احتضنت مدينة بنزرت الجمعة الماضي اولى ورشات العمل الجهوية حول “الأليكا” مع مكونات المجتمع المدني و ممثلي الهيئات المهنية و الفاعلين الاقتصاديين.
وتتنزل هذه الحلقات التشاورية في اطار ترسيخ البعد الجهوي ضمن المقاربة التشاركية لاعداد المفاوضات بين تونس و الاتحاد الاوروبي حول اتفاق التبادل الحر الشامل و المعمق “الأليكا” .
و هذه الورشة التي تعد امتدادا لورشة وطنية انعقدت يوم 13 جويلية بزغوان اشرف على تسيير اشغالها رضا بن مصباح المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون الاقتصادية بحضور عدد من اعضاء اللجنة الوطنية المكلفة باعداد تلك المفاوضات مع الطرف الاوروبي.
ففي كلمة افتتح بها الاشغال ذكر رضا مصباح بالاهداف التى ترمي اليها هذه المفاوضات من حيث توسيع مجال اتفاق الشراكة الممضى مع الاتحاد الاوروبي سنة 1995 ليشمل الفلاحة و الخدمات و لتعزيز الاندماج بين السوقين بين انها تنطلق في ظرف يتميزبالشروع في انجاز المخطط التنموي 2016 -2020 الذي يرتكز على محاور اساسية ثلاثة هي النجاعة الاقتصادية و الاندماج الاجتماعي و استدامة التنمية مضيفا ان المخطط انما يطمح الى تجسيم النمو القادر على تحقيق القيمة المضافة المرجوة نظرا لضعف اندماج تونس في النسق العالمي لهذه القيمة التي تعد السبيل المثلى لتثمين منتوجاتنا عالميا.
و بين عضو الحكومة ان نجاح هذه المفاوضات يتطلب اعداد الدراسات التقييمية للخطوات الاولى و ما سيترتب عن فتح قطاع الخدمات امام المنافسة العالمية من تاثيرات على المنظومة الاقتصادية الوطنية كما يتطلب اعتماد سياسات قطاعية تمكن من ضبط القرص السانحة التي بها نضمن الاندماج الفعلي و الناجع لتلك المنظومة.
و بعد ان تولت ا فاطمة الوسلاتي المديرة العامة لوحدة التصرف حسب الاهداف الخاصة بالمفاوضات حول اتفاق “الاليكا” تقديم عرض حول مسيرة هذه المفاوضات منذ انطلاق مرحلتها الثانية في اكتوبر 2015 و حول الهياكل و الاليات التي تم اقرارها لمتابعة هذه الملف فتح باب النقاش فجاءت تدخلات المشاركين عديدة و متنوعة ابرزت حرصا كبيرا على ضرورة التريث في تسيير هذه المفاوضات ضمانا لمصالح البلاد و تحقيقا لما ترنو اليه من طموحات.
و اذ تساءل المتدخلون عن مدى جاهزية الجهات في الغوص في تفاصيل هذه المفاوضات فانهم اشاروا الى كلفة عدم الاندماج المغاربي و تاثير ذلك في سير الحوار الذي سيكون بالتاكيد في نظرهم غير متكافئ معبرين عن كامل الاسف لغياب الرؤية الموحدة بين كافة الاطراف المتدخلة كما اشاروا الى اشكاليات القطاع الفلاحي و ما يتطلبه من تطوير و تعصير لاليات العمل اضافة الى ضرورة الاهتمام بالقطاع الطبي و بالسياحة الاستشفائة التي لم تحظ بعد بالعناية اللازمة في حين انها تبقى من القطاعات الواعدة .
و اذ تركزت اتفاقية الشراكة لسنة 1995 على القطاع الصناعي و ما تطلبه الامر من برنامج تاهيلي شامل فقد تم التعبير عن الاستياء من تاثير النتائج السلبية لهذا الاتفاق على النسيج الصناعي للبلاد ناهيك وان العديد من المؤسسات الصناعية قد اغلقت ابوابها و لا سيما في قطاعي الجلود و الاحذية و النسيج والملابس..
“و قد يكون من اسباب هذا التراجع في اداء القطاع الصناعي- يقول احد المتدخلين- ضعف التاطير و ضعف الاقبال على انتداب الكفاءات العليا و عدم القدرة على تثمين براءة الاختراعات التونسية التي لا تجد حظها في الداخل ولا يمكن ان تجده في الخارج بدليل ان الطرف الاوروبي مازال منكمشا على ذاته غير قابل لفتح الابواب امام حرية تنقل الاشخاص على غرار ما يتشبث به بكل شراسة في باب حرية تنقل البضائع و السلع والخدمات باختلاف اصنافها.
ومهما يكن من امر فان ممثلي المجتمع المدني و الهيئات المهنية و الفاعلين الاقتصاديين المشاركين في هذه الورشة يوصون بتعزيز القدرة التنبؤية في استحضار المخاطر التي قد تنجم عن هذه المفاوضات و الاليات الناجعة لتداركها اضافة الى العناية بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و بالخصوص فيما يتعلق بابناء الوطن المقيمين في الفضاء الاوروبي..
وجدي مساعد
شارك رأيك