كتب الشاعر جمال الصليعي قصيدته ” وها أنا وحدي” منذ مدة. ولكن آنيتها لا تزال قائمة كلما قرأتها وكأنها كتبت للتو. عن تونس ، وعن شعبها وعن صبره وعن صلابة انتمائه إلى تفاصبل البلاد.
وها أنا وحدي
أنا لست أعرف مَنْ هؤلاء
فصيلٌ مِنَ الخَلْق أهْدى إلى القَهْقَرَى من قطاةْ
وأَعْلَقُ بالفشل المُرِّ من طالبٍ للنّجاة
فمَنْ هؤُلاء ؟
ومِنْ أين جاؤوا ؟
فليْسوا بغُرْبٍ
وليسوا من الشّعب … يبدو
فمِن أيِّ أرض
وأيِّ سماءْ
تغيّرتِ الحال غيْرَ التي ….
وزلزلت الأرض زلزالها
فكانت دماء
دققنا على الغد أبوابه
وقلنا وداعا ظلام الغباء
وداعا لميراث تلك السّنين
بدأنا ….
بنا فرح ، كان ملْء القلوب وملء العيون
وقلنا نكون وشئنا نكونْ
تركنا لكم …..
ــ أملا ــ أنّكم عارفون
وملنا إلى الصّبر نقتاته طائعين
نطيّر أحلامنا في سماء اليقين
وكنّا بكم واثقين
فمن قبل كنّا لأمثالكم صابرين
وكنّا كآبائنا طيّبين
وقلنا لقد صارت الحال غير التي….
وساستنا اليوم أهل الصّواب
فكونوا كما ترغبون
كونوا يسارا وكونوا يمين
وما قد يكون وما لا يكون
فقط، بيننا وطن في أعالي الجبين
حملناه ستّين عاما من القمع جرحا دفين
وأنتم وراء شبابيككم ترقبون
إذا الرّيح مالت هنا أو هنا مائلون
وكلَّ الخطى تتبعون
وأيَّ الخوازيق مدهونةً تركبون
وحين انتهى صبرنا ، وانتفضنا…
قفزتم على حُلمنا ناهبين
تركنا لكم…
أملا ، أنّكم مرّةً صادقون
فكنتم تفاصيل كلّ الخراب
ذئابا علينا وفيكم ذئاب
غرابا يصفّق خلف غراب
فضاعت عصافير أحلامنا
وضاعت بلاد
وضاعت حقوق العباد
وضاعت دماء الشبّاب
وصرتم سِبابًا يجرّ سِبابْ
وحالا من المرض المسترابْ
وصلنا إلى الكيِّ
هاتِ الحديد المُذابْ
أنا الشّعب
لستُ اليمينَ ولستُ اليسار
ولست مُكِبًّا على أيِّ بابْ
وأجهلُ هذي الخياناتِ ، أجهلُ درب الدسائسْ
بسيط لحدِّ الشّموخ
ولي قامة في السّحابْ
صبور ، ولكن بضرس ونابْ
أنا الشّعب أعلن :
إنّ الذي خاننا ليس منّا
وأنْ ليس منّا الذي مطّط المرحله
وأنْ ليس منّا الذّي خبّأَ القتله
ومَنْ لم يحاسِبْ لردِّ الحقوق لأصْحابها ليس منّا
وأُعلن إنّ البلادَ جميعُ البلادْ
وإنّ القرى كالمدائن
وإنّ الشَّمالَ الجنوبُ وإنّ الجنوبَ الشَّمالْ
وإنَّ البلادَ السّواحلُ والبيدُ أختُ السّهول وبنتُ الجبالْ
ونحتاج حبّا وصدقا بعمق الحياة
ونحتاج حقّا
ونحتاج عدلا بحجم الفساد
ونحتاج علما وعلما وعلما لحدّ السّدادْ
وها أنا وحدي….أنا الشّعبَ
وجهاً لوجهٍ أواجه منتصِبًا كلَّ هذا الخرابْ
شارك رأيك