اكدت منظمة “انا يقظ” ان شركة نقل تونس تكبّدت أكثر من 7 مليون دينار نظير نفقات الساعات الإضافية المخصّصة لسواق وتقنيي المترو طيلة السبع سنوات الأخيرة أي ما يعادل المليون دينار سنويا.
وافادت ان اللافت للنظر في هذه المبالغ الطائلة التي يتم توجيهها سنويا للنشاط الإضافي لأعوان نقل تونس، هو عدد ساعات العمل التي يتم احتسابها للموظفين يوميا.
وقد كشفت وثائق تحصل عليها مركز يقظ لدعم وارشاد ضحايا الفساد العائد بالنظر الى منظمة أنا يقظ، من شركة نقل تونس، عن تمتّع المئات من سواق وتقنيي المترو بساعات إضافية تفوق العشر ساعات يوميا، فيما كان من نصيب العشرات الآخرين من هؤلاء الموظفين العموميين ساعات إضافية ناهزت التسعة عشر ساعة (19 ساعة) يوميا.
حمادي.. “الموظف المثابر”
وكشفت “انا يقظ” انا الإسم “حمادي” هو الأكثر تداولا لدى منتسبي شركة نقل تونس، بل هو كلمة السر الأكثر شيوعا بين أعوان وسواق الشركة خلال عملهم اليومي على متن الحافلات الصفراء وعربات المترو لضمان تواصلهم وسط زحمة المسافرين وضجيج وسائل النقل العمومي المتهالكة.
وكشفت احصائيات شركة نقل تونس عن الساعات الإضافية لسواق وتقنيي المترو، حيث ان السيد “حمادي” ليس مجرد تسمية متّفق عليها بين موظفيها بل هو احد اعوانها “المتفانين جدا” في العمل. فالعون حمادي وفق احصائيات الشركة لا يكلّ ولا يملّ من أداء واجبه المهني ولا يتخلّف ولو يوما واحدا عن عمله، انه “آلة ادمية“ لا تعرف للراحة عنوانا، تشتغل ما لا يقل عن 12 ساعة إضافية يوميا طيلة 365 يوميا، فضلا عن ساعات العمل اليومية التي يزاولها والمقدرة بـ 6 ساعات و40 دق يوميا أي انه يقضي 19 ساعة و40 دق عمل في 24 ساعة.
اما اذا طرحنا اجمالي ايام الراحة الاسبوعية المقدرة بـ 96 يوما والعطلة السنوية المقدرة بشهر ثم قسمنا 4552 (عدد الساعات الاضافية السنوية لحمادي) على ما تبقى من السنة اي 239 يوما يكون من نصيب العون حمادي 19 ساعة اضافية يوميا مع 6و40 دقيقة كساعات عمل يومي، يقضي حينها حمادي ما لا يقل عن 25 ساعة و40 دقيقة عن 24 ساعة يوميا.
في 2016 تمكّن هذا الموظف العمومي “المثابر” من انجاز مالا يقل عن 4552 ساعة إضافية ما مكّنه من الحصول على مبلغ مالي قدره 19 ألف دينار، فضلا عن راتبه الشهري الذي لا يقل عن 1500 دينار، وقبل ذلك غنم 16.9 الف دينار نظير قضائه لـ 4514 ساعة إضافية سنة 2015، بالإضافة الى 16 الف دينار اخرين في سنة 2014 (اشتغل 4517 ساعة إضافية) و12 الف دينار نظير قضائه ل2570 ساعة إضافية في سنة 2013. اما في 2012 فقد نال 15 ألف دينار. لقد حصل العون التقني حمادي طيلة ست سنوات على 78.9 الف دينار كمداخيل جملية عن الساعات الإضافية.
سوء تصرف في الميزانية
واوضحت “انا يقظ” ان احصائيات شركة نقل تونس للسنوات الممتدة بين 2010 و2016 تبيّن تمتّع حوالي 12% من مجموع الاعوان التقنيين لشبكة المترو (حوالي 40 عونا من اجمالي 380 عون سنويا) بآلاف الساعات الإضافية ما حمّل الشركة نفقات بلغت 4.8 مليون دينار. وسدّدت نقل تونس جرايات إضافية بـ 2.3 مليون دينار لفائدة 16 % من سواق المترو (أي حوالي 43 من اجمالي 270 سائق).
على غرار حمادي ينعم موظفون اخرون في شركة نقل تونس بألاف الدينارات سنويا نظير الاف الساعات الإضافية التي يقضونها في عملهم، بل تشير نفس الاحصائيات الى تكرّر أسماء بعينها في قائمات الموظفين الأعلى اجرا عن الساعات الإضافية خلال السبع سنوات الأخيرة. وفيما يلي قائمة في بعض الموظفين الحاصلين على مبالغ مالية ضخمة سنويا نظير الساعات الإضافية:
الموظف م.ع صاحب معرف عدد 737 : حصل على 19 الف دينار سنة 2012 ثم 12 الف دينار في 2013
الموظف خ. ب صاحب معرف عدد 681 : حصل على 10 الاف دينار سنة 2014 و 16 الف دينار سنة 2015 ثم 12 الف دينار سنة 2016
الموظف ف.ل صاحب معرف عدد 1103 : حصل على 7 الاف دينار سنة 2014 ثم 7 الاف دينار سنة 2015 و4 الاف دينار سنة 2016
ارتفاع في الساعات الإضافية دون انتاجية
وتصنف شركة نقل تونس الساعات الإضافية الى ساعات ضارب 25 % واخرى ضارب 50 % وثالثة ضارب 100 % بالإضافة الى ساعات ليلية وخامسة خلال العطل. وكلما ارتفع الضارب وتزامن العمل مع توقيت ليلي او يوم عطلة، تصاعد الاجر وأُثقلت ميزانية هذه المؤسسة العمومية بنفقات إضافية.
لقد ارتفع عدد الساعات الإضافية لسواق المترو بأكثر من 68 % بين سنوات 2010 و2016 مما أدى الى تضاعف قيمة الأموال التي تم انفاقها في هذا الباب أكثر من مرتين أي من 167 الف دينار سنة 2010 الى 392 الف دينار سنة 2016. ولم يصاحب التراجع الطفيف في عدد الساعات الإضافية للأعوان التقنيين تقلصا في المبالغ المالية التي تم انفاقها. اذ ارتفع اجمالي الأموال المرصودة للعمل الإضافي لتقنيي المترو من 504 الف دينار سنة 2010 الى 703 الف دينار سنة 2016.
ر.م
شارك رأيك