كلمة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في تأبين النقيبة نجيبة الحمروني ألقاها رئيس النقابة ناجي البغوري منذ حين في مقر النقابة بتونس:
“الله أكــــبــر الله أكــــبــر …إنا لله و إنأ إليه راجعون..
ما كنت لأحسب نفسي أبحث عن كلمات تليق بوداعك و أي وداع ؟… ما كنت لأتوقع أن نكون في ذات المكان الذي رسمنا فيه حلماً بأبعاد لا تنتهي و بمسافات أزلية لا يختزلها سوى الموت . ما أعظم المصاب وما أعظم الرحلة التي بدأت في مهنة المتاعب، في هذا المقر الذي حوصرت فيه ذات يوم، و كم حوصرنا ؟ و اقتدت منه الى مراكز البوليس السياسي ،وكم اقتدنا ؟..
نودعك اليوم اختاً و رفيقة وزميلة عزيزة ، ونحن نعزي أنفسنا ، نعزي كل الصحفيات و الصحفيين الذين عرفوك شامخة و قوية تتنفسين هواء المهنة وتتعطرين بعطرها. نودعك اليوم و نعزي فيك أنفسنا و نعزي فيك كل النساء و كل المناضلين و كل الديمقراطيين .
أيتها العزيزة و الرفيقة بالأمس وعند أول الليل غيبك الموت ، تحديدا يوم عيد الأمهات وكنت تصارعين الموت بشجاعة نادرة و لك في هذه الدنيا أكثر من أم ، أمك السيدة الفاضلة “الزهرة” التي أشفقت عليها من عناء الحزن والقهر فأخفيت عنها تفاصيل مرضك .
وهذه الصحافة كانت أيضا أما ثانية لك .
رضعت حليبها وشرفها وحبها وعشت لأجلها صابرة مكابدة لمشاقها.
يودعك اليوم زملائك وزميلاتك اللواتي خضن معارك لن تنتهي ، واسمحوا لي أن أؤنث المذكر في حضرتها .
قسما بأن معركتك هي معركتنا فماعاش في تونس من لا يحب نساءها ….
يودعك اليوم الأحبة، وعلى رؤسهم نساء شامخات كنت لهن عنوان معارك شريفة من أجل المساواة وأنت التي رفضت العدالة من دونها …
يودعك اليوم ديقراطيات وديمقراطيون ومناضلات ومناضلون خبروك في ساحات الزمن العصيب تذودين بلا تردد عن إستقلالية النقابة وعن حرية الصحافة وتسندين الجدار حين يعز السند
برحيلك [ يا نجيبة الحمروني] تكون الأسرة الإعلامية قد فقدت صحفية فذة و مناضلة شرسة في الدفاع عن الحريات والمهنة وشرفها وعن النقابة ، تحملت مسؤولية رئاسة النقابة في أصعب الفترات، في فترة إنتقالية حساسة، خاض خلالها الصحفيون إضرابين عامين غير مسبوقين وطنيا وعربيا من أجل صحافة حرة منحازة إلى قضايا الشعب.
تركت بصمة لا تمحى في مسيرة مهنة الصحافة كصحفية و كنقابية منذ أن كنت عضوا بالمكتب التنفيذي للنقابة الذي تم الإنقلاب عليه عهد الديكتاتورية.
رحلت أيتها الصحفية المكافحة المناضلة ولكنك تركت صورة مليئة بالحياة لإمراة عاشت و ماتت من أجل مبادئها و من أجل مهنتها .
أراك اليوم و أرى طيفك الشامخ … و أراك تتنفسين ، نعم أراك تتنفسين الحرية …
و هل تموت الحرية التي ناضلت من أجلها كتونسية وطنية أصيلة ؟ …
إنا لله و إنا إليه راجعون..’
شارك رأيك