هل يستقيم اختزال الأكل في التجربة الحسيّة؟ مالمقصود بروحنة الغذاء؟كيف تمثّل آداب الأكل نسقا من الرموز وفقا للمقاربة الأنتروبولوجيّة؟ كيف تتحوّل آداب الأكل إلى طقوس مقدّسة في بعض السياقات؟
خصّص قسم الدراسات الإسلاميّة بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” لقاءه الأكاديمي السابع (الموسم الأكاديمي 2020-2021) للبحث في هذه الإشكالات، حيث قدّمت مؤخّرا الأستاذة سهام الدبّابي الميساوي محاضرة بعنوان “ آداب الأكل في إحياء علوم الدّين للغزالي: قراءة جديدة”.
ومن أبرز مضامين مداخلتها التركيز على المقاربة الأنتروبولوجيّة لآداب الأكل منطلقة من “المؤاكلة اليوميّة والاحتفاليّة” لإبراز الطقوس الناجمة عن “الأفعال المتكرّرة” والتي تترجم أنسقة رمزيّة ضمن أطر اجتماعيّة تجعل الفعل الغذائي منظومة طقوس روحانيّة، يمكن أن ترتقي إلى مراتب تأليهيّة. وفي هذا الصدد انطلقت المحاضرة من أطروحة الغزالي تلك التي تنزّل معيش الأكل ضمن ضروب “التقوى وطاعة الله”، فمائدة الأكل ليست مجرّد وليمة بالمعنى الحسي تحكمها قوانين الشهوة والمتعة ورغد العيش، بل هي مجموعة طقوس سوسيو-ثقافيّة ومعيش صوفي-روحي وآلية تواصليّة-تفاعليّة.
وفي هذا السياق دعّمت موقفها بأطروحات سوسيولوجيّة وأنتروبولوجيّة مبرزة منزلة “الأكل المشترك” في سياق “العيش المشترك” مثل أطروحة عالم الاجتماع دوركهايم، وعليه يكون فضاء المؤاكلة في نظرها “إعلاء من قيمة التواصل والتفاعل اللّذين لا يكون المجتمع ممكنا دونهما”.
شارك رأيك