بقلم فرحات عثمان تتجه النية في الحكومة المرتقبة إلى تقليص عدد الوزراء بهيكلة جديدة تدمج فيها عدة وزارات؛ فهلا دمجمنا الشؤون الثقافية والدينية في وزارة واحدة للتأكيد على أن الإسلام ليس مجرد الشعائر، بل هو أساسا ثقافة؟
الإسلام شعائر وثقافة
إن ما يُفسد دين الإسلام اليوم هو تقزيمه إلى دين شعائري كما هو الحال في اليهودية والنصرانية، بينما الدين القيم يمتاز عليهما بكونه الدين والدنيا.
ولا شك أن الجانب المدني في الإسلام له الأهمية الكبرى، إذ لا تقوم الحضارات بمجرد الشعائر بل بالمعاملات وثقافة العيش المشترك في أمن ودعة وسلام.
لذا، من المتأكد على الدولة التونسية، التي أكد الدستور فيها على طبيعتها المدنية، الحرص على تدعيم الجانب الثقافي للدين. وبديهي أن ذلك لا يكون إلا بإخراج فهمنا له من بوتقة الشعائر إلى رحاب الثقافة. فهذا هو السر الذي مكن الإسلام من تكوين حضارته العالمية العلمية.
حصر المظاهر الرسمية في مصالح المفتي
هلا استغل إذن رئيس الحكومة المكلف فرصة تكوين حكومته الجديدة على مقاس جديد وهيكلة ناجعة، وذلك بالقيام بثورة عقلية حقيقية؟
إنها تتمثل في تفعيل مدنية الدولة على المستوى الحكومي بالقطع مع عادة قديمة سيئة تتجلى في الصفة الحالية للدين كشعائر؛ ويكون ذلك بالتأكيد على خاصيتة الأولى كثقافة كونية.
إن هذا لمن شأنه أن يحتّم دمج وزارة الشؤون الدينية بوزارة الشؤون الثقافية، مؤديا إلى تخصيص الجانب الشعائري من الدين لمصالح مفتي الجمهورية وحصرها فيها. فمن شأن ذلك التدليل على مدنية الدولة بتمكين الحكومة من التفرغ إلى تنمية الجانب الثقافي في الإسلام المهمل حاليا.
إنه لا خلاص لتونس وللإسلام من أهوال التزمت والدعدشة إلا بتفعيل التفريق الذي يضمنه الإسلام، بل ويفرضه فرضا؛ ألا وهو التفريق التام بين المجال الخاص والعام.
فالدين بشعائره لا يهم إلا المجال الخاص في علاقة مباشرة بين الله وعبده؛ أما المجال العام، فيتجلى فيه الدين في صبغته الثقافية التي لا دخل للشعائر فيها؛ وتلك من مشمولات الدولة المدينة.
ألا هل يستغل السيد يوسف الشاهد هذه الفرصة التاريخية ليفعّل ما فيه خلاص تونس والإسلام من طغيان التزمت، فنجدد قراءتنا للدين حسب أصوله الصحيحة لا ما فسد منها جراء سلفية الأكاذيب التي تهدم صرح دين القيمة بلا هوادة؟
شارك رأيك