قالت مجلة «باريس ماتش» الفرنسية واسعة الانتشار في تحقيق حول طبيعة تعامل فرنسا مع القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة رئيس حزب الوطن عبد الحكيم بلحاج، إن هذا الجانب المحدد في إدارة فرنسا للأزمة الليبية يعكس التناقضات المسجلة على الموقف الفرنسي تجاه ليبيا منذ عام 2011.
وأضافت المجلة أن وزارة الخارجية الفرنسية قامت بدعم عبد الحكيم بلحاج منذ البداية سياسيًا، فيما عارضته وزارة الدفاع بشدة، كاشفة عن جوانب غير معروفة في الموقف الفرنسي حتى الآن، ودعم باريس من خلال سفيرها في طرابلس منذ بداية أحداث 2011 لجماعة الإخوان المسلمين، التي كان الفرنسيون يرون أن عبد الحكيم بلحاج هو الذي يمثلها.
أما في وزارة الدفاع فقد كانت الأمور مخالفة تماما وتمسك وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريون (حاليا وزير الخارجية) بخط آخر تمثل في المراهنة على قائد الجيش الليبي خلفية حفتر، وفي كفاحه ضد المنظمات والجماعات المتشددة، وفق المجلّة.
وأكدت باري ماتش في هذا التحقيق الخاص أن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند لم يتمكن من حسم الموقف بين الخارجية الفرنسية الداعمة لبالحاج ووزارة الدفاع بقيادة جان ايف لودريون المؤيدة لحفتر.
وأشارت باري ماتش إلى أن خبراء الشأن الليبي في فرنسا اعتبروا أن بالحاج هو شخصية مزدوجة، و«هو ديمقراطي في النهار وإرهابي في الليل».
وأكدت نقلا عن أجهزة المخابرات الفرنسية أن بالجاج، ومنذ البداية ظهر على كونه ممثلاً الإخوان المسلين في ليبيا، دفع بعض الفرنسيين لدعمه رغم التحذيرات الصادرة عن العديد من الأجهزة الأمنية.
وقالت باري ماتش إن التغييرالجذري في معادلة القوة في الأزمة الليبية حدث عندما سقط الرئيس محمد مرسي في مصر وتولي الفريق عبد الفتاح السيسي مقاليد الأمور في القاهرة.
وأشارت المجلة إلى أنه، ومنذ ذلك التاريخ حصل الإسلاميون الليبيون على دعم بريطاني مفتوح وتمكنوا من إنشاء خلية دعم في أوروبا لنقل السلاح من تركيا باسم إغاثة الجرحى الليبيين، وأن هذه الأسلحة استفاد منها تنظيم القاعدة في درنة وبنغازي.
وأضافت أنه تم التأكد أيضًا من تحويلات مالية كبيرة من سويسرا إلى دول أوروبية حتى إلى الصين من خلال أطراف لها صلة بلحاج للحصول على السلاح.
وأكدت المجلة أن وزارة الدفاع الفرنسية أوقفت دعمها لحفتر خلال عام 2016، ولكن ظهور تحالف للمليشيات في طرابلس ضد بالحاج أضعف الأخير بشكل كبير ونسف جهوده.
وكشفت المجلة أن عبد الحكيم بلحاج ورغم تراجعه ميدانيا، فإنه لا يزال يحاول العودة هذه الأيام إلى المشهد الليبي، وعقد يوم 18 مايو الماضي في جنيف لقاءً مع أحد ممولي الإخوان المسلمين في تونس (شفيق جرايا) وأحد باعة السلاح، وهو يحاول حاليا إنشاء «بؤر زعزعة» جديدة في ليبيا وخارجها مثل العملية التي جرت في مانشستر ببريطانيا ونفذها سليمان العبيدي.
وأوضحت المجلة الفرنسية أن رياحًا سيئة تنفخ على بالحاج وحلفائه، خاصة بعد فقدان هؤلاء سجن الهضبة وخسارتهم جميع سجنائهم وحرق مباني قناة النبأ في طرابلس، كما تم وضع بلحاج في قائمة الإرهابيين من قبل مصر وثلاث دول خليجية رسميا، ولم يعد له دعم سوى من تركيا.
وقالت باري ماتش في الختام إن الموقف الفرنسي تجاه بلحاج بدا يتغير بوضوح ويوم 21 يونيو الماضي صرح الرئيس ايمانيال ماكرون رسميا أن فرنسا أخطأت بشنها الحرب ضد ليبيا وهو بذلك ينحاز إلى موقف جان ايف لودريون الذي انتقل من وزارة الدفاع إلى وزارة الخارجية.
بوابة الوسط
شارك رأيك