مع اقتراب فصل الصيف يزداد التفكير في مئال الموسم السياحي الذي بات على الابواب دون ان تبرز في الافق بوادر انفراج الازمة التي عصفت به منذ احداث جانفي 2011 و بالخصوص اثر الضربات الارهابية في باردو وسوسة و ما خلفته من تاثيرات سلبيه على الاسواق الخارجية ولا سيما التقليدية منها.
و مما يزيد الطين بلة ما اعرب عنه مؤخرا محمد علي التومي الرئيس المباشر للجامعة التونسية لوكالات الاسفار و السياحة من تشكيات و رفض لوجود بعض الفاعلين في القطاع السياحي دون وجه قانوني
و نعني بذلك ذاك النوع الجديد من شركات الخدمات التي اصبحت تزاحم بصفة غير شرعية وكالات الاسفارمن خلال تنظيم السفرات السياحية داخل البلاد وخارجها
و يؤكد محمد علي التومي ان وجود مثل هذه الشركات الدخيلة على السوق التونسية من شانه ان يهدد وكالات الاسفار في بقائها و ديمومة نشاطها “وهو امر غير مقبول -يقول رئيس جامعة وكالات الاسفار في تصريح لراديو اكسبراس اف ام- اذا عرفنا ان هذه الشركات لا تخضع للاطر المنظمة للمهنة و لا لكراس الشروط المحددة لطبيعة النشاط”
ومن هذه الشروط توفر الضمان المالي لدى البنوك بقيمة 50 الف دينار على ان لايقل راس المال للوكالة الواحدة عن 100 الف دينار
و اذ يوضح رئيس جامعة وكالات الاسفار ان هذه المنظمة تضم اليوم 746 وكالة اسفار فان الحاجة تقتضي في نظره – امام الانعكاسات السلبية للضربات الارهابية – البحث عن اسواق جديدة و يمكن ان تجد البلاد ضالتها في اسواق اوروبا الشرقية.
و مع حلول الافواج الاولى من السواح الروسيين ( 240 نفرا من بينهم 42 من وكلاء الاسفار) ببلادنا الاسبوع الماضي فهل يمكن القول بان السوق الروسية ستشكل البديل الذي يخفف ولو جزئيا من وطاة الازمة ويفتح باب الامل بما يؤثر على بقية الاسواق الاوروبية للاقلاع عن تلك القرارات التي تمنع الاوروبيين من الذهاب الى الوجهة التونسية خاصة و ان الاحداث الارهابية الاخيرة التي عاشتها مدينة بن قردان اثبتت النجاح الكبير الذي حققته قوات الامن وقوات الجيش الوطنيين وهو ما يبعث على الارتياح و كفيل بان ينمي الامل لدى كل الاجانب للعودة الى تونس و التمتع بمنتوجاتها السياحية.
وفي ذلك تفاؤل ابداه محمد علي التومي بقوله “السواح الروس الذين حلوا بجربة الايام الاخيرة ساهموا في ازاحة الضباب الذي روج له الاعلام الدولي” .
و يشاركه في هذا التفاؤل وكلاء الاسفار الروس الذين ياملون ان تستقبل تونس بين افريل و اكتوبر 2016 ما لا يقل عن 70 الف سائح تؤمن تنقلهم 9 الى 14 رحلة جوية اسبوعيا.
و اذا علمنا ان تونس لم تتحدد بعد كوجهة سياحية محبذة في اعين المواطنين الروس ادركنا ان هذا التفاؤل قد يكون في غير محله ناهيك وان بعض المختصين في السوق السياحية الروسية يؤكدون ان تونس لم تحتل بعد مكانا يذكرفي الوثائق الترويجية للاسواق السياحية قي البلاد الروسية تلك الوثائق التي يتداولها كبار وكلاء الاسفار في هذه البلاد و هؤلاء لم يعتمدوا بعد اية اسعار تفاضلية للتشجيع على الوجهة التونسية.
و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الاطار هو هل بامكان المعنيين بالشان السياحي في بلادنا القيام بما يلزم من المجهود الترويجي لاستقطاب المواطن الروسي و جلبه الى السياحة بتونس.
للاجابة عن هذا السؤال نقول اولا بان المنظمة العالمية للسياحة تقدم الوضع الاقتصادي السائد في روسيا على انه غير مريح نظرا لانخفاض اسعار البترول ( 40 دولار للبرميل الواحد ) في الاسواق العالمية و ما له من تاثيرات على بلد يعتمد اقتصاده في جزء كبيرعلى البترول و ما سينجر عن ذلك من مساس بالقدرة الشرائية للمواطن الروسي.
و كان لهذا الامرانعكاس سلبي على عدد السواح المغادرين لروسيا بحيث انخفض بنسبة الثلث خلال السنوات القليلة الماضية و قد اكدت هذا الانخفاض الوكالة الفدرالية للسياحة بروسيا ( 31 بالمائة بين سنتي 2014 و 2015 ) كما اكدت ان تونس خسرت 85 بالمائة من عدد السواح الروس سنة 2015.
و في المقابل نرى ان المنظمة العالمية للسياحة تبوب السوق الروسية على انها سوق واعدة تسجل اكبر نسبة نمو قدرت ب 7 فاصل 4 بالمائة سنويا بين 2011 و2016 كما تسجل مضاعفة حجم النفقات لدى السواح الروس ليبلغ 67 مليار دولار.
فهل سيحسن اهل السياحة عندنا – على غرار ما فعلته اسرائيل و كذلك المغرب – استغلال هذه الوضعية وبعض الوضعيات الاخرى المتعلقة اساسا بقرار منع السفرعلى الروسيين الى تركيا ومنع الطائرات الروسية من الذهاب الى مصر؟
فاسرائيل انفقت العشرات من ملايين الدولارات لجلب الروس نحو بلادها في حين خصصت المغرب 2 مليون دولار للتعريف بمنتوجاتها السياحية لدى المواطنين الروس..
و المعروف عن المواطن الروسي انه مغامر لا يعتبر السياحة ضربا من ضروب الكماليات و الرفاهية بل هي عنصر من العناصرالاساسية في نمط عيشه اليومي لذلك تراه يبحث عن الوجهات المضيافة ذات الشواطئ الخلابة و التي تجيد احكام العلاقة بين السعر و نوعية الخدمة ثم انها لا تستوجب الحصول المسبق على التاشيرة او التي توفر التاشيرة عند الوصول ..
كلها عوامل تخدم مصلحة تونس اذا ما استعد اهل الذكرللامر الاستعداد الامثل مستعينين في ذلك بالارادة السياسية الواضحة التي اعرب عنها رئيس الدوما الروسية ( البرلمان ) سارفي ناريشكين لدى زيارته الاخيرة لتونس ( نوفمبر 2015 ) عندما اكد الرغبة في تمتين العلاقات بين البلدين و اعلن عن عودة السواح الروس الى تونس بعد ان انخفض مجموعهم الى 100 الف سائح سنة 2015 مقابل 270 الف سنة 2014 .
وجدي مساعد
شارك رأيك