بقلم وليد البلطي
منذ سقوط النظام السياسي ،فتح باب جهنم على مصراعيه،في وجه كل شخص كان عنصرا فاعلا في المشهد السياسي السابق لتاريخ الثورة ،وزيرا كان او كاتب دولة او حتى رئيس بلدية ،بالاضافة الى كل من تربطهم علاقة دموية بالرئيس السابق.
في صمت رهيب يخيم في قاعة الجلسة بالدوائر الجنائية بالمحاكم التونسية ،ليعلو صوت رئيس الجلسة مناديا على المتهمين، بادءا بزين العابدين بن حمدة بن علي ليليه ،اسم وزير سابق او وزاء في حكومته او قريب من أقربائه،كان قد نسب اليهم جرائم على معنى الفصل 96 من المجلة الجزائية،فمنهم من يمثل الى تاريخ اليوم بين أيادي القضاء وهو في حالة السراح و البعض الاخر يقبع في السجون الى اجل غير مسمى و الآخرون في حالة فرار .
يترافع السادة المحامون الاجلاء امان السادة القضاة الأفاضل ،الواحد تلو الاخر في محاولة يائسة لسماع حكم يقضي بعدم سماع الدعوى ،لكن في كل مرة احكام قاسية بالسجن أدناها ثلاث سنوات و أقصاها عشر سنوات و البعض منها بالنفاذ العاجل.
أما من لم يتم الجز به في هاته القضايا من وزراء سابقين أو من أقرباء الرئيس الأسبق،سيضل خائفا من يُحد نفسه يوما ماثلا امام أحد قضاة التحقيق على مواضيع ،ليسائل عن هوية من وضع علبة الياغورت في الثلاجة ،وزراء سابقون يحاكمون و تضيق أمامهم السبل اما بالنسبة لأقرباءه الذين جردوا من ممتلكاتهم وقضوا عقوبات بالسجن ،فلا اقدر عن توصيف حالتهم بصفة معبرة،سوى أن الكل متهم الى ان نثبت براءته و السجن موطنهم و الاستثناء حريتهم.
افا لهذا أٌسقط النظام ؟ لننتقم من الناس ،بسلاح الحكم قضائي ،صادر عن مواطنين مثلنا ،لا يشكك في نزاهتهم قيد انمولة ؟
أهي احكام صادرة عن محاكم عدلية ام محاكم ثورية ؟ألم يثبت ان قضاتنا الأفاضل قد آدوا اليمين بقولهم قبل مباشرة الوظيفة “أقسم بالله أن أقوم بوظائفي بكل إخلاص وأمانة وأن ألتزم بعدم إفشاء سر المفاوضات وأن يكون سلوكي سلوك القاضي الأمين الشريف”،فأين موطن الخلل في كل هذا ؟هل للحكومة دخل غير مباشر في القضاء من خلال ضبط السياسة الجزائية الذي يستجلى في قسوة الأحكام ؟
المصالحة و نبذ الكراهية و العنف و الانتقام ،تبقى مستطللحات سياسية او شعارات ترفع من قبل المقبلين على استمالة الناخبين قبل مباشرة السلطة ،لان واقع الأحكام الجزائية فند كل هاته الشعارات و نسفها كنّا نسف نفسية كل المحكومين في قضايا يقال عنها انها قضايا فساد و اليوم يلعب الاعلام دورا سلبية في افراغ القضايا من جوهرها ،و اخفاء القضايا المصيرية عن اعين المتابعين للشان العام ،فياترئ أين قضية الشيراتون قايت ؟
الحكومات هي التي تسطر السياسة الجزائية التي تعتمدها المحاكم العدلية و لكن لا تحدثني على المصالحة و نبذ الكراهية و الحقد و التشفي و الانتقام ،فما بت أؤمن بشي في هذا البلد الذي اصبحت اشعر انني غريب عنه .
*وليد البلطي : خبير في الحوكمة و مقاومة الفساد
** المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات
شارك رأيك