بقلم فرحات عثمان
ليست فاجعة أورلاندو مما يمر عابرا؛ فسوف تكون لها تداعيات مثل ما حدث لهجمة 11 سبتمبر. إذ لن تسكت السلط الأمريكية عن حق الضحايا الأبرياء؛ ولسوف تسعى جاهدة للعمل على تحديد المسؤوليات والضرب بقوة على أيدي من كان وراء هذه الفاحشة الفحشاء.
ذهنية إرهابية إسلاموية
كشفت المجزرة البشعة أن اليد القاتلة كان يحرّكها ذهن إرهابي، وهو يعشعش في رؤوس العديد من شركاء أمريكا وعملائها السياسيين. إنه بحق اليوم طابور خامس على أرض الولايات المتحدة وبالغرب، لم يعد بالإمكان تجاهله لمنعه من ضربهما في الأعماق مرة أخرى، بل ومرات.
لقد عبّرت مجزرة أولاندو المستور الفاحش عند من يدّعي الأخذ بالإسلام وهو مجرد تاجر يطفف بدين إسلاموي، أي هذا الفهم المتزمت لملة بريئة مما يفعل المجرمون باسمها لقتل الأبرياء.
هذا الإسلام الدعي، في طروحاته التي تنقض سماحة الإسلام الصحيح، يجعل من المسلمين المغرر بهم قنابل موقوتة تحرّكها أذهان مريضة، بل بلهاء يتوجب الرعاية بها كمن فقد عقله؛ فلا مكان للأهبل بين الناس الأصحاء، سليمي العقل.
فطالما تواصل الاعتقاد أن الإسلام يحرّم المثلية، طالما بقي الخطر محدقا؛ لأن أي مسلم، بما فيه حسن النية، من شأنه التغرير به بما في هذه الذهنية الإرهابية من قوة جذب تجعله يقع بسهولة بين براثن السفاحين الأدعياء على الإسلام.
فاحشة تجريم المثلية
لقد ثبت اليوم بالدليل القاطع أنه لا تحريم ولا تجريم للمثلية أو اللواط في الإسلام؛ فالفاحشة هي في عدم احترام المثليين وحقهم الثابت في الجنس المماثل واعتباره من الفحش، يستحقون عليه الموت باسم دين بريء من هذه الترهات.
هذا هو المستور الذي فضحته فاجعة أورلاندو، والذي لا مناص للسلط الأمريكية من الاعتبار به؛ إذ لا مندوحة من إبطال القوانين المجرّمة للمثلية في البلاد الإسلامية. إنها رجس وخزي تجاهله الغرب إلي اليوم باسم احترام الخصوصيات الدينية؛ وفي هذا، ما سعى الغرب حقيقة إلا للتشجيع الخفي على كراهة الإسلام وهو بريء حقيقة من تهمة تجريم المثلية.
فهلا بادرت السلط التونسية بالعمل على إصلاح ما فسد في قانونها الوضعي وأبطلت النص المؤسس لكراهة المثلية، أي الفصل 230 جنائي، الذي لا يزال يسمح بأحكام مخزية، كهذا القرار الصادر بالأمس عن القضاء بصفاقس، وهذه الدعوات الهمجية على المنابر والقنوات التلفزية!
مقاومة الإرهاب الذهني بقانون
إن مسؤولية الدولة اليوم لفي المبادرة في أسرع وقت بمقاومة هذا الإرهاب الذهني؛ ولا يكون ذلك إلا بتقديم مشروع قانون لإبطال الفصل اللعين.
فهو لا يفتأ ينمّي بذهن كل من تسوّل له نفسه المريضة مد يده أو لسانه على أخيه وأخته اعتقادا منه أنه يسعى للأمر بالمعروف النهي عن المنكر وإعلاء كلمة الإسلام. إلا أنه يغيب عنه، لبلادة فكره وفساد ذهنه، أنه لا يعمل بذلك إلا بأمر الشيطان، ناهيا عما لم يحرّمه الإسلام، هاويا بالحنيفية المسلمة وبإناستها من علّيين إلى سجّين.
هذا، مع الإشارة أن المجتمع المدني قدّم إلي السلط المسؤولة منذ مدة مشروع قانون نعيد التذكير به في ما يلي لما يتعيّن؛ فلعل الذكرى تنفع المؤمنين.
مع العلم أن هذا النص، الذي يرفضه البعض في الجمعيات اللائكية لذكره للإسلام، متوازن ومتزن، لا يظلم أحدا، بل يعمل على إعلاء كلمة السواء ببلدنا باحترامه التام للدين وللدولة المدنية كما هو في الدستور.
وإن الأمل لكبير في أن يتبنى مثل هذا المشروع الحزب الإسلامي الذي وُجهت له منه نسخة للبرهنة على حسن نيته وتعلقه الصادق بمبادىء الديمقراطية، وهي أولا وقبل كل شيء القبول بالآخر المختلف لأجل العيش الآمن المشترك.
ولعله من المفيد التذكير، في الختام، أن رئيس حزب النهضة كان عبّر أمام الإعلام الغربي أنه لا يرى مانعا من إبطال الفصل اللعين، هذا الراسب المخزي من الاستعمار والأخلاقية اليهودية المسيحية.
هلا صدق إذن ودلل على حسن نيته؟ فالدين القيّم هو حسن النية وكلمة الحق، وهي في إبطال ظلمنا الفاحش في حق المثليين الأبرياء من كل فحش وفاحشة.
مشروع قانون في إبطال تجريم المثلية
حيث أن كراهة المثلية مخالفة لحقوق الإنسان في حياة مجتمعية آمنة، وهي أساس الديمقراطية؛
وحيث أن التوجه الجنسي للبشر من حياتهم الخصوصية التي تضمن حريتها دولة القانون والإسلام؛
وحيث أن الفصل 230 من القانون الجنائي يخرق الإسلام وينتهك تسامحه، إذ لا كراهة فيه للمثلية لاحترامه لحرمة الحياة الخاصة للمؤمن وضمانه التام لها؛
فإن مجلس نواب الشعب يقرر ما يلي :
فصل وحيد
نظرا لأن الحياة الخصوصية محترمة ومضمونة دستوريا بالجمهورية التونسية، لذا، أُبطل الفصل 230 من القانون الجنائى.
PROJET DE LOI : Abolition de l’homophobie
Attendu que l’homophobie est contraire aux droits de l’Homme et au vivre-ensemble paisible, à la base de la démocratie,
Attendu que l’orientation sexuelle relève de la vie privée que respectent et l’État de droit tunisien et l’islam,
Attendu que l’article 230 du Code pénal viole la religion musulmane qui n’est pas homophobe étant respectueuse de la vie privée de ses fidèles qu’elle protège ;
L’ARP décide :
Article unique
La vie privée étant respectée et protégée en Tunisie, l’article 230 est aboli.
شارك رأيك