بقلم فرحات عثمان
يعتقد غلطا عموم الناس أن الجنس والمتعة الجنسية ليسا من حقوق العبد في الإسلام، بينما حق الجنس فيه مؤكّد لابن آدم إلى حد أن الله أوجده في الجنة للأتقياء من عباده.
الفقه الإسلامي الذي نعمل به اليوم يخالف تعاليم الإسلام السمحة في الإقرار بالحق في الجنس للعبد، إذ أصبح المسلمون يأخذون في هذا الميدان بما جاء به الكتاب المقدس لا الفرقان. فلا إثم في تعاطي الجنس في الإسلام حسب ما أقرّه الله في العبد من طبيعة؛ أما الإثم المعمول به إلى اليوم، فهو من استنباط اليهودية والمسيحية، أي الإسرائيليات.
حيوانية الحياة في الإسلام
إن الطبيعة البشرية في الإسلام تقتضي الجنس، لا فقط للتناسل، بل للترويح على النفس أيضا، إذ هذا مما يؤسس لشخصية سليمة. فلا رهبنة ولا مغالاة في التعبّد في دين الحنيفية المسلمة؛ مع العلم أن الجنس فيه تمامي، لا يفرّق بين الذكر والأنثى، كما هو في الطبيعة.
ومن المفيد التذكير هنا أن كلمة الحياة في العربية وفي الإسلام مرادفة لكلمة الحيوان، مما يعنى أنه من المتحتم وجود البعض من طبيعة الحيوان في الفطرة البشرية؛ فابن آدم يبقى أساسا حيوانا، لا يمتاز عنه إلا بعقله واستخدامه له للتحكّم في شهواته ونوازعه الطبيعية.
ذاك هو الجهاد الأكبر، جهاد النفس الأمّارة بالسوء الذي لا بد له أن يحدث بوجود الشهوة والدواعي لها ليتم الجهاد فتتزكى النفس. ولا شك أن حيوانية الحياة هذه تمثلها النزعة الجنسية في البشر وضرورة تزكيتها، لا بمنع ما يجلب الشهوة بل بالامتناع عنها عن اقتناع.
لقد عرف الإسلام متعة النساء وعمل بها الصحابة في عهد الرسول بما في ذلك أيام الحج. فالبخاري، مثلا، يخصص بابا كاملة من صحيحه للتمتّع على عهد الرسول، وهو الباب 36 من كتاب الحج. أما مسلم، فيخصص له باب جواز التمتع وهي متعة النساء.
هذا، ولئن أبطل الخليفة الثاني جواز المتعة، فهو معروف ومعمول به إلى اليوم، لا عند الشيعة فحسب، بل وأيضا بالحجاز تحت مسمّى المسبار. ذلك لأنه كان للمسلمين، زمن الرسول، تمام الأحقية في الجنس؛ فما بالك اليوم وقد بيّن العلم ضرورته في التوازن البشري وصفته التمامية في الطبيعة؟ أليس هو الدليل على كونية دين الإسلام وإناسته؟
الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن الإسلام أقر هذه الحيوانية الجنسية في المؤمن وحقه فيها؛ بل ذهب إلى أنه أوجدها بكل أنواعها في الجنة. ففي جنان الخلد الحور العين للجنس الغالب، كما فيها الولدان والغلمان المخلدون لمن خلقه الله مثلي الجنس.
أما السبب في أن الفقه الإسلامي لم يقل بهذه الحقيقة فذلك لما رسب فيه من الإسرائيليات؛ رغم ذلك، نحن نجد التذكير بها عند جلّة من الفقهاء، سواء من شيوخ الصوفية أو غيرهم من جهابذة علماء السنة، كالإمام الجليل الطبري الذي لا يمانع مثلا في أن الولدان هم الذكران من الحور العين .
طبيعة الجنس في الجنة
اعتقد السلف الصالح في حق المتعة في الجنة تماما كما هو الشأن في الحياة الدنيا. وفي ما يلي يُروى عن طبيعة الجنس في الجنة :
إن عبد بن حميد وابن جرير في تفسيره وابن المنذر عن عبد الله بن مسعود قالوا في تأويل قوله تعالى «إن أصحاب الجنة في شغل فاكهون» : شغلهم هذا هو افتضاض العذارى. كما أخرج أبو نعيم في «صفة الجنة» عن أبي مجلز قال : قلت لابن عباس: قول الله عز وجل «إن أصحاب الجنة في شغل فاكهون» ما شغلهم؟ قال : «افتضاض الأبكار». كذلك ما رُوي عن الرسول الأكرم أن رجال الجنة ونساءها لا يملّون من اتصال النكاح فيما بينهم أبدا كما لا تنقطع شهوتهم بتاتا. فلقد أخرج البزار مثلا عن أبي هريرة عن رسول الله (صلعم) أنه سُئل: هل يمس أهل الجنة أزواجهم ؟ قال : «نعم بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع».
مما يُذكر أيضا أن المؤمن من أهل الجنة يُعطى قوة مائة رجل في النكاح؛ فقد أخرج الحافظ أبو نعيم في «صفة الجنة» عن أنس بن مالك أنه قال : قال رسول الله (صلعم) : «للمؤمن في الجنة ثلاث وسبعون زوجة». فقلنا : يا رسول الله، أوله قوة ذلك؟ قال : «إنه ليُعطى قوّة مائة». وذلك يؤكد قول الإمام أحمد في المسند عن زيد بن أرقم إذ قال : قال رسول الله (صلعم) : «إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والشهوة والجماع».
طبعا، لا يخص هذا الكلام الرجال فقط، إذ لا فرق قي الإسلام الصحيح بين الرجل والمرأة؛ كما لا يجب أن يخص هذا مجرّد الجنس الشائع وإلا انعدم العدل في الإسلام.
*المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .
شارك رأيك