بعض المصطلحات في القطاع الفلاحي تبقى في حاجة الى التعريف و التبسيط حتى تكون في متناول كل المعنيين بالشأن الفلاحي و بتطويره و تحسين أداء سائر مجالاته. من ذلك مصطلح البذر المباشراو ما اصبح يعرف ب “الزراعة الحافظة”.
التشخيص
لتسليط الأضواء على هذه التقنية من حيث الواقع و الآفاق و مدى تاثيرها المباشرفي الحفاظ على التربة و حماية الاراضي الصالحة للزراعة من الانجراف, احتضن مؤخرا مقرالمعهد الوطني للعلوم الفلاحية ندوة علمية اشترك في تنظيمها مع جمعية “فارت” الفرنسية و الجمعية التونسية للفلاحة البيئية و جمعية القلاحة المستدامة و المعهد الوطني للزراعات الكبرى.
و كانت الانطلاقة بالمؤشرات التشخيصية للواقع الذي افرز ان 46 بالمائة من الزراعات في تونس يتم انجازها على أراض ذات خصوبة محدودة أو ضعيفة بالمرة وان نحو مليون و100 ألف هك من الأراضي المحترثة يهددها الانجراف . أضف الى ذلك ان 50 بالمائة من المراعي الطبيعية تلاشت منذ الستينات و52 بالمائة من أراضي باجة و38 بالمائة من أراضي سليانة تحتاج الى اعادة هيكلتها وتحسين خصوبتها…
التغيير في المتناول
هذه الأرقام التي تطارحتها الندوة و تناولتها بالدرس و التجليل و التمحيص يرى الخيراء و اهل الاختصاص انه بالإمكان تغييرها نحو الاحسن و الأفضل اذا ما تم اتباع نظام البذر المباشر أو ما يعرف بالزراعة الحافظة التي تم تصنيفها كآلية مثالية لإعادة تخصيب التربة ومقاومة الانجراف بشكليه الهوائي والمائي . وهو النظام الذي ثبتت نجاعته و خبرت جدواه في مواطن نشأته وتحديدا في أمريكا اللاتينية و كذلك الدول التي اقتفت أثرها مثل فرنسا.
وتطرقت الندوة الى التجرية التونسية في هذا المجال فتبين ان تونس قد نفذت برامج متعددة في اتجاه إدراج اعتماد نظام البذر المباشر منذ سنة 1999 . غير ان النتائج المسجلة وفق الاحصائيات الرسمية أظهرت ان المساحات التي تعتمد هذا النظام و التي بلغت حوالي 12 ألف هك سنة 2010 سرعان ما تراجعت تراجعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة .
و يأتي تفسير هذا التراجع عن طريق دراسة ميدانية أطلقتها جمعية “فارت” الفرنسية في إطار مشروع الزراعة الحافظة في المغرب الشقيق. و أظهرت هذه الدراسة أن العزلة وغياب الاحاطة بالفلاحين يحتلان صدارة الترتيب للأسباب المؤدية الى التراجع المذكور وأن التعويل على الهياكل الممثلة للفلاحين مركزيا وجهويا ومحليا وتقوية الروابط مع مؤسسات البحث والتنمية سيكون العامل الأقوى للتقدم مزيدا من الخطى على مسار نشر الزراعة الحافظة خاصة نظام البذر المباشر.
حوافز جديدة
“إن بدايات التجربة رافقتها أمال واسعة من الفلاحين على خلفية ما تقدمه هذه التقنية من منافع هامة على صعيد تخفيض الكلفة وإعادة تخصيب التربة” يقول عمر الباهي كاتب الدولة للإنتاج الفلاحي في كلمة افتتح بها اشغال الندوة – مستدركا ” لكن مشاكل فنية أعاقت تطور نظام البذر المباشر بالنسق المطلوب رغم تأكد فاعليته في تحسين التركيبة العضوية للاراضي وحمايتها من الانجراف”.
ودعا كاتب الدولة- في هذا السياق- الى تقديم الأجوبة اللازمة و الضرورية للفلاحين خاصة تلك المتعلقة بالغطاء النباتي وبتطوير مهارتهم في احكام التعامل مع احتياجات نظام البذر المباشر مؤكدا ان الترفيع في المنحة الحكومية على التجهيزات الفلاحية الى 50 بالمائة في مجلة الاستثمارات الجديدة سيدفع الى الأقبال مستقبلا على نظام البذر المباشر.
وجدي مساعد
شارك رأيك