نبه خبراء في القانون الدستوري الحاضرون في اليوم البرلماني الذي نظمه مجلس نواب الشعب حول الاستقلالية المالية والادارية للمجلس في اطار مقترح القانون الاساسي المتعلق باستقلالية مجلس نواب الشعب وقواعد سيره.
وقال كمال بن مسعود استاذ القانون الدستوري انه لا يمكن افراد الاستقلالية المالية والادارية للمجلس في قانون مشيرا الى انه لا اختلاف حول المبدا العام للاستقلالية ولكنها تبقى في اطار ميزانية الدولة وقوانين الدولة. واضاف ان الاستقلالية الادارية والمالية يجب ان تضمن في النظام الداخلي للمجلس ولا يجوز افرادها في قانون اساسي.
ونبه الخبراء الحاضرون من ان تعدي البرلمان حدود إختصاصه بالمصادقة على مقترحات قوانين لا تدخل في مجال القانون كما حدده الدستور ليس من شأنه أن يبعث صورة إيجابية عن السلطة التشريعية ويفتح المجال للرأي العلم لفقدان الثقة في ممثليه وربما يحملهم على العزوف عن الانتخابات خاصة في ظل الأزمة التي يعيشها المجلس الأعلى للقضاء والتي تؤخر إرساء المحكمة الدستورية الضامنة لإحترام وعلوية الدستور.
وبحسب الخبراء بات من الضروري الإسراع في إيجاد حل قانوني أو توافقي حتى نتفادى مخاطر اتهام السلطة التشريعية بمحاولة المس من التوازن بين السلط. وفي انتظار تنقيح القانون المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء يمكن لرئيس الجمهورية، تطبيقا للفصل 71 من الدستور الذي يجعل منه الضامن لإحترام الدستور، دعوة المجلس للإنعقاد حتى يتم التعجيل في إرساء المحكمة الدستورية.
التداعيات القانونية:
– خرق الفصل 65 من الدستور وعدم إحترام مجال القانون الحصري :
بصفة مبدئية، يعتبر خبراء القانون أن مقترحات القوانين المتعلقة بإستقلالية مجلس نواب الشعب وقواعد سير عمله ( عدد 42 / 2016) و بتنظيم اللجان البرلمانية ( عدد 55/ 2016) و بلجان التحقيق البرلمانية ( عدد 55 / 2016 والذين تم دمجهما ) مشوبة بعيب اللادستورية بإعتبارها في تضارب واضح مع الفصل 65 من الدستور الذي ذكر على سبيل الحصر لا الذكر مجالات القانون.
وعدد هذا الفصل في فقرته الأولى النصوص التي تتخذ شكل قوانين عادية وفي فقرته الثانية النصوص التي تتخذ شكل قوانين أساسية. ولا نجد في كلا الفقرتين إشارة إلى المجالات التي تزعم مقترحات النصوص تنظيمها وبالتالي فهي تشكل خرقا فادحا للدستور وتجاوزا من البرلمان لحدود إختصاصه خاصة و أنه سبق للهيأة في قرارها المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء ( القرار عدد 02 / 2015 بتاريخ 8 جوان 2016 ) أن إعتبرت أنه لا يجوز إطلاقا للسلطة التشريعية أن تتجاوز إختصاصها و تتعدى مجال السلطة الترتيبية.
ويرى الخبراء أن مقترح القانون المتعلق بإستقلالية مجلس نواب الشعب وكذلك مقترح القانون المتعلق بتنظيم اللجان البرلمانية ومقترح القانون المتعلق بلجان التحقيق البرلمانية كلها خارجة عن مجال القانون المحدد بالدستور ودون الخوض في الأصل هي حرية بالإلغاء وبعدم عرضها على المناقشة بالجلسة العامة.
في خصوص مقترح القانون المتعلق بإستقلالية مجلس نواب الشعب وقواعد سير عمله، يجدر التذكير أولا بالمبدأ المنصوص عليه في الفصل 52 من الدستور والذي بمقتضاه ” يتمتع مجلس نواب الشعب بالإستقلالية الإدارية والمالية في إطار ميزانية الدولة”. والتذكير بهذا المبدأ هو على غاية من الأهمية سواء فيما يتعلق بالإستقلالية الإدارية أو الإستقلالية المالية والتي تعني التمتع بالواردات المالية الكافية التي تمكن السلطة أو الهيكل المتمتع بها من ممارسة وظائفه على أحسن وجه والتمتع بقدر من الحرية في تحديد هذه الموارد وكيفية إستعمالها.
وبالتالي لا وجود لإستقلالية إدارية دون إستقلالية مالية، لكن هذه الإستقلالية بصنفيها تندرج في إطار ميزانية الدولة ولا تتجاوزها في شكل نص مستقل بذاته أو في شكل مبادئ لا ينص عليها قانون الوظيفة العمومية أو القانون الأساسي للميزانية أو مجلة المحاسبة العمومية. وبناء على هذا، لا بد حسب إعتقادنا التخلي عن مقترح هذا القانون.
و ينفرد القانون الأساسي للميزانية بضبط الأحكام المتعلقة بموارد وتكاليف الدولة وفقا لمقتضيات الفصل 66 من الدستور. وبالتالي لا يمكن دستوريا إدراج الفصول المذكورة بنص أخر غير القانون الأساسي للميزانية المعروض حاليا على أنظار مجلس نواب الشعب. غير أنه من الضروري تدعيم حق المجلس في إعداد ميزانيته بكل إستقلالية مع التقليص من السلطة التقديرية للحكومة في تعديلها إلى أدنى حد.
شارك رأيك