بفضل جمهور استثنائي لم يتخلف عن حضور أي سهرة من سهرات “خارج الأسوار” ضمن فعاليات الدورة الثانية والخمسين لمهرجان قرطاج، يمكن القول إن الثقافة التونسية كسبت فضاء جديدا ساحر هو بازيليك “سان سيبريان” الذي أثبت قدرته على استقطاب جمهور محب للتجارب الجديدة والمجددة، متذوق للموسيقى الراقية.
ليلة أمس كان الموعد مع اختتام برمجة “خارج الأسوار” بعرضين اثنين الأول “موشح” لنوفل بن عيسى والثاني من تدبير الفنان الكبير “صلاح مصباح” الذي اهتزت أركان البازيليك بصوته الجميل وآدائه عالي الإحساس.
كانت سهرة موسيقية أصيلة، استهلها “نوفل بن عيسى” وضيفه عازف الكمنجة المصري “حسن شرارة” بعرض “موشح” الذي قدم فيه مسار الموشح من الأندلس إلى إفريقية ثم إلى الشرق العربي، من خلال عدد من الموشحات المعروفة القديمة أغلبها من تأليف “عطية شرارة” إضافة إلى موشحات أخرى حديثة والأزجال المشهورة.
وقد شارك في الآداء بصوت متمكن وإحساس عال الفنان “نزار بوصحيح” والمجموعة الصوتية لجمعية مقامات المعززة بطلبة المعهد العالي للموسيقى بتونس في النصف الثاني من السهرة، انتظر جمهور بازيليك “سان سيبريان” بشغف كبير إطلالة الفنان المتميز “صلاح مصباح” الذي كان أنيقا كعادته، لبقا كعادته بادر قبل صعوده على ركح “البازيليك” بإهداء مدير الدورة الثانية والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي “محمد زين العابدين” باقة من الورود.
كما رمى جمهور باقتين تحية منه لمدير المهرجان ولجمهور هذا الفضاء الساحر الذي لم يرض بالمغادرة مطالبا “صلاح مصباح” بالمزيد من الأغاني، وهو كان في أجمل حالاته، غنى بإحساس كبير واستعرض إمكانياته الصوتية التي تطيح بأي لحن… صوته لوحده قيثارة من السماء تحرك القلب والوجدان.
استهل “صلاح مصباح” عرضه بأغنية جديدة بعنوان “اكتبني” التي قال إنها تبدو عاطفية ولكنها أغنية وطنية موضوعها أم ترجو ابنها عدم الرحيل ولكنها لا تستطيع أن تثنيه عن فعل ذلك، ونخشى أن تكون الأغنية رسالة حب قاسية بين “صلاح مصباح” وهذا الوطن وهو الذي قال خلال الندوة الصحفية التي سبقت عرضه إن هذه المحطة هي الأخيرة له في تونس!
غنى “صلاح مصباح” أيضا عددا آخر من أغانيه المتميزة التي لمع فيها صوته كالعادة مثل “أنا هكة”، “تقول نحبك”، “توحشتك يا للا” أو “رونديفو”، “ضحكة” وغيرها من الأغاني الجميلة التي اختتم بها “صلاح مصباح” برمجة “خارج الأسوار” ببازيليك “سان سيبريان” ضمن فعاليات الدورة الثانية والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي ليكون أفضل اختتام في برمجة كانت متميزة ومنحازة للتجارب الجديدة والمجددة في الموسيقى.
م.ص.ع.
شارك رأيك