يعلم جيدا ان الجرائم التي اقترفت في حق مواطنين تونسيين من قبل موظفين في الدولة قد سقطت بمرور الزمن وليس بإمكان المحاكم العدلية انصافهم خارج إطار العدالة الانتقالية. وهو من قبيل مغالطة الرأي العام وانكار حقوق الضحايا.
3- كما تستغرب الهيئة حديث الوزارة عن “عقاب الشعب التونسي” حينما تتطرق لجبر ضرر ضحايا انتهاكات حقوق الانسان وهو ما يمثل استهانة وإنكارا لجزء هام من هذا الشعب المتمثل في الضحايا والمحمول على الدولة واجب جبر ضررهم بحكم الدستور وقانون العدالة الانتقالية وهذا ليس منّة من أحد بل حقا من حقوقهم. وتعتبر الهيئة أن توجه الوزارة لـ”الضحايا الاحتماليين” هو تفصّي من المسؤولية عن أفعال ارتكبتها مؤسسات وأجهزة الدولة وهو للأسف إقرار صريح بعدم اعترافها بمنظومة العدالة الانتقالية وبواجب انصاف الضحايا.
وتُعلم الهيئة أن غالبية ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الذين قدّموا طلبات صلح لا يطلبون فيها تحديدًا من وزارة الداخلية وغيرها الاعتراف بالانتهاكات وتقديم الاعتذار فقط، وهو ما تم رفضه. وتأسف الهيئة أن يقع التفويت في هذه الفرصة لتحقيق المصالحة باعتراف المسؤولين عن الانتهاكات بما اقترفوه في حق بني وطنهم والاعتذار عن ذلك فليس أقل من ذلك لمعالجة الآلام وطي صفحة الماضي.
4- أما بخصوص ما تقتضيه “المحافظة على المال العام في هذه المرحلة الدقيقة؟ ” هل تقتضي رفض استرجاع الأموال المنهوبة عن طريق إبرام الصلح مع المنسوب اليه الانتهاك الذي قبل بذلك ام ابرام اتفاق الصلح بما تراه منصفا الذي سيرجع للخزينة العامة أموال هي بأمس الحاجة اليها؟ وهو ما يعني تفويتًا على الدولة لمبالغ هامّة سيقدّمها لها مرتكبو الفساد المالي؟
5- تثمن الهيئة موقف وزير أملاك الدولة و”استنكار إدخاله منازل السجال السياسي” والابتعاد “عن السجال السياسي” وتعتبر هذا سليما بخلاف ما عبر عنه في جلسة رسمية مع وفد من الهيئة خلال شهر ديسمبر 2016 من أن “ملفات التحكيم الكبرى لها صبغة سياسية ويجب معالجتها سياسيا” وكان رد الرئيسة على ذلك أنه “لدى الهيئة ملفات تحكمية تعالج وفق القانون والإجراءات الجاري بها العمل وليس سياسيا”. وتأسف الهيئة لزيغ الوزارة عن واجبها كمؤسسة محايدة وانخراطها في التجاذبات السياسية.”
شارك رأيك