الرئيسية » محاكمة بورقيبة في الميزان

محاكمة بورقيبة في الميزان

عادل كعنيش

تتسارع الاحداث بشكل مقلق للغاية ، وكلما اطفىنا مشكل الا واشتعل الاخر، وهو ما يعنى اننا ستتفرغ جميعا لمعالجة قضايا مفتعلة يساهم بعض الأطراف فى اثارتها من اجل زعزعة الاستقرار، ودفع البلاد نحو مزيد من الاحتقان وصولا للانهيار الذى بات وللاسف الشديد نتيجة متوقعة لعدم شعورنا بالمسؤولية.

 

ماذا تنفعنا اليوم محاكمة بورقيبة، فهذا الرجل قاد البلاد فى فترة لم تكن فيها الديمقراطية موجودة الا فى بلدان تعد على الاصابع
العالم العربى وافريقيا كانا غارقين فى التسلط والاستبداد ، و بلدان آسيا وأمريكا الجنوبية كانت فى معظمها تحت وطأة الحكم العسكرى ، والبلدان الأوربية القريبة منا كإسبانيا والبرتغال واليونان وتركيا تعيش فى ظل أنظمة قوية لا مجال فيها للحريات ، اما أوربا الشرقية فحدث ولا حرج.

اذا كان بورقيبة وفيا لعصره وحكم البلاد حكما مطلقا، كان كما يسميه الكثير دكتاتور متفتح، فراهن على شعبه لمصالحته مع العمل وترسيخ قيم الحداثة، وكان اذا عاقب فانه سرعان ما يصفح ولننظر للعفو الذى كان سرعان ما ياتى بعد انتهاء المحاكمة.

علينا ان لا نقيم التاريخ بمنطق اليوم، بورقيبة رحل عن الحكم منذ ثلاثين سنة، وأدخلنا الى الحداثة، ونحن مدينون له لانه ألغى العروشية ونشر التعليم وراهن على صحة المواطن وطبع حياة عائلاتنا بتوجيهاته، فكان بالنسبة إلينا جميعا كالأب الذى يعاقب ابناءه عند الخروج عن النواميس السياسية التى وضعها، ولكنه سرعان ما يصفح

علينا ان لا نسمح مطلقا بان يدنس تاريخ هذا القائد على يدى مجموعة تكن الحقد لتاريخه.

أنى اختم لأحيي بكل تقدير الشيخ راشد الغنوشى الذى كتب اليوم مقالة صحفية بجريدة الشروق تحت عنوان التوافق، وشرح ضمن هذا المقال نظرته التوفيقية نحو تجاوز المطبات التى تهدد الانتقال الديمقراطي، وذلك بتقوية عناصر التوافق ومقاومةً نزعات التطرّف والاستئصال

اتمنى من مناضلى اليسار ان ينسجموا على هذا المنوال وان يتخلّوا عن أيديولوجياتهم التى تجاوزتها الاحداث بالانخراط فى مسار تضامنى من اجل صنع مرحلة جديدة تقوم على التوافق الذى بدونه سوف لن ننجح، واعتقد ان الكف عن شيطنة فترة بورقيبة ودعم المصالحة الوطنية هى من العوامل التى ستساعد على ارساء التوافق وتجاوز الفترة الصعبة التى نمر بها.

اننا كدستوريون نتابع عن كثب مواقف الجميع ونرصدها وسنحدد مستقبلا مواقفنا من كل الاطياف السياسية على ضوء مواقفها من هذه القضايا.

 

 *المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.