تحيي تونس اليوم 6 افريل 2016 الذكرى 16 لرحيل أول رئيس للجمهورية التونسية الزعيم الحبيب بورقيبة.
وكان زعيم تونس عُزل عن الحكم من قبل زين العابدين بن علي في 7 نوفمير 1987 وفُرضت عليه الإقامة الجبرية في مَنزله كما حُجبت أخباره عن الإعلام إلى حين وفاته في مثل هذا اليوم من سنة 2000.
وفي هذا الإطار أكدت ابنة الحبيب بورقيبة هاجر بورقيبة في حديث لصحيفة الشروق في عددها الصادر اليوم 6 أفريل 2016، أنّ والدها كان يكتم ما بداخله من حزن شديد جراء الخيانة التي ارتكبها زين العابدين بن علي في حقه مشيرة أن الزعيم بورقيبة كان قد قال لها بالحرف الواحد” لا أريد أن يحضر بن علي جنازتي.. لقد أوصيت أقاربي بذلك وأعلم أنهم لن يقدروا على منعه لذلك أوصيتك أنت”.
الحبيب بورقيبة من مواليد 3 أوت 1903 في حي الطرابلسية بمدينة المنستير كان أصغر إخوته الثمانية، تلقـّى تعليمه الثـّانوي بالمعهد الصادقي ثمّ معهد كارنو بتونس، ليتوجه إلى باريس سنة 1924 بعد حصوله على الباكالوريا وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة في سنة 1927، وعاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة.
تزوج للمرة الأولى من الفرنسية ماتيلد وكانت تبلغ من العمر عندما تعرفت عليه 36 عاما، أرملة أحد الضباط الفرنسيين الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى، كانت تكبره بحوالي 12 سنة، وهي التي أنجبت له ابنه الوحيد الحبيب بورقيبة الابن، وتطلقا بعد 22 عاما من الزواج لكنه استمر على وفائه وصلته بها كما قام بتوسيمها في أواخر حياتها قبل وفاتها سنة 1976. تزوج للمرة الثانية من وسيلة بن عمار رسميا في 12 أفريل 1962.
انضم بورقيبة إلى الحزب الحر الدستوري سنة 1933 واستقال منه في نفس السنة ليؤسس في 2 مارس 1934 بقصر هلال الحزب الحر الدستوري الجديد ورافقه في الانشقاق محمود الماطري والطاهر صفر والبحري قيقة وغيرهم من القيادات الوطنية الشابة.
وبعد سنين من النضال ضدّ المستعمر الفرنسي وسلسلة من الاعتقالات عاد بورقيبة إلى تونس في 1 جوان 1955 ليحصل اولا عغلى الاستقلال الداخلي اتونس ومن ثم على الاستقلال التام في 20 مارس 1956 و ليؤلّف أول حكومة بعد الاستقلال.
وفي 13 أوت 1956، صدرت مجلة الأحوال الشخصية التي تعتبر من أهم أعمال الزعيم بورقيبة حيث أنها تضمنت أحكاما ثورية كمنع تعدد الزوجات وجعل الطلاق بأيدي المحاكم، ولا تزال هذه المجلة تحظى إلى اليوم بسمعة تكاد تكون أسطورية.
وفي 25 جويلية 1957 تم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية فخلع الملك محمد الأمين باي وتم اختيار الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية.
وكان لبورقيبة بحكم الموقع السياسي وجمعه لكل السلط في يده الدور الأول في بناء الدولة التونسية الحديثة والتأسيسي لمجتمعها الجديد ..ولكن المرض والتشبث بالسلطة قاداه الى القبول في 27 ديسمبر 1974 بتنقيح الدستور وأسندت اليه رئاسة الدولة مدى الحياة.
وكانت هذه الخطوة بداية خطوات أخرى متزايدة في انفراد بورقيبة والحزب الدستوري الحاكم بكل السلطات وضرب كل نوع من أنواع المعارضة له مما أدى الى أزمات سياسية واجتماعية متتالية في جانفي 1978 (الخميس الأسود) وفي جانفي 1984 (ثورة الخبز) ، حتى بلوغ الأوضاع الى تأزم حقيقي في سنة 1986 مع استفحال مرض الرئيس واستحواذ حاشية فاسدة على دواليب الدولة مما أدى الى الانقلاب الذي نظمه زين العابدين بن علي وكان حينها الوزير الأول.
بعد ثورة جانفي 2011 وانشقاق المجتمع التونسي اثر انتخابات اكتوبر 2011 للمجلس التأسيسي وشروع الاسلام السياسي عبر الترويكا الحاكمة في التوجه نحو محاولة لأسلمة المجتمع برز الارث البورقيبي الحداثي والمنفتح عبر تحركات المجتمع المدني التونسي. وقد استطاع المجتمع المدني التونسي بالرغم عن الارهاب وعن الاغتيالات السياسية دحر الاطروحات الاسلاموية والتشبث بحداثة تونس وانفتاحها وتمدنها ..وساهمت هذه الارهاصات في عودة الارث البورقيبي ايجابيا الى الساحة السياسية التونسية بكل قوة.
ع.ع.م.
شارك رأيك