الرئيسية » الجبهة الشعبية : النص الكامل لمبادرة الانقاذ والبناء

الجبهة الشعبية : النص الكامل لمبادرة الانقاذ والبناء

الجبهة الشعبية

 

كان عدد من قياديي الجبهة الشعبية قد صرح ابان التئام الندوة الوطنية الثالثة للجبهة منذ أيام عن اعتزام الجبهة طرح مبادرة “للانقاذ والبناء” ذات أهمية قصوى.

وقد شرع المجلس المركزي للجبهة الشعبية في الاتصال بمختلف القوى الديمقراطية من أجل التشاور حول هذه المبادرة السياسية  التي أقرتها الندوة الوطنية الثالثة للجبهة الشعبية المنعقدة أيام 29 و30 أفريل وغرة ماي 2016 وسبل تفعيل العمل المشترك لـ”إنقاذ تونس من الأزمة الشاملة التي تعيشها”.

ويبدو أن بعض الأحزاب اليسارية والوسطية أبدت اهتمامها بالمبادرة مثل حزب المساتر الاجتماعي والديمقراطي والحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي وحركة الشعب.

وتعميما للفائدة ننشر  في ما يلي نص المبادرة :

“بعد سنة ونصف من حكم الائتلاف الرباعي بقيادة حزب “نداء تونس” و”حركة النهضة”، تعيش بلادنا وضعا كارثيا وأزمة حكم شاملة، لا يوجد في الواقع ما يؤشّر لإمكانيّة تجاوزها في المدى المنظور، وهو ما يهدّد وطننا ومجتمعنا بمخاطر كبيرة وما يتطلّب من القوى الديمقراطية والتقدمية وقفة حازمة لإيقاف حالة التدهور وإعادة الأمل للشعب التونسي.

وتتجلّى هذه الأزمة في:

*اقتصاد البلاد في حالة ركود، فنسبة النموّ سلبية والمديونية أصبحت لا تحتمل، والاقتصاد الموازي يتجاوز نصف الناتج الداخلي الخام، والتهرّب الجبائي يدمّر موارد الدولة، والفساد، الذي تحوّل إلى سياسة رسمية ممنهجة، ينخر الاقتصاد ومؤسسات الدولة والإدارة، والمافيات تتحكّم شيئا فشيئا في مفاصل المجتمع وتؤثّر في سلطة القرار، والائتلاف الحاكم يمعن في سياسة الاقتراض وفي التفريط في ثروات البلاد ومخزونها العقاري ومؤسساتها السيادية، على غرار البنك المركزي، لفائدة المؤسسات المالية الدولية التي تحكم قبضتها أكثر فأكثر على اقتصاد البلاد وتحوّل تونس إلى مستعمرة جديدة تتحكّم في مصائرها وتسدّ أمامها أبواب بلورة نمط تنموي جديد يحقق استقلالها ويخدم مصالح شعبها.

*أنّ الوضع الاجتماعي متدهور، فقد ظلّت نسبة البطالة مرتفعة وازداد الفقر والتهميش وتدهورت المقدرة الشرائية لغالبية الشعب، وتعمّقت الهوّة بين الفئات الاجتماعية وبين الجهات. وطال الفقر الفئات المتوسّطة من المجتمع. وساءت أوضاع خدمات الصحّة والسكن والنقل والتربية والثقافة والترفيه وأوضاع البيئة. وارتفعت معدّلات الجريمة والكحولية وتعاطي المخدّرات. وتفشّت ظواهر العنف وخاصة العنف الموجّه ضدّ النساء. واشتدّت أزمة القيم والأخلاق…

*الحالة الأمنية بالبلاد ما تزال هشّة. فرغم النجاحات الجزئيّة المسجّلة في مقاومة الإرهاب، بفضل قوات الأمن والجيش والمواطنين، فـإنّ المخاطر قائمة بسبب رفض الائتلاف الحاكم عقد المؤتمر الوطني لمقاومة الإرهاب خوفا من التقييم ومن تحديد المسؤوليّات عمّا جرى خاصة أثناء حكم “الترويكا” من اغتيالات سياسية ومن توفير مناخات ملائمة لتطوّر الإرهاب ولتسفير الشباب التونسي لبؤر التوتّر في المشرق العربي.

*السياسة الخارجية للبلاد تشهد ارتباكا غير مسبوق وتفريطا مفضوحا في السيادة الوطنية وخضوعا ذليلا للإملاءات الخارجية في كافّة المجالات وانخراطا في سياسة المحاور الإقليمية والدولية التي تتنافى مع مصالح شعبنا وشعوب المنطقة.

ومع تزايد فشل الائتلاف الحاكم في كافة المستويات وخاصة في المستوى الاقتصادي والاجتماعي وما يثيره ذلك من احتجاجات اجتماعية، خاصة في أوساط الشباب المفقّر والمعطل عن العمل وفي الجهات والمناطق والأحياء الفقيرة والمهمشة، فإنّ هذا الائتلاف ما انفك يتّجه نحو تكريس سياسة قمعية، رجعية تهدف إلى الالتفاف على مجمل الحقوق والحريات العامّة والفردية بما في ذلك الحريّات النقابية، وتهدف أيضا إلى تجريم التحرّكات الاجتماعية ونشاط المعارضة والعمل النقابي وإلى التراجع عمّا جاء في الدستور من مكتسبات ديمقراطية وتعطيل تجسيدها في مؤسسات وتشريعات، مع محاولة الارتداد عن النظام السياسي الذي ينصّ عليه الدستور والعودة إلى نظام “رئاسوي” بغاية إعادة إنتاج منظومة الاستبداد القديمة.

يضاف إلى ذلك محاولات الالتفاف على مسار العدالة الانتقالية والتصالح، دون محاسبة، مع رموز النظام القديم، وإعادتهم إلى الواجهة للاستنجاد بخبرتهم في القمع وفي الاحتيال على الشعب، وطيّ صفحة الاغتيالات السياسية وخاصة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي في إطار صفقة خسيسة بين قطبي الحكم، “النداء” و”النهضة”، علاوة على الالتفاف على ملف شهداء الثورة وضحايا الإرهاب من الشهداء الأمنيّين والعسكريين والمدنيين.

إنّ كلّ هذه المؤشّرات والوقائع تؤكّد أنّ بلادنا في مأزق، وأنّ الوضع خطير بكلّ المقاييس. ولا شيء ينبئ بالخروج منه بسبب إصرار الائتلاف اليميني الرجعي الحاكم على اتّباع نفس الاختيارات الفاشلة واستمراره في التعاطي مع الحكم كغنيمة ممّا أدّى إلى استفحال ظاهرة الصراعات على المواقع والكراسي دون اعتبار لمصلحة الوطن. وهو ما يحتّم على الشعب التونسي وكلّ قواه الحيّة التحرّك السريع من أجل إنقاذ البلاد من الانهيار وإعادة وضعها على سكّة النهوض.

إنّ الجبهة الشعبية تتوجّه إلى الأحزاب السياسية والجمعيّات والمنظّمات المدنية والنقابات والفعاليات الشبابية والنسائية والثقافية والحقوقية والاجتماعية والبرلمانية، الديمقراطية والتقدمية، من أجل توحيد الجهود ورصّ الصفوف، بمختلف الصيغ والأشكال المتاحة للعمل المشترك والتنسيق الميداني لإيجاد السبل الكفيلة بتعديل موازين القوى لإنقاذ بلادنا وإخراجها من أزمة الحكم التي دخلت فيها وإعادة الأمل للشعب التونسي الذي ثار ضدّ الاستبداد والفساد والاستغلال الفاحش لتغيير أوضاعه وتحقيق طموحه في بناء مجتمع جديد عصري قائم على مبادئ الحرية والديمقراطية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية.

لذلك تدعو الجبهة الشعبية كلّ هذه القوى إلى الدخول مباشرة في مشاورات نقترح لها المحاور التالية:

-العمل على تكريس الدستور في مؤسسات وتشريعات ديمقراطية، ومواصلة الدفاع عن الحريات الفردية والعامّة، بما في ذلك الحرية النقابية، وقيم المواطنة والمساواة.

-العمل على تفعيل مسار العدالة الانتقالية والتصدّي لكلّ محاولات الالتفاف عليه عبر تمرير مشاريع ما يسمّى بـ”العفو الوطني الشامل” أو “المصالحة الاقتصادية والوطنية” وغيرهما…إلخ

-وضع استراتيجيا وطنية لمكافحة الإرهاب بكلّ أشكاله وكشف الحقيقة في الاغتيالات السياسية والتصدّي لمحاولات الالتفاف على قضيّتي الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي.

-الدفاع عن حقوق شهداء الثورة وجرحاها.

-بلورة خطّة لتفكيك منظومة الفساد بمختلف مظاهرها وتجلّياتها.

-ضبط إجراءات استعجالية واقعية وممكنة التحقيق لإيقاف تدهور الاقتصاد ودفع عجلة النموّ من جديد، خاصة في الجهات والمناطق المهمّشة، بهدف التقليص التدريجي من البطالة وتحسين الخدمات العمومية والبنية التحتية، والتصدّي للتفريط في ثروات البلاد ومخزونها العقاري ومؤسساتها السيادية للقوى والمؤسسات المالية الأجنبية.

-بلورة سياسة خارجية متوازنة، تحافظ على سيادة الوطن وتنوّع علاقاته الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية بما يخدم مصالح شعبه والتصدّي لكافة مظاهر التفريط في السيادة الوطنية والزجّ بالبلد في محاور إقليمية ودولية معادية لمصالح شعبنا ومصالح الوطن العربي والإنسانية.

-حماية المكاسب التي حقّقها المجتمع التونسي في مجال حقوق المرأة وتطويرها وتعميقها وفي مجال توحيد التعليم والانتصار للقيم الحداثية والتقدمية والتصدّي لكلّ محاولات النكوص والارتداد نحو مشاريع رجعية متخلّفة خبرت التونسيّات والتونسيّون بعض مظاهرها واكتووا بنارها.

-الاستعداد للانتخابات البلدية بما يضمن تعميق المسار الديمقراطي ويجنّب البلاد احتكار مكوّنات الائتلاف اليميني الرجعي للحياة السياسية وعودة منظومة الاستبداد.

ع.ع.م. (بلاغ)

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.