أفضى الحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية إلى ضبط مجموعة من الخيارات الوطنية مثلت أهدافا استراتيجية للتمشي الإصلاحي.
ويؤكد أحد هذه الخيارات على دعم توظيف التكنولوجيا الرقمية في الوسط المدرسي. واعتمادا على مخرجات هذا الحوار والخلاصات التأليفية التي شخصت واقع التعامل مع التكنولوجيات الرقمية في أنشطة التعليم والتعلم، تم بناء استراتيجية وطنية حول تطوير التكنولوجيا الرقمية في أنشطة التعليم والتعلم والتقييم وفي القيادة التشاركية للمؤسسة التربوية (الخطة الاستراتيجية للمدرسة الرقمية 2016/2020).
رهانات توظيف التكنولوجيات الرقمية في الفضاء المدرسي تتمثل في :
1. الاستفادة من المجال الرقمي في تطوير جودة التّعلّمات وفي اكتساب مهارات القرن الحادي والعشرين يتمثل التحدي الأساسي للمدرسة الرقمية في تمكين التلميذ من المهارات التي تجعله يعيش مواطنته ويمارسها من أجل العمل والتعلم في القرن الحادي والعشرين.
هذا، وإن وضع الإمكانات التكنو بيداغوجية للعالم الرقمي في خدمة تطوير جودة التعليم والتعلم والتقييم وتوفير حلول رقمية ملائمة من شأنه أن يشجع على تطوير الممارسة التعلمية غير الصفية. وبناء على ذلك فإن المهارات التكنو بيداغوجية والتمفصل بين التكنولوجيات والمناهج وبين النظري والتطبيقي ينبغي أن تكون هدفا لتطوير الموارد البشرية.
2. مدرسة تهيؤ الشباب للاندماج في المجتمع الرقمي وتطور فرص جديدة للتشغيل يمكن للعالم الرقمي أن يكون رافعة للإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمقبلين على سوق الشغل، لذا فإن أولى الأولويات تتمثل بالأساس في تطوير مهارات الابتكار الرقمي منذ سن مبكرة وحتى تصبح غاية التكوين في المجال الرقمي هو تمكين المتعلمين من مسالك تطور لديهم القدرة على المبادرة التي يقتضيها الاقتصاد الجديد.
3. الحل الرقمي للجميع هو ضمانة لتكريس الإنصاف وتكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين: إن تعميم فضاءات الإعلامية بالمدارس التونسية، وتمكين التلاميذ من الولوج إلى هذه الفضاءات قد كان له أثره في المناطق الداخلية للبلاد، بالرغم من أن ما يقارب ثلث المدارس الابتدائية مازالت لم تتمتع بالتدفق العالي للإنترنت.
إن التقليص من حجم الهوة الرقمية بتيسير النفاذ إلى المعلومات والمعارف يتطلب تعميم النفاذ إلى التدفق العالي بكافة المؤسسات التربوية الابتدائية وخاصة منها الريفية، وذلك بجعل هذا الخيار أولوية من أولويات المخطط. كما يتطلب الدخول في عالم تربية رقمية جيدة للجميع استثمارا أكبر في تطوير المحتويات والتطبيقات وفي خدمات التعلم الرقمي المتلائم مع البرامج التعليمية من خلال جعل هذه التطبيقات أدوات لخدمة تكافؤ الفرص لدى المدرسين والمتعلمين على حد السواء. وبناء على ذلك، فإن المناويل الاقتصادية الملائمة هي التي تقدر على عقد شراكات مع القطاع الخاص من أجل إيجاد حلول رقمية مندمجة لجميع التلاميذ في إطار من العدالة والإنصاف وتكافؤ الفرص من خلال تيسير النفاذ ومن خلال الربط بالتدفق العالي ومن خلال خدمات التعلم الرقمي.
4. قيادة تشاركيّة للتغيير تنطلق من المؤسسة التربويّة: إن تطوير التكنولوجيات الرقمية في المجال التربوي من شأنه أن يوفر فرصا جديدة للتفاعل بين مختلف الفاعلين التربويين كما من شأنه أن يثري الممارسات التربوية في أوسع معانيها. ولكن ذلك يتطلب تحولا في منهجية الحوكمة وطرقها التي ينبغي أن تقوم على فكرتي الاندماج والمشاركة بما من شأنه أن يعطي للمؤسسات التربوية أكثر قدرة على تحمل المسؤولية وعلى تثمين مشاريعها وتطويرها بالإضافة إلى تعميق ثقافة التقييم. وتتطلب هذه الخيارات المتعلقة بالحوكمة ملازمة متواصلة لمسار قيادة التغيير ومراجعة مستمرة لمختلف الفاعلين التربويين.
الرؤية والأهداف: لقد عمل المخطط الاستراتيجي للمدرسة الرقمية 2020 على أن يحدد لنفسه الغاية التالية: ” مدرسة رقمية من أجل تطوير نوعية التعليم والارتقاء بالتّعلّمات الرقمية واكتساب مهارات القرن الحادي والعشرين الضامنة للإنصاف وتكافؤ الفرص بين المتعلمين ولإدماجهم ضمن الاقتصاد الرقمي”
وقد أدى هذا الهدف العام إلى تحديد سبعة محاور استراتيجية وجملة من الأهداف الخصوصية نحوصلها فيما يلي:
– الحوكمة: تحديد السياسات وإرساء منظومة حوكمة تقوم على المشاركة وتتمحور حول المدرسة وحول خدمات المساندة التي تقدمها وترتكز على التقييم المنتظم، –
نظام معلومات: وضع نظام معلومات شامل ومندمج ومتسق مع استراتيجية القطاع من أجل تطوير قيادة القطاع وحوكمته،
– مناهج وخيارات بيداغوجية: تعميق مراجعة المناهج من أجل استعمال رقمي مساعد على النجاح المدرسي، وعلى التجديد البيداغوجي وعلى إرساء مهارات القرن الحادي والعشرين وعلى تنويع مسالك التعلّم في المجال الرقمي ومجال المبادرة،
– الموارد البشرية: تطوير الكفايات المهنية للمدرسين وللإطار التربوي بصورة عامة بما يطور التعليم والتعلم باعتماد الحل الرقمي وذلك من خلال التكوين والمرافقة،
– التجديد والممارسات التربوية: إحداث حركية تجديدية في الممارسات البيداغوجية من خلال تثمين المبادرات والمشاريع المجددة في نطاق تعميم التعلم الرقمي،
– المحتويات والتطبيقات: تطوير المحتويات والمنصات الرقمية ووضعها في خدمة المدرسين والمتعلمين من أجل تطوير الاعتماد على الذات والمرافقة والدعم في سياق من الإنصاف،
– البنية الأساسية المخولة للربط والنفاذ: العمل على تعميم الربط بالتدفق العالي مع توفير البنية الأساسية التي تمكن من النفاذ إلى العالم الرقمي وذلك بالنسبة إلى كافة التلاميذ والمدرسين والمدارس مع ضمان كل عوامل السلامة والصيانة .
و .ق (بلاغ)
شارك رأيك