اتسع اليوم مجال التطبيقات المعلوماتية بشكل جعل المعاملات عن بعد واقعا ملموسا يعيشه المواطن ويبشر بالتأسيس لادارة خالية من الورق.
عندما يستمع الواحد منا الى الخطابات و التصريحات المتتالية لوزير تكنولوجيات الاتصال و الاعلام و الاقتصاد الرقمي و ما يروج له من معطيات حول تنفيذ الاستراتيجية الوطنية في هذا القطاع الهام و الحساس يدرك ان البلاد قد دخلت بعد في طور جديد ميزته تسارع المعلومة و سرعة الخدمة و نجاعة الهدف المنشود.
و المتامل في مختلف المحاور التي ترتكز عليها هذه الاستراتيجية و ما سيكون لها من تاثير على نمط حياتنا اليومية افرادا و مجموعات و مؤسسات و ادارات يتبين عمق الابعاد التي تميز البرامج و المشاريع المزمع تنفيذها لتمكين البلاد من الارتقاء الى مرتبة الدول المتقدمة التي اتسع فيها مجال التطبيقات المعلوماتية بشكل جعل المعاملات عن بعد واقعا ملموسا يعيشه المواطن في تلك البلدان في علاقته بكل الهياكل و المؤسسات ايا كان مجال اهتمامه او نوعية المعاملات التي ياتيها في حياته الخاصة او المهنية عموما.
ولعل ما يلفت الانتباه في الاوضاع السائدة في بلادنا هو الفرق الشاسع بين الخطاب ببعديه السياسي و التقني و الواقع المعيش في علاقة الفرد بتلك التكنولوجيات الحديثة الزاحفة التي يصفها الوزير ” التسونامي ب”.
فعندما نتامل ما يجري في دواليب حياتنا اليومية يتضح لنا ان الهدف المنشود ما زال بعيد المنال انطلاقا من بعض الامثلة الحية اتي يصعب القبول بها في بلاد عاشت تكريس مجتمع المعلومات منذ عقدين او اكثر او على الاقل منذ القمة العالمية التي احتضنت فعالياتها سنة 2005.
ففي الوقت الذي يتحدث فيه الوزير عن امكانية الدفع و الصرف بواسطة الهاتف الجوال نرى ان الحواسيب تبقى معطلة لايام او حتى لاسابيع في عديد الادارات ولا سيما البلدية منها بسبب نزول الضغط في اسلاك التواصل.
فيصعب القبول بانقطاع الخدمة مثلا في مصالح المحاكم الابتدائية من جراء ذلك الخلل الفني وخصوصا عندما يتعلق الامر باستخراج نسخ من السجل التجاري مع ما لهذه الوثائق من قيمة في نشاط المؤسسة الاقتصادية و في علاقتها بكل المتعاملين معها.
و اذ ترتكز الاستراتيجية الوطنية لترسيخ الاقتصاد الرقمي على عدة محاور من بينها الوصول سنة 2020 أي مع نهاية المخطط التنموي الحالي الى ادارة خالية من الورق ( صفر من الورق) فان الامر يستدعي التخلي باسرع الاوقات عن بعض السلوكيات و الممارسات التي ولى زمانها و التي خلنا انها اصبحت في عداد الماضي الذي لا وجود له الان في تونس “الحديثة”.
انظر ما يحدث في مطاراتنا عند الخروج او عند الدخول فمصالح الامن الحدودي مازالت تطالبك بتعمير تلك الجذاذة البيضاء التي تستهلك من الورق الثمين ما لا احد احصى ولا احد قدر و التي –دون الدخول في خصوصيات العمل الامني- لم تعد الحاجة اليها ضرورية في اعتقادنا بحيث حان الوقت للاستغناء عنها طالما ان كل البيانات المطلوبة متوفرة في اليافطة المغناطيسية لجواز السفر.
قد تكون هذه الملاحظة جزئية ليست ذات اهمية كبرى في تطوير المنظومة المعلوماتية و لكنها يمكن ان تشكل مدخلا لبلوغ ما نصبو اليه أي ادارة متطورة خالية من الورق
وجدي مساعد
شارك رأيك