في سياق الحديث عن تجربته كأمين عام للتجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ( 5 ديسمبر2000 -18 أوت 2005)، أشار علي الشاوش إلى علاقة الرئيس السابق زين العابدين بن علي بالحزب الذي احتضنه و بوأه لسدة الحكم.
كان ذلك خلال احدى حلقات القراءة النقدية التي تواصل تنظيمها جمعية قدماء البرلمانيين حول سياسات الحكم في توتس في الفترة ما بين 1955 و 2010. وهي الحلقة الثانية التي التأمت يوم الجمعة 13 جانفي الجاري و التي تطرقت الى فترة الحكم النوفمبري بعد الاستماع في جلسة أولى إلى شهادات كل من الهادي البكوش و عبد الرحيم الزواري بخصوص مرحلة الاعداد لإزاحة الزعيم الحبيب بورقيبة و الخطوات الأولى لتركيز نظام العهد الجديد.
توجيهات أولية
أكد على الشاوش في هذا السياق أنه حال تعيينه في هذه المسؤولية حظي بالاستقبال من قيل الرئيس بن على الذي أشارعليه ضمن توجيهاته الأولى بحضور الدكتور حامد القروي بصفته النائب الأول لرئيس التجمع حينها، بالعمل على جعل الحزب– اهتداء بكبار الأحزاب في العالم – حزبا عصريا و حزب تفكير و اقتراح، و تطعيمه بالمناضلين و الإطارات ذوي الكفاءات العليا فكانت الهيكلة الجديدة التي اقدم عليها الحزب آنذاك تجسيما لتلك التوجهات.
ويضيف على الشاوش ان هذا الحرص على الدفع السياسي لحزب التجمع سرعان ما تبخر و تلاشى مع مر الأيام، يشهد على ذلك الإصلاح الدستوري لسنة 2002 الذي خول لبن على الترشح ثالثة لرئاسية 2004 مبينا في هذا السياق ان مشروع تعديل الدستور قد تم طبخه في مكاتب القصر الرئاسي بتشريك بعض المختصين من رجال القانون دون ان يكون للتجمع أي ضلع في ذلك. ” ومع هذا، يؤكد علي الشاوش، ساهم التجمع في ضمان التعبئة الشعبية اللازمة لهذا المشروع و إنجاح الاستفتاء الذي انتظم للغرض”.
غياب لا مبرر له
1ظاهرة ثانية ذكرها علي الشاوش للاستدلال على قلة اهتمام بن علي بالحزب، هي تلك التي تعلقت بحملة الانتخابات الرئاسية لسنة 2004 .فهذه الحملة التي اتخذت مقرا لها بالبناية القديمة للحزب الكائنة بنهج روما بالعاصمة قد أعفي منها التجمعيون من كل المستويات و كانه ليس مرشحهم ولا له علاقة بهذا الحزب الذي اقتصر دوره على التعبئة لاغير.
“و على الرغم من ذلك، يستدرك على الشاوش، فإن بن على، رأى ان الوقت قد حان من أجل منح التاشيرة القانونية لحزب التكتل من اجل العمل و الحريات بزعامة مصطفى بن جعفر، فاتصل بي رأسا و طلب مني ادراج الموضوع بجدول اعمال الاجتماع القادم للديوان السياسي الذي لم يمانع في ذلك بعد جدال طويل بين مؤيد ورافض انتهى بالمصادقة على منح تلك التاشيرة لحزب ظهر إلى الوجود منذ 1994 “.
“و في ذلك دليل، يفسر الأمين العام السابق للتجمع المنحل، على ان هذا الحزب لم يكن منغلقا و لا هو متحجر بل كان حريصا على تكريس الديمقراطية و التعددية في البلاد”.و استشهد على الشاوش بالموقف الذي أفصح عنه بورقيبة سنة 1981 عندما قال بأنه لا يرى مانعا في إنشاء أحزاب سياسية أخرى بالبلاد و الذي قوبل بالتصفيق الكبير من قبل مناضلي الحزب، مضيفا أن هذا النهج الديمقراطي التعددي دأب عليه التجمع في حياته الداخلية من خلال لجان التفكيرالقارة و غير القارة التي يفتح باب المساهمة فيها على مناضليه و مناضلاته و على الكفاءات الوطنية من شتى المجالات للدراسة و تعميق التفكير في قضايا التنمية باختلاف ابعادها وفي جل المواضيع التي تشغل بال الرأي العام الوطني. “غير أنه و للأسف الشديد لم تكن تقارير هذه اللجان تأخذ بعين الاعتبار في برامج الحكومة و أعمالها”.
ويبرز هذا النهج الديمقراطي أيضا من خلال عملية تجديد الهياكل القاعدية للتجمع (الشعب) والمحلية (الجامعات) و الوطنية أيضا (اللجنة المركزية) للنهج الانتخابي باستثناء لجان التنسيق التي ظلت خاضعة لقاعدة التعيين المباشرلأعضائها.
وأيا كان الأمر– يفيد علي الشاوش – فإن بن علي العسكري التكوين الذي لم يأت إلى الحكم من الحقل السياسيكان ينظر إلى التجمع على أنه جهاز للتعبئة والتأطير و التنفيذ لا غبر.
معضلات مستعصية
و في خاتمة تدخله تطرق علي الشاوش إلى أهم المعضلات التي لم يفلح النظام السابق في معالجتها على الوجه المطلوب مشيرا بالخصوص ألى البطالة التي ازداد أمرها تازما بارتفاع عدد حاملي الشهائد العليا إذ ارتفع عدد الطلبة بالجامعات التونسية من 47 ألف سنة 1987 إلى 340 ألف طالب سنة 2010 و مبينا أن نسبة النمو ب5 بالمائة لم تكن كافية لمواجهة هذه المعضلة.
و المعضلة الثانية تمثلت في التنمية الجهوية حيث أكد الأمين العام السابق للتجمع المنحل أن الاستثمارات العمومية في الجهات كانت هامة غير انها لم تكن مرفوقة بالاستثمارات الخاصة اللازمة والكفيلة بخلق الثروة و دفع نسق التشغيل.
أما المعضلة الثالثة و الأخيرة فتعلقت بالفساد الذي افتضح أمره و استشرى في البلاد فكان من الأسباب الرئيسية التي سارعت بانهيار النظام.
وجدي مساعد
شارك رأيك