بقلم فرحات عثمان
يتكلف مجلس نواب الشعب قريبا بمشروع قانون أساسي يتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة (1)، وهذا مما يفرضه واقع الحال اليوم ببلادنا ووضعية المرأة في المجتمع وحسب الحقوق والحريات التي حصلت عليها بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية.
إلا أنه من الغريب عدم تعرّض المشروع المعروض حاليا على مجلس نواب الشعب للعنف الأول المسلط على المرأة، ذاك العنف المعنوي البغيض المؤسس لوضاعة المرأة لادعائه المرجعية الدينية، ألا وهو العنف القاضي بعدم المساواة في الإرث بين المرأة والرجل؛ وهذا لعمري أعظم الخور وأفحشه!
كيف ندّعي العمل على القضاء على العنف بكل أشكاله ونبقيه في هذا الميدان بتعلة واهية، أي وجود نص قطعي ديني في الموضوع؟(2) فلقد تم التبيين بما يكفي أن الثابت القطعي في الإسلام، إذا أولنا أحكامه كما يجب، أي حسب مقاصد الشريعة السنية، يحتّم التسوية في الإرث بدون تأخير بين الذكر والأنثى وإلا نهدم لب لباب ما ميّز ويميز الإسلام: نزعته في العدل بين الناس. (3)
هذا، ولا يتعرض المشروع أيضا لفصل شديد الخزي تعتمده السلط اليوم لتصرفات غير أخلاقية تنتهك حرمة الجسد البشري، ذكرا كان أو أنثى، وذلك بالفحوص العذرية والشرجية بدعوى تحريم السحاق وما يتبعه من لواط، بينما ما جاء فيهما أي تحريم في دين الإسلام كما تم إثباته بالدليل القطعي (4)؛ ولا شك أنه لا فائدة في التذكير بأن مثل تلك التصرفات المخزية، إضافة لعدم شرعيتها وانعدام أخلاقيتها، لا مشروعية لها دينيا. (5)
لذا، أقترح فيما يلي التنقيح الواجب حتى يكون مشروع القانون بحق هذا الاستحقاق الذي من شأنه أن يمكّن المرأة التونسية من أن تفتخر به لأنه لا يسهى عن أي من حقوقها قي دولة عليها اليوم أن تصبح بحق دولة القانون والعدل والمساواة التامة بين مواطنيها.
تنقيح
لمشروع القانون الأساسي المتعلّق بالقضاء على العنف ضد المرأة
هذا اقتراح تنقيح لمشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة حتى يكون كاملا فلا يغض النظر عن بعض أنواع وأسباب العنف ضد المرأة التي لم يتعرض لها المشروع.
وهو في فصول أربعة:
الفصل الأول
إضافة عبارة الكامل بعد تعبير العنف في عنوان مشروع القانون فيصبح العنوان التالي:
«مشروع قانون أساسي يتعلق بالقضاء الكامل على العنف ضد المرأة»
الفصل الثاني
إضافة الباب التالي في مكان الباب الثاني الحالي الذي يصبح الفصل الثالث في مشروع القانون. ويكون نصه كالتالي:
الباب الثاني (الجديد): في إبطال العنف القطعي ضد المرأة بإقرار المساواة في الإرثاعتمادا على التأكيد الدستوري للمساواة التامة بين المواطنين، واعتبارا للدور السني للمرأة في المجتمع التونسي وحقها في المساواة مع الرجل، ونظرا لمقاصد الشريعة الإسلامية التي شرّفت المرأة فأعلت من شأنها في نطاق توجه مرحلي تقدمي جاء متناغما مع وجهة التاريخ والمنظومة العالمية للقيم الإنسانية؛ واعتقادا راسخا في أنه لا وقاية ولا حماية من العنف المسلط على المرأة طالما بقيت غير متساوية مع الرجل في كل شيء، بما في ذلك الإرث،
فإنه تقرر ما يلي:
لمدة سنوات عشر ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ يقع رفع تطبيق القاعدة الحالية التي تمنح للوارث الذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك كما ورد بالباب التاسع من مجلة الأحوال الشخصية.
خلال هذه العشرية، عدا حالة الرفض الثابت من المرأة الوارثة، فإنه يقع تمكين المرأة مثل حظ الذكر في الإرث ليعادل نصيب الأنثى نصيب الذكر الوارث.
وفي نهاية فترة العشر سنوات من تطبيق هذا القانون يقع إقراره نهائيا أو إبطاله بعد تقييم مستفيض لتطبيقه خلال المدة المعنية.
تتم دراسة التقييم من طرف مجلس نواب الشعب قبل نهاية عشرية التطبيق لهذا القانون حتى يقع إثباته نهائيا أو إبطاله.
الفصل الثالث
يصبح الباب الثاني في مشروع القانون الباب الثالث ويحافظ على عنوانه الحالي. كذلك، يصبح الباب الثالث الحالي بالمشروع الباب الثالث ويحافظ على عنوانه أيضا.
الفصل الرابع
يضاف للفصل 14 من الباب الرابع (أي الباب الثالث الحالي) الفقرة التالية بعد 227 مكرر وقبل الفقرة الثانية من الفصل 218 : «و230».
بذلك تصبح الفقرة الأولى من هذا الفصل كما يلي:
الفصل 14 (جديد):
تلغى أحكام الفصول 208 و226 ثالثا و227 و227 مكرر و230 والفقرة الثانية من الفصل 218 والفقرة الثالثة من الفصل 219 والفقرة الثانية من الفصل 222 والفقرة الثانية من الفصل 228 من المجلة الجزائية وتعوّض بالأحكام التالية: (البقية بدون تغيير).
…………………………………………………………………………………………………….
المراجع:
(1) مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة
(2) مناهضة العنف ضد المرأة: لنرفع أولا العنف الأعظم بانعدام المساواة في الإرث!
(3) العدل في الإرث هو المساواة، من مقاصد الإسلام القطعية
(4) الحراك يشتعل…الإسلام لم يحرم المثلية
(5) تحريم الإسلام للتنقيب في القلب لا يحلل التنقيب في الشرج
……………………………………………………………………………………………..
المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .
شارك رأيك