عندما نرى-اواسط شهر جويلية-الحركة المتدفقة للحافلات المقلة للسواح الاجانب في نزل بجهة المنستير يهزنا الشعور بان القطاع السياحي بدا يتعافى لان هذه الحركة غابت بالمرة في الموسم الماضي…
و بالفعل فقد اتضح ان اصحاب هذا النزل و كل العاملين فيه-على غرار عديد الوحدات الفندقية الاخرى- تنفسوا الصعداء لكسر الجمود الذي ضربهم الموسم الماضي بفعل الاحداث الارهابية (باردو- سوسة) و الذي اضفى عليهم مسحة من البؤس و الحزن تحولت بهجة وانشراحا هذه السنة.
و عندما نعلم ان هذه الوحدة الفندقية التي نتحدث عنها قد اغلقت باب الحجز حتى منتصف اوت من هذه السنة بطاقة استيعاب تناهز 2500 سرير و ان الاغلبية الكبرى من حرفائها تتشكل من السواح الاجانب ادركنا معنى عودة الروح الى قطاع يسعى الى استعادة عنفوانه بعد ان تراجعت جل المؤشرات لديه.
فمساهمته في الناتج الداخلي الخام التي تدحرجت من 7 بالمائة سنة 2010 الى 5 فاصل 8 سنة 2015 تؤثر حتما و بصفة مباشرة في الحركية الاقتصادية و التنموية عموما ان هي استرجعت نسقها العادي و ذلك بفعل العلاقة العضوية بين السياحة و عديد القطاعات الحيوية الاخرى.
ان المهنيين لينتظرون انطلاقة جديدة حتى وان كانت غير كافية لضمان القفزة المنشودة بعد ان بذلوا بعض الجهد الاتصالي و التنموي الاشهاري قصد طمانة الاسواق التقليدية بخصوص الاوضاع الامنية في البلاد و تنشيط السوق الداخلية و اقتحام الاسواق الجديدة .
و قد أتى هذا الجهد اكله و ان بشئ من النسبية- فالى جانب العودة المحتشمة لبعض الجنسيات الاوروبية من فرنسيين و انقليز و المان في عدد من المناطق السياحية بدات افواج السوق الروسية تتوافد على البلاد بنسق تصاعدي منذ افريل الماضي و باعداد محترمة قدرت بحوالي 230 الف سائح روسي حتى العاشر من جويلية – و من المنتظر ان يبلغ مجموع الوافدين الروس 500 الف سائح مع موفى السنة الحالية.
تقول السيدة “فالنتين فارتال” التي التقيناها بالمنستير وهي اكرانية الاصل تعمل لصالح وكالة اسفار تركية و تشتغل على السوق الروسية – تقول ” ان ما وجدته الافواج الاولى من حسن القبول وما عاينوه من جمال البلاد و طيبة اهلها دفع الى تكاثر اعداد السواح بصفة تدريجية نحو تونس بحيث استطاعت وكالتنا ان تسجل معدل 4500 سائح في الشهر الواحد مع اعتماد اسعار محترمة بالنسبة لاصحاب الفنادق”.
و معلوم ان السوق المغاربية و خاصة الجزائرية تعد من الركائز الاساسية للمنظومة السياحية الوطنية اذ من المنتظر ان يرتفع عدد الوافدين من القطر الجزائري الشقيق من000 480 1 سائح سنة 2015 الى مليون و 600 الف سائح مع نهاية سنة 2016 .
واذ يستعمل هؤلاء في اغلبهم ( 80 بالمائة ) الوسائل البرية لتنقلاتهم فان تعزيز النقل الجوي بسفرات اضافية هن من تقديم المشغل الخاص “نوفال ار” بمعدل 3 سفرات ذهابا و ايابا في الاسبوع حري بان يزيد في تطوير السوق الجزائرية و تعزيز اواصر التقارب و التواصل بين الاشقاء في كلا البلدين – و تاتي هذه الاضافة لدعم الخدمات المقدمة من قبل الناقلتين الوطنيتين التونسية و الجزائرية عبر الرحلات المنظمة.
و كم يكون الامر مفيدا لو تمت العودة الى استعمال النقل البحري بين العاصمتين تسهيلا لتوافد الاعداد الكبيرة من الراغبين في السياحة على ارض تونس وتقليصا لحجم حوادث المرور على الطريق و ذلك في انتظار احياء خط السكك الحديدية بين تونس و الجزائر و الدار البيضاء بالمغرب الشقيق و الذي يعتبره الخبراء الوسيلة المثلى للنقل المكثف باقل التكاليف.
و من ناحية اخرى كان للمجهود التحسيسي التنموي المبذول من قبل الساهرين على القطاع السياحي اثره كذلك على السوق الداخلية التي استطاعت سنة 2015 ان تتصدر قائمة الاسواق السياحية التي اختارت الوجهة التونسية فقد احتلت السياحة الداخلية المرتبة الاولى في عدد الليالي المقضاة ب 5 فاصل 5 مليون ليلة حسب ما صرح به مؤخرا رضوان بن صالح رئيس الجامعة التونسية للنزل وهو ما يستدعي تكثيف العناية بهذا الصنف من الحرفاء بمزيد الاقتراب منهم و تلمس بعض الحاجيات الخصوصية لديهم.
و الحريف التونسي حريفان حريف في الداخل و حريف في الخارج وفي هذا الاطار تجدر الاشارة الى ابناء تونس المقيمين خارج حدود الوطن الذين يبقون هم ايضا في حاجة الى الاحاطة و التحسيس باهمية دورهم في تطوير المنظومة السياحية فعددهم يناهز مليون و نصف المليون نسمة و اغلبهم يعيشون داخل الفضاء الاوروبي حيث التمثيليات النشيطة للديوان الطني للسياحة.
و هذه الهياكل مدعوة الى الاهتمام بهذا الصنف من الحرفاء حتى يسهموا في ترسيخ ما يعد له القطاع من استراتيجية عملية لترتقي بادائه الى المنزلة المطلوبة اعتبارا لدوره في دعم المداخيل من العملة الاجنبية وفي تنشيط الدورة الاقتصادية الوطنية ناهيك و ان السياحة توفر الشغل بصفة مباشرة او غير مباشرة لما لا يقل عن 500 الف مواطن تونسي يعملون داخل الفضاءات السياحية او حولها .
وجدي مساعد
شارك رأيك