هل سيتوفق ابناء العائلة الدستورية الموسعة الى لم شتاتهم ووضع حد للتشرذم الذي ضرب صفوفهم اثر احداث 14 جانفي 2011 ؟
هذه الاحداث التي أدت الى حل لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان يحميهم بغطائه علي امتداد الحقبات المتواصلة من تاريخه الطويل؟
وهل سيقدرون علي الترفع عن نزعة الشخصانية و الانانية والزعاماتية التي ضربت بعض القياديين منهم المتربعين علي عرش عدد من الاحزاب التي انتسبت الي” الدستور” وارتكزت علي الارث البورقيبي باعتبار الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة هو الاب الروحي لهذه العائلة بل هو مؤسس الحزب الحر الدستوري الجديد الذي تربوا داخل صفوفه وترعرعوا في ثنايا حقبات تطوره بابعادها الليبيرالية والاشتراكية و التجمعية وذلك بعد الانشقاق عن الحزب القديم برئاسة الشيخ المرحوم عبد العزيز الثعالبي.
عديد المحاولات عاشها الدستوريون خلال السنوات الخمسه الماضيه من اجل رص الصفوف وتوحيد الجهود والانضمام تحت لواء هيكل موحد يعزز اثبات وجودهم الفعلي من جدبد كقوة سياسية مارست الفعل السياسي ومارست اكراهات الحكم و تظل قادرة على تقديم الاضافة في خدمة الوطن و مساعدته على الخروج من الوضع المتردي الذي اضحى بتخبط فيه وكانه سفينة تسبح في اعماق البحار دون ربان ناهيك و ان الشعارات التي رفعت في وجه النظام السابق لم تتوفق الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم منذ 2011 الى تحقيق و لو النزر القليل منها.
فاذا المؤشرات الاقتصادية في تراجع متواصل واذا البطالة تتفاقم و اذا الفقرتزداد رقعته توسعا و اذا الافق يبقى في انسداد امام الاعداد الهائلة من شبابنا التواق الى الافضل ولا سيما شبابنا العاطل بعد حصول عشرات الالاف منهم على الشهائد العلميه العليا التي تؤهلهم عادة لمواقع محترمة في سوق الشغل و تجعلهم قوة ضاربة على درب العطاء والخلق و الابداع دون الحديث عن انعدام الامن و استفحال ظاهرة الارهاب الذي اصبح يتهدد البلاد من جنوبها الى شمالها.
هكذا فان زهاء الست سنوات تمر على حل التجمع الدستوري الديمقراطي وريث الحزب الاشتراكي الدستوري وابناء العائلة الدستورية يقبعون في مواقعهم دونما خطة عملية واضحة توحد كلمتهم وتعيد لهم بريق نضاليتهم بعد ان قاد اجدادهم و اباهم معركة الكفاح التحريري و استشهدوا واستبسلوا في تحقيق استقلال الوطن و الدفاع عن حرمته فبنوا الدولة العصرية الحديثة و ثبتوا اركان المجتمع المدني المتماسك والمتوازن.
و اذ تحتفل البلاد هذه الايام بالذكرى الستين لاستقلالها فان هذا الحدث التاريخي العميق الابعاد قد يكون دغدغ مشاعر الدستوريين و حرك احاسيسهم فاهتز في داخلهم من جديد الوازع الوطني فاذا بهم يبادرون بتنظيم لقاء –قد يكون الاخير من نوعه- ضم ممثلين عن سائر الاحزاب و جمعا من المناضلات و المناضلين الدستوريين.
وهذا اللقاء الذي انتظم صبيحة السبت 19 مارس الجاري اراده منظموه عربون وفاء” للمجاهد الاكبر الزعيم الحبيب بورقيبة وعرفانا بالجميل له ولمناضلي و شهداء حركة التحرير الوطني”.
وقد سجل اللقاء حضور عديد الوجوه المنتسبة للنظام السابق و لا سيما من حيث المواقع القيادية صلب التجمع الدستوري الديمقراطي و افرز بيانا اكد من خلاله الحاضرون “التزامهم الواضح واللامشروط بالمشاركة بعزيمة موحدة في المسيرة الوطنية للتنمية الشاملة و مكافحة الارهاب في اطار مشروع مجتمعي تقدمي وسطي حداثي يؤمن بالدولة الحديثة والديمقراطية و التعددية السياسية و التداول السلمي على السلطة وعلوية القانون ومبادئ الجمهورية متفتح على التيارات الفكرية و السياسية التي تؤمن بهذه الثوابت و تتمسك بالمكاسب التي حققتها دولة الاستقلال على امتداد ستين سنة و في مقدمتها مجلة الاحوال الشخصية.
وصدر هذا البيان اثر حوار مستفيض طغت عليه الحدة في بعض ردهاته و تناول بالنقاش الوسائل العملية الواجب اقرارها وتطبيقها لضمان التوحد المنشود فكان الاتفاق على تكوين فريق عمل يضم ممثلين اثنين عن كل حزب من الاحزاب الدستورية المنخرطة في هذا المسار يضاف اليهم ممثلون عن الشباب و المراة و الشخصيات الدستورية.
و قد يتجه التفكير في عمل هذا الفريق نحو احد الخيارات التالية اما دعوة كل الاحزاب السياسية ذات المرجعية الدستورية صلب حزب المبادرة الوطنية الدستورية باعتباره الاسبق في التواجد على الساحة السياسية الوطنية و اصبح يحظى بضرب من الاقدمية النضالية بعد النجاح النسبي الذي سجله في انتخابات المجلس التاسيسي ( اكتوبر 2011 ) وفي الانتخابات التشريعية الاخيرة ( اكتوبر 2014 ) والذي لم يقدر على بلوغه لا الحزب الدستوري الجديد في الاولى ولا غيره من الاحزاب الدستورية في الثانية . ثم ان هذا الحزب يواصل جهوده في سبيل تركيز هياكله الجهوية على الاقل استعدادا لمؤتمر وطني قادم.
اما الخيار الثاني الذي يمكن ان يتجه اليه التفكيرمن قبل فريق العمل يقوم على دعوة الاحزاب القائمة الى حل نفسها بالكامل وتعمل على حزب موحد يجمع شتاتهم. وفي هذا السياق يرى البعض ان هذا الخيار يعسر اعتماده لانه “يصعب ان نطلب من صاحب دكان ان يغلق دكانه و يفرط فيه” بل يحسن في المقابل حسب اصحاب هذا الراي ان تبقى هذه الاحزاب على حالها على ان تقيم فيما بينها جبهة دستورية موحدة على غرارالجبهة الشعبية تجمع شتاتهم و تؤلف بينهم و تمكنهم من الاستعداد الامثل للمواعيد السياسية المنتظرة .
ويبقى الامل معقودا على عمل هذا الفريق في الاهتداء الى الحل الامثل الذي يلقى صداه لدى جمهور الدستوريين بعد ان يتقبله القادة “الزعماء” حتى يتمكنوا جميعا من استغلال هذه الفرصة لضمان التوازن المطلوب في المشهد السياسي الوطني .
وجدي مساعد
شارك رأيك