كتب الاعلامي مكي هلال نصا حميميا جميلا بعثه الى اولاد أحمد، شاعر تونس الذي دفنته أمس..وفي ما يلي هذا النص :
” من مكي إلى محمد :
أسئلة الهنا إلى الهناك
صباح الخير محمد
هل نمت جيدا البارحة ؟ هل أحتضنك تراب البلاد بدفء في وحدة القبر هناك وأنت العاشق لتراب تونس ، وليس لك من قبر غير حروفها الأربعة كما قلت ؟
هل استيقظت بمزاج جيد على نقرات المطر هذا الصباح تسقي قبرك وتكسر رتابة المقابر وهدوءها؟
هل قالت لك سماء تونس أن ذاك ليس مطرا بل دمعها وكل البلاد تبكيك؟
هل دخنت سيجارتك الاولى هناك ؟ وكيف هي ؟ وماذا عن طعم القهوة هناك ؟
هل وصلتك جرائد الصباح وأنت تتصدر كل صفحاتها ؟ هل بدأت بالصفحات الثقافية كما كنت تفعل دائما ؟ أم أن نظام الصحافة الورقية مختلف هناك ؟
ماذا عن الرفاق والاصدقاء هناك؟ هل قابلت شكري بلعيد والبراهمي في الجوار غير بعيد عنك وكيف هي أجواء روضة الشهداء ؟ هل ما يزالون يحتفلون ؟ هل احتفوا بمقدمك كما ينبغي ؟ أم أنك لم تخبرهم بقدومك بعد ؟وانت الذي يؤثر دوما المخاتلة والمفاجآت كاختيارك ليوم رحيلك ؟
هل احتفوا معك بعيد ميلادك الواحد والستين كما احتفلنا دون بهرج ؟ هل وصلتك الورود وبطاقات الحب لك ولهم ؟
وماذا عن الشعراء والغاوون هناك ؟ هل مازالوا بحبك يهيمون ؟ هل تعرف إليك أبو القاسم الشابي ومنور صمادح وغربتكما وتجربتكما واحدة تقريبا ؟
هل مذاق التبيذ ونخب اللقاء أطيب هناك ؟
وماذا عن النساء هناك ؟ حوريات أم فقط جميلات ونصف ؟ هل هن منطلقات ومتألقات وسافرات ومسافرات دوما هناك؟
هل أخبرك حدس الشاعر أنهن جئن كلهن بالأمس من كل فج عميق من البلاد وحملن الرفش والنعش وكن فعلا نساء ونصف كما قلت عنهن ولم يخيبنك أبدا إذ وصفتهن ولم يكف الوصف ؟!
هل تفقدت هاتفك هذا الصباح ؟ علمت أنه لا يكف عن الرنين وصفحتك على فيسيوك ها تعهدتها رغم الموت ، لتنشر وتشاغب وتعبر وترد على محبيك ومناوئيك؟
هل قبّلت كلمات وقابلت زهور وهاتفت ناظم اليوم بصوتك الأجش وبحتك المحببة ؟
هل ستحفظ نفس رقم الهاتف هناك ؟ أم أن الارسال ضعيف تحت الأرض؟
ماذا أقول لمن يرفض غيابك من الأحبة بحجة أن تونس نحتاجك أكثر الان وأن مشروعك تونس الشاعرة لابد أن يتحقق ؟
أتركك لترتاح الان وأنت تحب غفوة القيلولة، فقط أخبرك أني لم أغير رقمي، اتصل متى أردت صديقي لو حدث جديد هناك ، وحتى لو لم يحدث لأننا نشتاق دوما للحديث معك فلا تغب يا محمد !”
مكي هلال
السابع من افريل 2016
شارك رأيك