الرئيسية » قريبا : تنظيم القاعدة ينتهي في تونس اثر تضييق الخناق عليه

قريبا : تنظيم القاعدة ينتهي في تونس اثر تضييق الخناق عليه

 

بقلم عمار قردود

يبدو أن النجاحات الأمنيّة الأخيرة التي حققتها وحدات الجيش التونسي بفضل عدد من العمليات الأمنية و العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية و خاصة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي باتت تُشكل أزمة كبيرة عند المجموعات الإرهابية لا سيما بعد تمكن الوحدات التونسية المسلحة من اكتشاف العديد من مخازن الأسلحة و التضييق على الإرهابيين و على تحركاتهم و القضاء على بعضهم و توقيف العض الآخر.
فقد اشتكى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من تضييق الخناق عليه و الإجهاد الذي يعانيه مقاتلوه في تونس،حيث أصدر هذا التنظيم الإرهابي-أو بمعنى أصح فرعه بتونس-بيانًا بمناسبة عيد الفطر على موقع “التيليغرام” جاء فيه: “لا يفوتنا في هذه المناسبة الكرة أن نذكر أنفسنا وإخواننا وأمتنا المسلمة ببعض ما يجب عليهم تجاه دينهم وإخوانهم، حتى يجعلوا هذا العيد يومًا للزينة يُواسون فيه أصحاب النفوس الحزينة التي أضناها الإرهاق بعدما اشتد عليها الخناق”.

و يتعرض فرع هذا التنظيم الإرهابي في تونس “كتيبة عقبة بن نافع” للحصار و التضييق في معاقله الأساسية في بعض الجبال على الحدود مع الجزائر و تلقى ضربات موجعة و قاصمة للظهر من طرف وحدات الجيش التونسي كلفته خسائر معتبرة في الأرواح و شلت تحركاته،حتى أن بعض عناصره قضوا جوعًا و البعض الآخر سلم نفسه مرغمًا بسبب الحصار و التطويق الأمني و العسكري الكبيرين.

و بحسب الخبراء الأمنيين لــــ”أنباء تونس” فإن عناصر هذه الكتيبة الإرهابية تحاول مرة على مرة استعمال أو استغلال أسلحتها المعنوية من خلال العمل على بث الرعب و الفزع في نفوس التونسيين و الوحدات الأمنية و العسكرية ،حيث أحيانًا تسارع إلى بث مقاطع فيديو لعملية إرهابية تتخللها تهديدات واضحة و أحيانًا تُؤكّد أن الإرهابي “أبو عياض” لا يزال حيًا يُرزق،و أحيانًا أخرى تلمح إلى إقدامها على تنفيذ عملية إرهابية،بل و قد بلغ بها اليأس مبلغ ادعاءها و زعمها أنها وراء تنفيذ عمليات إرهابية تثبت الأيام و التحريات الأمنية أنها ليست من تنفيذها و أنها لا علاقة لها أساسًا بالعمل الإرهابي و إنما هي مجرد حوادث عادية عرضية.و الدليل الدامغ على أن العناصر الإرهابية تعاني التضييق هو إقدامها على تنفيذ عمليات إرهابية غير معقولة كاغتيال الراعي “خليفة السلطاني” و شقيقه في سيدي بوزيد-وسط تونس- منذ أيام.

و يدل-بحسب الخبراء الأمنيون- هذا التخبط الذي تتواجد فيه كتيبة “عقبة بن نافع” إلى افتقادها بريقها الإعلامي و خبو جذوة تشاطها الإرهابي و انتهاجها الحرب النفسية و ما يسمى بـــ”البروباغندا الإرهابية” التي تهدف إلى بث الخوف و الفزع في المجتمع التونسي و لو بشكل افتراضي غير واقعي بعد تضييق الخناق عليها و شل حركتها.

و أجمع الخبراء الأمنيين أنه لم يتبق لهذه العناصر الإرهابية من بُد إلا التهديد و الوعيد بعد أن نجحت وحدات الجيش التونسي من القضاء على الكثير منها و تقليص نفوذها و نشاطها و ربما الاقتراب من القضاء عليها نهائيًا ما يعني نهاية قريبة جدًا للإرهاب في تونس مثلما صرح بذلك منذ أيام وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني.

فقد قال وزير الدفاع ، فرحات الحرشاني، شهر جوان الماضي، أن القضاء على آفة الإرهاب في تونس في مراحلها الأخيرة، مبينًا أن الانتصارات التي حققتها المؤسسة العسكرية التونسية في ملحمة “بن قردان” هي خير شاهد على قدرتها على التصدي للإرهاب وضمان حماية تونس.

وبيّن الحرشاني لدى تدشينه المعرض الوثائقي الذي أقيم بمناسبة الذكرى 61 لانبعاث الجيش التونسي أن هذه الانتصارات نابعة من العقيدة العسكرية التونسية المبنية على تقديس الوطن، إضافة إلى نجاعة التكوين العسكري الذي أكسب الجنود مهارات قتالية ودفاعية عالية.
كما لفت إلى أهمية التجهيزات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية في مقاومة الإرهاب، مشيرا إلى أن الحرب على هذه الافة ليست حكرا على المؤسستين الأمنية والعسكرية بل تشمل المواطن، الذي يتعين أن يكون واعيا بخطورة هذه الافة ومكامن علاجها.

واعتبر وزير الدفاع أن الجيش التونسي يشكل “استثناء”، وفق قوله، وذلك بما لعبه من دور هام في تكريس نجاح الاستحقاق الديمقراطي الوليد ببلادنا باعتباره جيشا جمهوريا “لا يتدخل في الشأن السياسي، وإنما يؤمن الانتقال الديمقراطي ويحمي الحدود بالإضافة إلى دوره التنموي”.
كما شدد على دور المؤسسة العسكرية في تامين المناطق الحساسة والاستراتيجية والسيادية للبلاد، ومراقبتها على مدار الساعة، دون انقطاع للحفاظ على أمن تونس والتصدي لآفة الإرهاب.

وتحدث الوزير، في هذا السياق، عن مشروع قال إنه قيد الاستكمال، ويتعلق بالمراقبة الالكترونية العصرية للحدود، بما يمكن من رصد كل التحركات المشبوهة سواء للأشخاص أو للعربات، وخاصة في مستوى المناطق الحدودية مع ليبيا، معربًا عن الأمل في أن يتوصل هذا البلد الشقيق إلى حل سياسي، وهو ما سينعكس إيجابيا على الوضع الأمني في ليبيا وتونس.

ويتضح من خلال سلوكيات عناصر كتيبة “عقبة بن نافع” الإرهابية “القاعدية” في الآونة الأخيرة أنها تعيش أيامها الأخيرة في تونس و في باقي دول شمال أفريقيا، بعد الضربات الموجعة والقاصمة للظهر التي تلقتها بقايا فلول هذه التنظيمات الإرهابية على يد القوات الأمنية والعسكرية، فتنظيم “داعش” حاول عدة مرات ترتيب و تنظيم أموره في تونس وإعادة تموقعه من جديد لكن كل محاولاته باءت بالفشل الذريع، وما أن يعلن التنظيم عن مبايعة أمير جديد له حتى تتمكن قوات الأمن من القضاء عليه وقطع دابره.

و وفقًا للخبراء الأمنيين يعتبر منسوب الخوف من تلك الجماعات الإرهابية ومن تمدد نشاطها في تونس، قد انخفض بشكل ملحوظ خاصة خلال الفترة الأخيرة. ولم يعد تنظيمي “داعش” و”القاعدة” من الناحية العسكرية والأمنية، يشكّلان نفس الخطر الاستراتيجي والكبير على أمن دول شمال أفريقيا الذي كانا يشكلان في السابق، أو على الأقل خفت بشكل ملحوظ ذلك الخطر و إن كان لا يزال قائمًا و ذلك لأنه لم يبق للتنظيمين الإرهابيين قدرات وقادة مثل السابق.

فقد نشر موقع موال لتنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي”، شهر ماي الماضي، على حسابه في موقع “تيليغرام”، بيانًا جديدًا أكد فيه مقتل الإرهابي الجزائري “أبو سفيان الصوفي” أمير الكتيبة في عملية سيدي بوزيد العسكرية. كما قال في البيان ذاته إن المدعو “إيهاب اليوسفي” الذي يكنى بـ”أبي اليقين القيرواني” قد تمت تصفيته في 30 أفريل الماضي في عملية سيدي بوزيد العسكرية -وسط تونس-.هذا وأشار البيان إلى أن “أبو سفيان الصوفي”، جزائري الجنسية، والذي قتل في العملية ذاتها، قد دخل الأراضي التونسية مباشرة بعد سقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وكان الحرس الوطني التونسي قد أعلن نهاية أبريل الماضي مقتل مسلحين اثنين أثناء اشتباكات اندلعت بعد مداهمة منزل في مدينة سيدي بوزيد وسط تونس. وقال المتحدث باسم الحرس الوطني العميد خليفة الشيباني حينها إن وحدات خاصة من الحرس تمكنت من تصفية إرهابيين اثنين أحدهما فجر نفسه بحزام بعد تلقيه طلقا ناريا، مشيرا إلى أنه زعيم كتيبة عقبة بن نافع”. وتعد كتيبة عقبة بن نافع واحدة من أخطر التنظيمات، التي كانت موالية لتنظيم “القاعدة”، قبل أن تشهد انقسامات بعد انضمام أفراد منها إلى تنظيم “داعش”.

من هي كتيبة عقبة بن نافع الإرهابية وماهي أبرز عملياتها الإرهابية في تونس؟

كتيبة عقبة بن نافع التي تعتبرها الحكومة التونسية المسؤولة عن الهجوم الإرهابي الدامي الذي استهدف متحف باردو في 18 مارس 2015 وأسفر عن مقتل 22 شخصًا،هي مجموعة إرهابية مسلحة تتحصن منذ نهاية 2012 بجبل الشعانبي من ولاية القصرين -وسط غرب- على الحدود بين تونس والجزائر. وحسب السلطات التونسية، فإن هذه المجموعة التي اختارت لنفسها اسم القائد العسكري المسلم الذي فتح تونس تيمنًا به لإعادة نشر الإسلام و تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في هذا البلد، مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وخططت لإقامة “أول إمارة إسلامية” في شمال أفريقيا في تونس بعد “الثورة” التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس زين العابدين بن علي.

وتقول السلطات التونسية إن هذه المجموعة مسؤولة عن الهجوم الذي استهدف متحف باردو في 18 آذار/مارس وأسفر عن مقتل 22 شخصًا بينهم 21 سائحًا أجنبيًا، مع أن تنظيم “الدولة الإسلامية” تبنى هذه العملية. وأعلن رئيس الوزراء التونسي آنذاك الحبيب الصيد مقتل زعيم هذه الجماعة. وقال إن القوات التونسية “تمكنت من قتل أهم عناصر كتيبة عقبة بن نافع وعلى رأسهم لقمان أبو صخر”. ووصف ذلك بأنه “عملية مهمة جدًا في برنامجنا لمكافحة الإرهاب”. وكان وزير الداخلية التونسي السابق ناجم الغرسلي صرح أن الهجوم على متحف باردو “تزعمه الإرهابي لقمان أبو صخر” وهو جزائري الجنسية وأحد قادة مجموعة عقبة بن نافع الإسلامية المتطرفة التي تنشط تحت لواء تنظيم القاعدة.

وفي سبتمبر 2014 أعلنت كتيبة عقبة بن نافع مبايعة تنظيم “الدولة الإسلامية” ودعته إلى التحرك خارج سوريا والعراق. وقالت في بيان آنذاك “الأخوة المجاهدون في كتيبة عقبة بن نافع (..) يدعمون بقوة تنظيم “الدولة الإسلامية” ويدعونه إلى التقدم وتجاوز الحدود وتحطيم عروش الطغاة في كل مكان”. وتعتبر المجموعة عناصر الأمن والجيش “طواغيت” وتحرض على قتلهم. وقد زرعت ألغاما في جبل الشعانبي لمنع تقدم قوات الجيش والأمن. وأدى انفجار هذه الألغام إلى مقتل وإصابة عدد من هذه القوات.

و في 29 جويلية 2013 قتلت المجموعة مع موعد الإفطار في شهر رمضان في كمين نصبته لدورية للجيش بجبل الشعانبي، ثمانية عسكريين وسرقت أسلحتهم وبدلاتهم العسكرية بعدما ذبحت خمسة منهم في حادثة اهتز لها الرأي العام المحلي في تونس.
وفي 16 جويلية قتل 15 عسكريًا في هجوم نفذه عشرات من المسلّحين المحسوبين على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بجبل الشعانبي، وفق السلطات التونسية. وكان الهجوم الأسوأ في تاريخ المؤسسة العسكرية التونسية منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1956.
ومنتصف جوان 2014 أعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لأول مرة، أن المسلحين المتحصنين في جبل الشعانبي تابعون له. وأعلن التنظيم في بيان مسؤوليته عن هجوم استهدف في 28 ماي 2014 منزل وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو في مدينة القصرين وأسفر عن مقتل 4 من عناصر الأمن وإصابة اثنين.

وبحسب وزير الداخلية السابق علي العريض فإن أغلب عناصر المجموعة ينحدرون من ولاية القصرين “ويشرف على تدريبها ثلاثة جزائريين لهم علاقة مع أمير القاعدة في المغرب الإسلامي أبو مصعب عبد الودود” واسمه الحقيقي عبد المالك درودكال.
وأفاد أن أغلب التونسيين الذين ينتمون إلى المجموعة هم نشطاء في جماعة “أنصار الشريعة بتونس” التي صنفتها تونس والولايات المتحدة تنظيمًا إرهابيًا في 2013.

شارك رأيك

Your email address will not be published.