بقلم: عمار قردود
لم تكن الشرطية “صبيحة.ع” في العقد الثالث من العمر تنوي البوح بما يجيش في صدرها لـــــ”أنباء تونس” إلا بعد أن وصلت الأمور حدًا لا يُطاق على حد وصفها داخل جهاز الشرطة الجزائرية.
وورغم إن اعترافاتها وشهاداتها تعتبر خطيرة وصادمة إلا أنها حقيقية وتحدث بشكل يومي عبر مختلف مراكز الشرطة المنتشرة عبر الجزائر.
أماطت الشرطية السابقة “صبيحة” اللثام عن حقائق خطيرة و مثيرة و مخيفة حول ما تتعرض له الشرطيّات الجزائريات من عنف جنسي داخل مراكز الشرطة، وكيف تحولت بعض المراكز الأمنية إلى “مواخير وأماكن للمواعيد الغرامية وأوكار لممارسة مختلف أنواع الرذيلة وحادت بذلك عن عملها الأساسي”.
“صبيحة” التي سلبوها شرفها داخل مركز الشرطة من طرف زملائها من أعوان الأمن قالت لــــــ”أنباء تونس” أنها لم تجد من تحكي له همومها و مأساتها فهي فتاة يتيمة الأبوين و ليس لها إخوة أو أشقاء و أنها ولجت عالم الشرطة كعون أمن سنة 2008 لتحقيق ذاتها و ضمان مستقبل آمن لها،لكن بعد سنتين من دخولها سلك الشرطة تعرضت إلى الكثير من التحرشات الجنسية من طرف زملائها من أعوان الأمن،كانت في البداية تعتبر الأمر عادي ومتوقع داخل سلك يعّج بالعنصر الذكري،لكنها كافحت من أجل تخطي هذه الممارسات غير الأخلاقية مع مرور الوقت،لكن اعتقادها كان خاطئ و في غير محله،حيث في إحدى الليالي تم الاعتداء الجنسي عليها من طرف زميل لها باستعمال العنف و التهديد وخوفًا من الفضيحة حاولت إيجاد حل لمشكلتها لكن نفس الشرطي وعدها بالزواج عمّا قريب لكن بشرط أن تستمر علاقتهما الحميمية مرة على مرة وهو ما جعلها تجاريه عن سذاجة،وفي إحدى الليالي تم اكتشاف امرهما من طرف زميل آخر لهما وهما في وضعية غير أخلاقية فقاما بابتزازهما وهددهما بفضح أمرهما،وساوم “صبيحة” في شرفها بدعوى أنها أصبحت لقمة سائغة في فم كل من هب و دب،”صبيحة” رفضت في بادئ الأمر و تمنّعت لكنها بفعل محاولاته الدنيئة و المتكررة رضخت لتلبية نزواته الحيوانية.
مشكلة “صبيحة” لم تنته هنا بل بداية ولوجها عالم الرذيلة من أوسع الأبواب، فقد ذاع أمرها وشاع وبلغ جميع الأسماع وأضحى الجميع يرى فيها “وجبة جنسية شهية و دسمة”، المسكينة رفضت هذا الوضع وقررت الانسحاب من مهنة كانت تعتقد ولا تزال أنها شريفة لكن بعض منتسبيها جلبوا لها العار والخزي.
مأساة “صبيحة” ليست إلا واحدة من العديد من المآسي التي عاشتها العديد من الشرطيّات الجزائريات التي يفتخر اللواء عبد الغني الهامل المدير العام للأمن الجزائري بهن في مناسبة وفي غير مناسبة لكنه نسي عن سهو أن يفكر في سنّ قوانين خاصة تراعي ظروف عمل الجنس اللطيف في هذا الجهاز الأمني الحساس.
الشرطية “كريمة.ع” البالغة من العمر 26 سنة تقول أنها اضطرت إلى مغادرة منصبها كشرطية بعد عمل دام مدة سنتين فقط بسبب تحرشات جنسية سرعان ما تطورت إلى اغتصاب جماعي داخل مركز للشرطة و الجناة هم أعوان أمن من رتب مختلفة،الجناة و بعد افراغهم من فعلتهم الدنيئة قاموا بتصويرها في وضعيات مخلة بالحياء و هددوها بفضح أمرها في حال هي فضحتهم .حاولت الشرطية “كريمة” فعل المستحيل من أجل الحصول على شريط الفيديو الخاص بها لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل و الأكثر من ذلك أنهم كانوا يساومونها و يبتزونها بكل وقاحة،لكنها رفضت الرضوخ لمطالبهم وبعد تفكير عميق قررت الانسحاب من مهنة الشرطة و البحث عن مهنة أخرى أو المكوث بالبيت و وكلت الله على الذين سلبوها شرفها و ضياع عملها. وقالت “كريمة” أنه “على الشرطيّات أن ترفضن التحرش الجنسي وكل أشكال العنف الجنسي والإهانة والتشويش حتى لا نجعل منه تعزيزًا لسلطة الرجل على المرأة” مشيرة إلى “أن العنف الجنسي يعطي شرعية لفكر يعود إلى القرن السابع يقلل من قيمة المرأة ويعتبرها متاعًا يُستلذ به”، على حد تعبيرها.
أما الشرطية “نعيمة.م” وهي في العقد الثالث من العمر فقالت إنها و بعد تجربة مفيدة و أليمة في نفس الوقت في سلك الشرطة امتدت إلى أزيد من 6 سنوات غادرتها مجبرة و منكسرة الخاطر لأنها أرادت الحفاظ على شرفها و شرف عائلتها و رفضت الرضوخ لمساومات جنسية دنيئة لعدد من منتسيي الشرطة من زملاءها الرجال ومن مختلف الرتب،و قالت بنبرة حزينة:”قالوها لي صراحة جسدي مقابل الارتقاء في المهنة،لكنني جزائرية أصيلة فضلت الحفاظ على شرفي وكرامتي و ضحيت بمهنتي التي أعطيتها الكثير و قررت الفرار بشرفي من مخالب الوحوش البشرية”.
أما الشرطية “سلوى.ش” البالغة من العمر 27 سنة فقد أسقطت ورقة التوت عما يحدث خلف أسوار بعض مراكز الأمن في الجزائر و قالت أن ما يحدث من كوارث أخلاقية و موبقات يُندى لها الجبين و تجعل السعيد حزين من طرف أناس يفترض أن يكونوا قدوة و مثل يحتذى به، لكن سلك الشرطة الجزائرية يجمع الغث و السمين، في مراكز الشرطة تجد المصلي و المواظب على تأديته صلواته في حينها،تجد الفتاة المحترمة ذات السلوك الحسن كما تجد العاهرات و مدمني الخمور و المخدرات و غيرهم.
الشرطية “سلوى” رفعت من سقف مطالبها عندما طالبت بإنشاء نقابة خاصة بمنتسبي ومنتسبات سلك الشرطة، وقانون لأخلاقيات مهنة الشرطة، مع سن قوانين فورية تعفي عمل المرأة الشرطية في ساعات متأخرة من المساء أو الليل وإعفاءها من المداومة مع العمل على منع الاختلاط المتزايد خلال ساعات العمل إلا للضرورة القصوى.
الشرطيات يُطالبن بفتح تحقيق معمق حول العنف الجنسي ضد النساء العاملات في مراكز الشرطة
الشرطيات المعنيات يُطالبن عبر “أنباء تونس” من المدير العام للأمن الجزائري اللواء عبد الغني هامل بفتح تحقيق داخلي فوري ومعمق حول العنف الجنسي ضد النساء العاملات في سلك الشرطة عبر مختلف المراكز الأمنية المتواجدة على التراب الجزائري. وذلك عل إثر فضحهن المضايقة والإهانة والعنف ضد عشرات الشرطيات داخل جهاز الشرطة في الجزائر.
ذات الشرطيات أفصحن لــــ”أنباء تونس” أنهن قمن بإرسال عدة شكاوى رسمية للجهات المختصة لكن لا حياة لمن تنادي ويعتقدن أن تتطرقهن إلى موضوع مثل هذا يعتبر إهانة لجهاز الشرطة في الجزائر في نظر المسؤولين الجزائريين ويُناشدن المدير العام للأمن الجزائري الدفاع عن حقوقهن والاقتصاص من الذين سلبوهن شرفهن طالما أنه هو النقابي الوحيد في الشرطة حسبهن.
من جهة أخرى أفاد مصدر أمني جزائري رفيع المستوى “أنباء تونس” أنه “من الصعب إقدام اللواء عبد الغني هامل على فتح تحقيقًا داخليًا حول العنف الجنسي ضد المرأة في جهاز الشرطة وإذا حدث فإنه يعتبر الأول من نوعه في الجزائر،كما أنه يعتبر بمثابة اعتراف رسمي بتواجد مثل هذه الظواهر غير الأخلاقية بجهاز حساس مثل جهاز الشرطة”. وأعترف ذات المصدر بوجود مثل هذه الحالات لكن ليس على نطاق واسع لأن مراكز الشرطة تعرف حركية
شارك رأيك