بقلم فرحات عثمان
إن ما قاله خطيب الجمعة في صفاقس* ليبيّن مدى دعدشة الإسلام التونسي. فأين أهل الإسلام الحق ليردّوا على من ظلم الدين وظلم الناس في فطرة جعلها الله في البعض منهم ؟ وكيف لا يكون ذلك بقانون يبطل تجريم المثلية؟
المثلية فطرة بشرية :
لقد ثبت اليوم بما لا يدعو مجالا للشك أن اللواط من طبيعة البشر، ما حرّمه القرآن ولا السنة الصحيحة؛ فلا حكم في الفرقان ما عدا القصص، وليست هي بتاتا أساس الحلال والحرام.
كما أنه لا حديث في الغرض لا في البخاري ولا في مسلم، وغير ذلك من الأحادث من المنحول؛ وهذا معروف معلوم عند جلة الفقهاء، وقد قال أبو حنيفة والشافعي في أصدق روايتيه أنه لم يثبت أي شيء في الأمر.
كيف إذن نواصل مغالطة الناس فنجعل من دينهم، وهو الثوري الإناسي، دين التزمت والظلم؟ أليس الإسلام دين العدل قبل كل شيء؟
فهذه المثلية قد اعترف بها العلم والعالم المتحضّر كفطرة في بعض البشر؛ وقد تبيّن أنها في الطبيعة، حيث الجنس لا يعرف التفريق بين الأجناس؛ فكيف نجرّمه ونطالب بقتل الناس؟ أليس هذا من الإفساد في الأرض؟ بل إنه من الإجرام الذي يعاقب عليه الله قبل عباده !
لنكف عن تشويه الإسلام بقانون!
إن ما قاله الإمام المغالط في دين الإسلام في صفاقس ليفرض على السلط التونسية إبطال أصل الداء، وهو هذا الفصل الجنائي عدد 230 الذي ليس هو حقيقية إلا مما داخل عاداتنا وتقاليدنا زمن الاحتلال.
فليس هو إلا هذا التعبير الصارخ عن الأخلاقية اليهودية المسيحية التي كانت سائدة في فرنسا في هذا الميدان إلى أن أبطلتها بعد فتوحات الديموقراطية بها، وذلك سنة 1982. وها نحن نبتغى الديمقر اطية. فكيف نؤسس لها ونحن نرفض الآخر المختلف؟
إن المثلي اليوم مثال كل آخر مختلف، فقبوله لهو القبول بكل آخر لتحقيق القفزة النوعية نحو دولة القانون؛ لذا، لا مناص من إبطال الفصل 230 جنائى، للكف عن تشويه الدين من ناحية، وللتأسيس للديمقراطية، وهي العيش المشترك، من ناحية أخرى.
فعسى يكون هذا بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمناهضة تجريم المثلية في السابع عشر من مايو الجاري !
فلقد بلغ السيل الزبى ولا بد من هبّة أخلاقية لا تكون إلا بالقانون الذي من شأنه أن يفرض تصحيح المغالطات الفضيعة التي نراها ببلادنا اليوم للأمل في الوصول لتحقيق السلام بها.
مع العلم أنه، قبل الاحتلال، لم تكن هناك مثلية بتونس، لأن الجنس تمامي عند العرب، أي لا يفرق بين الذكر والأنثى؛ فلم يخلق صنف المثلية إلا القانون الجائر الفرنسي، إذ ظاهرة المثلية من استنباط الغرب في القرن السابع عشر.
الأخلاق في الكف عن ظلم جنس طبيعي :
لنبطل إذن، باسم العودة للدين الصحيح، الفصل 230 جنائي ولنحرر الجنس ليعود كما كان عليه، أي الجنس الحر حسب طبيعة البشر لا حسب أهواء من يتاجر بالدين فيحلّل ويحرّم حسب هواه. فالأخلاق الصحيحة في الكف عن ظلم جنس هو في الطبيعة.
إن الإسلام يحترم الفطرة البشرية وقد كان سبّاقا للاعتراف بحق المثلي في العيش حسب الطبيعة التي وضعها الله فيه؛ فمنذ متى للمؤمن أو من يدّعي ذلك الحق في منع ما لم يمنعه الله؟
فتجريم المثلية كان من استنباط فقهاء أخذوا بالإسرائيليات، إذ ورد منع صريح للواط في الكتاب المقدس، بينما أتى الإسلام بتصحيح لذلك، فلم يمنع ما اعتبره فطرة بشرية، كما أيد ذلك العلم في تسعينات القرن الماضي.
لذا لا بد من إبطال الفصل 230 دون تأخير والدعوة للكف عن ظلم الناس وتشويه الإسلام. فليس في المجتمع التونسي أي مثلية، بل علاقات بين الجنسين في نطاق نظرة تمامية للجنس، كما كان ذلك في المجتمع الأغريقي والإسلامي. فهل تغنت ثقافة غير ثقافة العرب والإسلام أكثر منه بالمذكرّ والجنس المماثل؟
شارك رأيك