انتظمت مساء أمس الجمعة الجلسة الثانية من جلسات الاستماع العلنية لضحايا انتهاك حقوق الانسان في تونس التي نسقتها هيئة الحقيقة والكرامة كمرحلة مهمة في مسار العدالة الانتقالية المتعثر في تونس .
وقد نقلت القنوات التلفزية التونسية وبعض القنوات الأجنبية وحتى ساعة متأخرة شهادات حول انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان تلت تلك التي عرضت ليلة الخميس ..رافعة الستار على البعض من الممارسات العنيفة التي مورست على معارضين ومعارضات مختلفي المشارب السياسية والايديولوجية من قبل النظامين السياسيين الذين حكما تونس منذ 1955 وحتى سنة 2011 .
وشمل عرض الليلة البارحة 3 حالات للقتل تحت التعذيب للشهيد اليساري نبيل بركاتي وللشهيدين الاسلامين فيصل بركات ورشيد الشماخي .
وتحدث رضا بركاتي راويا تفاصيل قتل شقيقه نبيل بركاتي الذي توفي تحت التعذيب والذي عثر عليه ملقى في قنال مياه بسليانة وبرأسه رصاصة. ونبيل بركاتي المناضل من حزب العمال التونسي قتل تحت تعذيب الشرطة في مركز الأمن في مدينة قعفور (ولاية سليانة) أواخر أيام بورقيبة عندما كان زين العابدين بن علي وزيرا للداخلية (ماي 1987).
وروى جمال بركات كما روت أمه بتأثر كبير تفاصيل مقتل شقيقه فيصل بركات الذي توفي أيضا تحت التعذيب بمنزل بوزلفة بنابل سنة 1991، واتهم جمال بركات رئيس فرقة الأبحاث والتفتيشات في تلك الحقبة في نابل وعرفه بالإسم بالضلوع في مقتل شقيقه بطريقة بشعة للغاية في مقر الفرقة . علما بأن قضية فيصل بركات قد وصلت الى المحافل الأممية وتبنتها الأمم المتحدة في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي لفظاعتها وطلبت المنظمة الأممية توضيحات حول الجريمة ومتابعة الجناة .
وانضافت الى هذه الشهادة شهادة قاسم الشماخي ، شقيق رشيد الشماخي الذي توفي تحت التعذيب، وأوضح قاسم الشماخي أن شقيقه قتل بعد بضعة أيام فقط من قتل فيصل بركات وبنفس الطريقة وفي نفس المكان واتهم قاسم الشماخي أيضا رئيس فرقة الأبحاث والتفتيش في نابل في تلك الحقبة بالضلوع في مقتل شقيقه وأعلن اصراره على متابعته كما تابع كل من شارك في الجريمة وخاصة الأطباء الذين زوروا تقرير الطب الشرعي في هذه الحالة ..
كما عرضت أيضا حالة ضحية من ضحايا أحداث الحوض المنجمي (2008) وهو المناضل السياسي بشير العبيدي سجين من سجناء الحوض المنجمي وقد أفاد من ضمن ما أفاد به كيف انه في السجن هدد بالاغتصاب أمام ابنه واغتصاب ابنه أمامه.
واستمع الحاضرون في نادي عليسة أيضا الى شهادة المقاوم الوطني حمادي الغرسي وهو ضحية من ضحايا الصراع اليوسفي البورقيبي من مواليد 1932 تحدث فيها عن بشاعة المحتل الفرنسي وجيشه والصراع اليوسفي البورقيبي.
واستمع الحاضرون أيضا لشهادة المرأة بسمة البلعي من منزل بوزلفة التي اعتقلت بالسجن و فرضت عليها المراقبة الإدارية لأكثر من 10 سنوات بسبب انتمائها للاتجاه الإسلامي وكانت شاهدة على تعذيب رشيد الشامخي وفيصل بركات .
ويجمع الملاحظون على أهمية هذه الجلسات العلنية لتنشيط الذاكرة الوطنية وللمصارحة الضرورية في مسارالعدالة الانتقالية والتي هي الوحيدة التي تؤدي الى المحاسبة والتسامح ..ويعتبر عدة مراقبين أن التونسيين مدعوون الى العمل على حسن ادارة هذا الملف الكبير والخطير في مسار الثورة ومسار العدالة الانتقالية حتى لا تؤدي المكاشفة الضرورية الى مزيد الاحتقان وردود الفعل في ظل وضع سياسي واقتصادي واجتماعي أقل ما يقال فيه أنه صعب وشائك وخطير.
ع.ع.م.
شارك رأيك