بقلم عمار قردود
علمت “أنباء تونس” من مصادر جزائرية جد مطلعة أن عدد شباب ولاية أم البواقي الذين تمكنوا من الحرقة إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، بلغ 50 حراق، تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 38 سنة، من بينهم خمس فتيات في عمر الزهور، و يتوزعون على بلديات عين مليلة، عين البيضاء، أم البواقي، مسكيانة و فكرينة،و ذلك منذ بداية السنة الجارية.
و حسب أهالي بعض هؤلاء الشباب الذين نجحوا في تحقيق حلمهم بالسفر إلى الضفة المقابلة من المتوسط، فإن مجملهم تنقلوا إلى بلدية عين البيضاء، أين يتواجد منظم رحلات الحرقة و هو حسب بعض المصادر، إطار جامعي في عقده الثالث من العمر، ليتم تحويلهم صوب مدينة عنابة الساحلية و من ثمة الاتجاه بواسطة زوارق بحرية إلى شواطئ إيطاليا قاطعين مسافة تقدر بين 250 و 300 كيلو متر للوصول إلى شواطئ سردينيا.
و المثير في رحلة هؤلاء الشباب اليافعين المحفوفة بالمخاطر، هو سرقة أموال من عائلاتهم و الهروب خلسة، دون إشعارهم بذلك، فحسب والد أحد الشباب الحرقة “السعيد.ك”، فابنه الذي اتصل به هاتفيًا بعد أسبوع من الغياب أعلمه أنه يتواجد بإيطاليا طالبًا منه الصُفح و الاعتذار لأنه سرق منه مبلغ مالي قدره 50 مليون سنتيم بالإضافة إلى بعض مجوهرات و حلي والدته و أخته المخطوبة التي هي على وشك الزواج.
أما السيد “الجمعي.ق” فيقول بكل حسرة و ألم أن ابنه الذي نجح في الحرقة نحو إيطاليا هو متزوج و أب لأربعة أطفال، تمكن من أخذ كل مصوغات زوجته الذهبية و الاستيلاء على مال عمه المقدر بـ100 مليون سنتيم و لاذ بالفرار متناسياً أسرته و كأني به ترك كلابًا و ليس عبادًا.و الأخطر من كل ذلك أنه كشف له-خلال مكالمته هاتفياً-أنه بصدد الزواج من فتاة إيطالية و أنه لا يفكر في العودة إطلاقًا..!
الغريب في الأمر أن عوائل الشباب الحراق لم يُبلغوا عن اختفاء أبنائهم في أعقاب فقدانهم بدعوى أنهم كبار و لا خوف عليهم، و من جهة أخرى علمنا من بعض العائلات في عين مليلة أن أبناءهم الخمسة الذين تقدر أعمارهم ما بين 15 و 18 سنة قد اختفوا منذ عدة أيام، حيث أدعوا أنهم بصدد السفر إلى الجزائر العاصمة و لكنهم لم يعودوا لحد الساعة، و هو الأمر الذي جعلهم يرجحون محاولتهم الحرقة، حيث لطالما كانوا يفكرون في الحرقة، لكن لا شيء مؤكد حاليًا.
و يبدو أن تفكير بعض شباب ولاية أم البواقي في الحرقة أضحى موضة اليوم، بسبب إقبال الكثيرون على ذلك محاولة و تفكيرًا غير مدركين الأخطار المحدقة بهم.
13 عائلة من عين البيضاء تتجمهر أمام القنصلية التونسية بعنابة
و من جهة أخرى تنقلت نحو 13 عائلة قدموا من دائرة عين البيضاء ولاية ام البواقي نحو مقر القنصلية التونسية بعنابة للاستفسار عن مصير أبنائهم المختفين منذ قرابة الشهر، بعد رحلة هجرة غير شرعية خاضوها يوم 7 أفريل الماضي، لكن أخبارهم انقطعت منذ مدة، لتعيش بعدها عائلاتهم، حالة من الرعب والفزع، بعدما انتشرت أنباء عن انقلاب قاربين بعرض البحر، الأمر الذي أدخل عائلات الحراقة الثلاثة عشر في حالة هلع هستيرية بين مكذّب ومؤكّد للخبر. تفاصيل القضية كما كشفت عنها مصادر محلية متطابقة لـــ”أنباء تونس”، تعود لشهر أفريل الماضي،حينما تنقل 13 شاب من دائرة عين البيضاء بولاية أم البواقي، تراوحت أعمارهم بين الـ 24 والـ33 سنة نحو مدينة عنابة وتقربوا فيما من سماسرة البشر، ودفعوا مبالغ مالية نظير رحلة الحرقة نحو جزيرة سردينيا الإيطالية انطلاقًا من شواطئ سيدي سالم، التابعة إداريًا لبلدية البوني بولاية عنابة الساحلية، ليحدد يوم 7 أفريل الماضي تاريخ لرحلتهم رفقة شباب من ولاية عنابة، حيث تفاجأت عائلات الشباب الحراق، بانقطاع أخبارهم كليًا منذ مغادرتهم لمنازلهم، أين اعتقدت العائلات أنّ أبناءهم وصلوا للأراضي الإيطالية وبقوا في حالة ترقب لاتصالاتهم من أجل الاطمئنان عليهم، إلى غاية ورود أنباء أولية تفيد أن مجموعة من الحراقة كانوا في رحلة أيضا إلى إيطاليا تلت الرحلة الأولى، وعثروا على قاربين منقلبين بعرض البحر، وهو الخبر الذي نزل كالصاعقة على عائلات الحراقة، لكن سرعان ما تم تكذيب الخبر بعد تنقل بعض العائلات نحو تونس العاصمة ليتبين أن هناك قارب يضم 14 مهاجرًا غير شرعيًا تم توقيفه بالمياه الإقليمية التونسية وان القارب الثاني الذي يضم 10 شباب رجع نحو ولاية عنابة، وعليه استنجدت عائلات الحراقة بمصالح القنصلية التونسية بعنابة، وقدموا 9 ملفات خاصة بالحراقة المختفين للمكلف بالشؤون الاجتماعية بالقنصلية التونسية بعنابة، وطالبوا من القائمين عليها مواصلة إجراء اتصالاتهم مع السلطات التونسية المعنية خصوصًا أن هناك معلومات مؤكدة مفادها العثور على قارب الحراقة وتوقيفهم من طرف خفر السواحل التونسية، وعليه أكد المكلف بالشؤون الاجتماعية على مستوى القنصلية التونسية بعنابة لــــ”أنباء تونس” أن “مصالح القنصلية تكفلت بانشغالات عائلات الحراقة القادمين من ولاية أم البواقي، وسيتم فورًا مراسلة السلطات التونسية عبر برقية مستعجلة تضم أسماء الشباب المفقودين وانتظار الرد منها خلال الساعات القليلة القادمة في حال ثبوت ذلك و سنسعى جاهدين من أجل استرجاعهم سالمين لبلدهم”.
حراقة من أم البواقي محتجزين في السجون التونسية
هذا و قد أقدم العشرات من أهالي الحراقة المفقودين، بمدينة عين البيضاء التابعة إلى أم البواقي، منذ أيام، على تنظيم مسيرة جابوا فيها مختلف الشوارع الرئيسية بالمدينة، من أجل مطالبة السلطات المحلية والولائية بالتدخل العاجل من أجل منحهم معلومات مؤكدة حول مصير فلذات أكبادهم.
المسيرة انطلقت من حي الإخوة بلعلمي، وهو الحي الذي يقطن فيه الحراقة المفقودون، مرورًا بأمن الدائرة وصولاً إلى مقر محكمة عين البيضاء الابتدائية، الكائن بحي كانوني الطيب، وقد شارك في المسيرة، فنانون من المدينة إلى جانب مغتربين، ممثلو المجتمع المدني وعدد من تلاميذ المدارس، الذين رفعوا جميعا شعار “نريد إخوتنا أحياء أم أمواتًا”.
المحتجون وبعد المسيرة الحاشدة قاموا بغلق الطريق أمام محكمة عين البيضاء رافعين لافتات وشعارات إلى جانب هتافات تؤكد على ضرورة سعي الدولة للبحث عن الحراقة المفقودين، الذين غادروا أرض الوطن بطريقة غير شرعية عبر قوارب الموت انطلاقا من شواطئ سيدي سالم بعنابة باتجاه إيطاليا، إلاّ أنه ومنذ تاريخ الثالث ديسمبر وهو موعد انطلاق الرحلة غير الشرعية عبر قوارب الموت لم تظهر أي معلومات عن الشباب فلا هم موجودون بإيطاليا ولا هم موجودون بالأراضي الجزائرية.
ولم يستبعد ذوو المفقودين احتمال وجودهم بالسجون التونسية بعد ورود معلومات توقيفهم من قبل القوات التونسية بعد دخولهم إلى المياه الإقليمية للبلد الجار، لترفع بذلك أمهات الحراقة نداءهن إلى الجهات الوصية من أجل الاتصال بنظيرتها التونسية ووضع حد لمعاناتهم طيلة خمسة أشهر متتالية. تجدر الإشارة إلى أنّ المسيرة لقيت تعاطفًا وتضامنًا كبيرين من قبل جميع فئات سكان مدينة عين البيضاء، الذين أكّدوا أنّ القضية تعنيهم جميعًا ولا تعني أهالي الحراقة فقط.
إعادة 54 رعية جزائرية كانوا عالقين في ليبيا
و من جهة أهرى تمت إعادة أربع و خمسون (54) رعية جزائرية كانوا عالقين في ليبيا إلى الجزائر بسبب “الإقامة غير القانونية”، حسبما أكده أمس الأربعاء الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية عبد العزيز بن علي شريف.
و اكد السيد بن علي الشريف ان العملية “تمت بشكل جيد في هذا الشهر الفضيل بفضل تعاون و مساعدة السلطات الليبية التي عملت بالتعاون الوثيق مع المصالح المركزية لوزارة الشؤون الخارجية و أيضا مع مصالحنا القنصلية في تونس لا سيما قنصليتنا بمدينة قفصة”.
وأوضح ذات المتحدث انه “تم التمكن من تجميع هؤلاء الرعايا الجزائريين الذين ليس لديهم وثائق و لا موارد، في طرابلس قبل ان تتكفل بهم القنصلية و يتم نقلهم جوا من طرابلس الى الجزائر العاصمة عبر تونس”.
وأضاف السيد بن علي الشريف أنه “تم نقل مجموعة أولى متكونة من ثلاث وعشرين (23) شخصًا يوم 7 جوان و مجموعة ثانية متكونة من 31 شخصًا وصلت الى الجزائر العاصمة أمس الأربعاء”.