تحدث الرئيس الباجي قايد السبسي لأول مرة في حوار مع موقع العربي الجديد نشر اليوم عن كيفية قضائه اليوم في مهمة رئيس الجمهورية وعن علاقته براشد الغنوشي وعن دور عائلته وقضية التوريث .
وقد نفى الباجي قايد السبسي أي دور لعائلته في الشؤون العامة للبلاد مفصحا عن كونه نصح ابنه حافظ بمغادرة نداء تونس تجنبا لكل التلميحات وأضاف الرئيس أن التوريث لا مجال إليه في مجتمع ديمقراطي تنال المناصب فيه بالانتخاب .
وصنف رئيس الجمهورية نفسه سياسيا قائلا: ” أنا وسطي ولستُ يسارياً ولا يمينياً، ولست إسلامياً لكنني مسلم..” وتحدث عن علاقته براشد الغنوشي وباختيار التوافق الذي توصلا إليه ..
وفي ما يلي فقرات بارزة من الحوار المذكور:
- كيف تقضي يومك الرئاسي؟
أستيقظ باكراً، وأصبح في مكتبي عند الثامنة صباحاً، وأعود إلى البيت لتناول الغداء عند الواحدة ظهراً. ونظراً لقرب مكان إقامتي من مكتب العمل، تراني دائماً أستجيب لكل طارئ وأردّ على أي اتصال هاتفي يخصّ نشاطي كرئيس للدولة. وإن لزم الأمر أن أعود مساء إلى المكتب فإني لا أتردد في القيام بذلك. المسألة الأخرى الثابتة في برنامجي اليومي تتعلق بكوني مغرماً بالمطالعة منذ الصغر، وقد بقيت وفياً لهذه العادة حتى الآن، لهذا، رغم مشاغلي الكثيرة، أخصّص على الأقل ساعة كل يوم للقراءة. وعندما كنت أدرس في فرنسا، كنت أنهي حصة المطالعة مع السادسة صباحاً، مع الملاحظ أني لا أذهب إلى أي مكان إلا عند الضرورة، حيث تجدني باستمرار إما في البيت أو في المكتب. ولو تسألني عن آخر مرة غادرت فيها القصر الرئاسي أجيب بأن ذلك حصل عندما ذهبت لزيارة رئيس الحكومة الحبيب الصيد في المستشفى. أفعل ذلك لأخفف من مشقة أولئك الذين يحرسونني. بابي مفتوح لكل من يرغب في مقابلتي، ولهذا خصصت مساحة لذلك تستمر يومياً بين الساعة السادسة والثامنة مساء.
- كثر الحديث عن علاقتكم بأسرتكم، أريد أن أسأل عن مدى تدخل العائلة في مواقفكم وإدارتكم لشؤون الحكم؟
أؤكد بكل وضوح أن عائلتي لا دخل لها في شؤون الرئاسة وإدارة البلاد، وجميع من يعملون معي يمكنهم أن يشهدوا على ذلك. زوجتي تعيش معي، ولا تتدخل في المسائل السياسية سواء اليوم أو قبل هذا التاريخ، وذلك منذ 38 عاماً من حياتنا الزوجية، وما قيل عن هذا الموضوع وتمت إشاعته كان كذباً ومبرمجاً، مثل القول أيضاً إني أشغّل أفراداً من عائلتي. أؤكد بأني لم أعين من أفراد عائلتي أي واحد منهم في منصب وزير أو كاتب دولة أو مدير أو حتى معتمد. وقد كلفت السيد يوسف الشاهد بمتابعة وضعي الصحي، فقيل إنه زوج ابنتي، في حين أن لديّ ابنتين إحداهما متزوجة من شخص تنحدر أسرته من ولاية المهدية، والثانية متزوجة من طبيب، وهو الذي كلفته بما يخصني. فكل ما ينسج حول عائلتي ليس سوى عملية مقصودة وموجهة ضد شخصي. كما تحدثوا عن كوني أسعى إلى توريث ابني، وقد قلت لهم بأن عصر التوريث قد انتهى في تونس. هل قمتُ أنا بوراثة والدي؟ وهل ترك لي أصلاً ما أرثه سواء مالاً أو منصباً؟ اليوم أصبحت المناصب يتم الوصول إليها عبر الانتخاب. وقد نصحتُ ابني، وطلبتُ منه مغادرة حزب “نداء تونس” عسى أن يتوقف الذين يروجون لمسألة التوريث عن الإساءة لي.
التوريث يقع عادة في الدولة وليس في الحزب. وكل ما أقوله لهؤلاء: لن تنجحوا في محاولاتكم المسيئة. فأنا الرئيس الوحيد الذي لم يعين أيّاً من أفراد أسرته في منصب سياسي. أنا أعرف ماذا أفعل وما الذي يجب عدم فعله.
- ماذا تقول لليساريين، سواء الذين يقفون الآن ضدك أو لأولئك الذين ساهموا في تأسيس حزب “نداء تونس” ثم خرجوا من حزبك؟
عليهم أن يقبلوني كما أنا، وأنا وسطي ولستُ يسارياً ولا يمينياً، ولست إسلامياً لكنني مسلم. والآية واضحة في هذا الشأن: “وجعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً”. هذه سياستي، وحتى الذين أدخلتهم معي إلى الحزب، قلت لهم منذ البداية أنتم يساريون لكن عليكم أن تنظروا إلى الوسط أكثر من نظرتكم إلى اليسار، وفعلت نفس الشيء مع الآخرين. يجب على جميع التونسيين القبول بالوقوف على أرضية الوسط. وحتى ممثل الجبهة الشعبية الذي استقبلته أخيراً، قال لي: ألم تقل بأن (حركة النهضة) و(نداء تونس) خطان لا يلتقيان؟ فأجبته بأن ذلك جزء من كلامي، وأن البقية هي قولي “لا يلتقيان إلا بإذن الله، وإذا ما التقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله”. فلا تحرّفوا الكلام عن موضعه. أنا أعتقد بأن الله سبحانه وتعالى له دخل في تغيير الأوضاع
- كنت مختلفا مع الغنوشي، واليوم أصبحتما شريكين، هل لديك ثقة في الرجل؟
في عالم السياسة لا توجد مسألة نهائية إلا عندما يدخل الواحد منا في قبره. لكن هناك توافقات، فأنا الذي أقنعت الغنوشي بالذهاب إلى الحوار الوطني عندما كانت الترويكا تحكم، وذلك بعدما كان ضد النقابات وغيرها من القوى المناهضة لحركة النهضة. وأنا الذي دعوته إلى اللقاء فيما بيننا، وقد استجاب لذلك وزارني في باريس، وبقينا نتجادل لمدة ثلاث ساعات خرج بعدها بنتيجتين: أولاً القبول بالحوار، ويعتبر ذلك ثورة هامة. وثانياً اقتنع بأن الوطن قبل الأحزاب، وهو شعاري الذي دافعت عنه طيلة الحملة الانتخابية. وكان يعلم أن لديه مشكلة مع جماعته حتى قيل له “أنت لا تمثل إلا نفسك”. كما حدثت لي أيضاً مشكلة داخل (نداء تونس) لكني نجحت في السيطرة عليها خلال دقائق، حيث قلت للجميع هذا هو اختياري، ومن لم يعجبه ذلك عليه أن يتخذ ما يراه. وذكرتهم بأننا أسسنا حزب (نداء تونس) لا ليحكم بمفرده، وإنما ليخلق التوازن في المشهد السياسي، وهو ما تم فعلاً
- بحكم خبرتك الطويلة في المجال الدبلوماسي، اليوم عندما تلقي نظرة على الواقع العربي، إلى أين تسير المنطقة؟
المنطقة تسير نحو الهاوية. علينا أن نطرح هذا السؤال على أنفسنا: ما هو مجال العمل عندنا؟ حالياً العرب هم خارج ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك سورية والعراق واليمن. الحضور العربي في اليمن ليس أمراً جيداً. هل هناك من يقرر الدخول في عملية عسكرية ولا يعرف كيف يخرج منها
شارك رأيك