إثر إعلان رئيس الجمهورية التدابير الاستثنائية يوم 25 جويلية 2021، قرّر مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري إنجاز تقرير لرصد مدى التزام القنوات التلفزية والإذاعية العمومية والخاصة بمبادئ التعددية السياسية خلال الفترة الممتدة من 25 إلى 31 جويلية 2021، وبعد الاطلاع على نتائج هذا التقرير المنجز من قبل وحدة الرصد بالهيئة.
سجّل مجلس الهيئة من خلال العديد من المؤشرات عدم الالتزام بمبادئ التعدّد والتنوّع والتوازن سواء كان ذلك على مستوى المدّة الزمنيّة المخصّصة لمختلف المواقف والفاعلين السياسيين أو طريقة التناول للمواضيع ذات الصلة.
واعتبارا لأهمية الظرف الذي تعيشه بلادنا وحساسيته وما يستوجبه من متابعة دقيقة من قبل مؤسسات الإعلام السمعي البصري للأحداث والمستجدات،
يهم الهيئة التنبيه إلى ما يلي:
• عاين مجلس الهيئة إخلالات جسيمة في العديد من القنوات التلفزية والإذاعية تتعلق بحق المواطن في المعلومة وحقه في التعبير عن آرائه ومواقفه والاطلاع على مختلف الآراء والأفكار، كما طالت هذه الإخلالات حق مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين في النفاذ لفضاءات هذه القنوات.
• وقعت العديد من القنوات التلفزية والإذاعية تحت تأثير التجاذبات والحسابات السياسية وهو ما أثر سلبا على التزاماتها بتنوع الآراء وتعدد زوايا التناول الإعلامي لموضوع 25 جويلية مما انجر عنه مس بقواعد المهنة الصحفية وأخلاقياتها.
• لئن أبدى الإعلام العمومي نجاعة في التعامل مع بعض الأحداث الاجتماعية على شاكلة جائحة “كورونا”، إلا أنه مازال يثير الجدل حول مدى استقلاليته في التعاطي مع الأحداث السياسية المفصلية وتغيّر موازين القوى، وقد انعكس ذلك في تنصل القنوات التلفزية والإذاعية العمومية من التزاماتها تجاه المواطن خاصة حقه في تلقي المعلومة الدقيقة والشاملة وطرح المواضيع التي تهمه ضمن برامج حوارية متوازنة ومتنوعة.
• سجّلت الهيئة خروقات جسيمة تتعلق بالتزام المؤسسات الإعلامية بمبدأ المساواة بين الرجال والنساء خاصة على مستوى اختيار ضيوف البرامج الحوارية السياسية.
وأمام هذه الاستنتاجات تؤكد الهيئة ما يلي:
• ساهم عدم تفعيل آليات التعديل الذاتي في المؤسسات الإعلامية أو غيابها بالكامل في خلق حالة من الارتباك والارتجالية على مستوى الخيارات التحريرية.
• تدعو الهيئة الصحفيات والصحفيين إلى مزيد الالتزام بمبادئ الحياد والموضوعية وبأخلاقيات المهنة الصحفية والتمسك باستقلاليتهم بعيدا عن الرقابة الذاتية.
• يشكل الطموح السياسي لبعض أصحاب المؤسسات الإعلامية أو رغبتهم في التموقع في المشهد السياسي لتحقيق مصالح خاصة أو الحفاظ عليها خطرا جديّا على مستقبل الإعلام في تونس.
• إن غياب منظومة تشريعية مستقرة لتنظيم المشهد الإعلامي في بلادنا هو نتيجة لغياب الرؤية والإرادة السياسية وهو ما أثر سلبا على أداء المؤسسات الإعلامية وحال دون مراكمة التجربة وإرساء تقاليد جديدة بديلة لما ساد في العهد السابق.
• العمل على تأسيس الهيئة التعديلية الجديدة وفق رؤية أساسها علوية القانون والالتزام بالمعايير الدولية ذات العلاقة عبر إعادة تفعيل مشروع القانون التشاركي الذي أودعته حكومة السيد “إلياس الفخفاخ” لدى مجلس النواب وسحبته حكومة السيد “هشام المشيشي” تلبية لرغبات لوبيات المال الفاسد ومراكز الضغط.
هذا وتدعو الهيئة رئاسة الجمهورية إلى توضيح رؤيتها حول مستقبل الإعلام في بلادنا ورسم سياسة اتصالية ناجعة مع مختلف الأطراف المتدخلة.
شارك رأيك