تولى الأستاذ شكري المبخوت تأبين فقيد الجامعة التونسية منجي الشملي الذي وافاه الأجل المحتوم منذ يومين وفي ما يلي نص هذا التأبين ..
“..نودع اليوم في حسرة ولوعة الأستاذ الجليل منجي الشملي أحد مؤسسي الجامعة التونسية ورجل الفكر الذي ترك بصماته في الحياة الأكاديمية والثقافة التونسية .
لقد كان فقيدنا العزيز منذ حصوله على التبريز في اللغة العربية وآدابها سنة 1959 الأستاذ الذي فتح أمام طلبته مسالك بكرا للتفكير الحديث في قضايا الأدب ومناهجه وفتح أعينهم على مجالات في الدرس والبحث جديدة فكان من الأوائل الذين اهتموا بالأدب التونسي يبرز اعلامه ويحلل قضاياه
وكان من الأوائل الذين عالجوا في دروسهم قضايا الفكر الديني التجديدي وقضايا المرأة معالجة علمية ووجه بدروسه نخبة من طلبته إلى قضايا دقيقة تتصل باجناس أدبية عديدة أبرزها السيرة الذاتية وهو إلى هذا كله رائد في تأصيل نظرية الأدب المقارن ببلادنا والبحث فيما بين الأدب العربي والآداب الأجنبية من صلات تأثرا وتاثيرا
ويعرف طلبته كما يعرف الباحثون والدارسون فصاحة الأستاذ الفقيد منجي الشملي باللسانين العربي والفرنسي وقد برزت أكثر مابرزت في دروسه في الترجمة فقد كانت مناسبات للتمتع بأسرار اللغتين وطرق الانتقال من إحداها إلى الأخرى نقلا وتعريبا في سلاسة ودقة مبهرين وما نجده في ترجماته العديدة وأبرزها نقله ليوميات ابي القاسم الشابي إلى الفرنسية
لقد كان الفقيد العزيز رجل تأسيس وبناء وفتح لمشاريع في الثقافة والتعليم فقد شارك مع ثلة من زملائه في تأسيس مجلة التجديد الثقافية ثم مجلة حوليات الجامعة التونسية فالمجلة التونسية لعلوم التربية واضطلع كل مرة بادارتها أو رئاسة تحريرها إيمانا منه بأن إيجاد منابر للعلم والثقافة من ضرورات البناء العلمي والثقافي في تونس يشجع الأقلام ويستفز الأذهان لتبدع وتتحاور فتضيف حتى تزكو شجرة المعرفة
ولم يكن فقيدنا العزيز يستنكف من المشاركة في مختلف المنابر الثقافية العامة محاضرا أو مناقشا لبقا صريحا وقد عرفه الجميع حتى قبل الالتحاق بالجامعة للاختلاف إلى دروسه عرفه مشاركا في الإذاعة ببرنامج يعنى بالادباء الناشئين يأخذ بيدهم مشجعا على الاستمرار في صرفه الأدب ناقدا في نصوصهم الزلات وعثرات البدايات موجها إياهم نحو عيون النصوص وأقوى أساليب الكتابة فقد كان بذلك مضطلعا علاوة على دوره العلمي الجامعي بوظيفته الثقافية على نحو يجعل الجامعي مشاركا من موقعه في الحياة العامة
لقد كان الأستاذ منجي الشملي علامة بارزة في الجامعة والثقافة ببلادنا وشخصية محببة بثقافتها وفصاحتها ولباقتها وعزاؤنا انه لم يكن ممن مروا بهذه الدنيا ولم يتركوا شيئا فاثاره بينة وصورته ناصعة لدى طلبته وأصدقائه وزملائه واحبابه وأننا نعزي باسمي الشخصي وباسم جامعة منوبة وباسم حوليات الجامعة التونسية عائلته الكريمة وكل من كانت له به صلة رحم الله فقيدنا العزيز واسكنه فراديس جنانه..”.
شارك رأيك