بقلم عمار قردود
شهدت تونس ،خلال الأيام الماضية،انقطاعًا للتيار الكهربائي في العديد من المحافظات والمنشآت الحيوية؛ بسبب بلوغ الاستهلاك درجات قصوى مع ارتفاع درجات الحرارة والاستعمال المكثف للمكيفات الهوائية ووسائل التبريد و قد تزامن ذلك مع اشتداد الصيف و إندلاع جملة من الحرائق شملت عدة مدن تونسية الأمر الذي زاد من إرتفاع درجات الحرارة و الطلب على الطاقة الكهربائية.
و لسوء حظ التونسيين أن ذلك تزامن مع تذبذب ثم إنقطاع منذ نحو 20 يومًا أو أكثر عن تزويد تونس بالكهرباء الجزائرية جراء سلسلة من الحرائق مست أزيد من 30 ولاية جزائرية في الآونة الأخيرة و هي الحرائق التي تسببت في إتلاف الأسلاك الكهربائية التي توصل الكهرباء الجزائرية إلى تونس و خاصة على مستوى المحول الكهربائي الكائن بمدينة رمضان جمال بولاية سكيكدة-شرق الجزائر-كما نشبت حرائق بمناطق تونسية عديدة خاصة بشمال ووسط تونس أتت على مساحات هامة من محاصيل زراعية وغابات.
وتعرف تونس في السنوات الأخيرة طلباً متزايداً على الكهرباء نتيجة تغيرات المناخ وتسجيل ارقام قياسية و غير مسبوقة في درجات الحرارة بلغت الخمسين درجة مئوية، وهو ما أجبر الحكومة التونسية على مراجعة أسعار الكهرباء في مناسبتين للتخفيف من فاتورة الدعم التي تتحملها والاستنجاد بالجزائر لتوفير كميات إضافية من الكهرباء.
و لجأت الحكومة التونسية بداية من العام الماضي 2016، إلى استيراد الكهرباء من الجزائر، لمجابهة الطلب المتزايد على الطاقة خلال فصل الصيف وتفادي انقطاع التيار في العديد من المناطق على غرار ما حدث في السنوات السابقة.
وقال المدير العام السابق لشركة الكهرباء والغاز التونسية، عامر بشير، إن مؤسسته قامت بإبرام عقود تجارية مع الجزائر للحصول على 100 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، سيتم استعمالها إذا تجاوز الطلب التوقعات خلال موسم ذروة الاستهلاك، وذلك بالإضافة إلى الاعتماد على هامش احتياطي يقدر بنحو 60 ميغاوات.
و قد توقع انذاك المسؤول السابق بالشركة أن يبلغ الحد الأقصى للاستهلاك 3900 ميغاوات، جراء ارتفاع الحرارة وتزايد الإقبال على التكييف الهوائي، مقابل ذروة تم تسجيلها سنة 2015 بلغت نحو 3594 ميغاوات.
ولم يستبعد إمكانية اللجوء إلى القطع الإرادي للكهرباء، قائلا: “في حال تجاوز الطلب كل التوقعات فإنه من المحتمل أن تتم عمليات قطع إرادي لا تتجاوز مدته بضع دقائق، من أجل حماية الشبكة حتى لا تنهار”، مشيرًا إلى أن توقعات الذروة يتم إنجازها على أساس حرارة جو 40 درجة مئوية.
و قد تابع في سياق متصل، أن عملية القطع الإرادي تحصل في جميع مؤسسات الكهرباء في العالم، لافتًا إلى أنه حتى في حالة حصولها، فإنه سيتم تجنب المنشآت الحيوية والسيادية بالإضافة إلى عدم التركيز على منطقة واحدة.
وتتصدر شركة الكهرباء والغاز قائمة المؤسسات الحكومية التي تعاني من الصعوبات، وهو ما يجعل البعض يطرح إمكانية خصخصتها في السنوات القادمة لا سيما و أن صندوق النقد الدولي شدد في توصياته الأخيرة للحكومة على ضرورة خصخصة المؤسسات الحكومية التي تشكو صعوبات، لتخفيف أعباء الدولة التي تضطر لضخ أموال طائلة للمحافظة عليها.
و رغم إشتكاء التونسيون من تضخم في فواتير الكهرباء التي تبدو غامضة بالنسبة لأكثر من 60 بالمائة منهم، وفق استطلاع أنجزه في فترة لاحقة المعهد التونسي للاستهلاك،إلا أن وزارة الطاقة التونسية تصر على أن أسعار الكهرباء المعمول بها في تونس تبقى من أدنى الأسعار المعمول بها مقارنة بالعديد من الدول في العالم، وهو ما يكبّد ميزانية الدولة دعمًا في حدود 3 مليارات دينار تونسي -أي ما يعادل 1.5 مليار دولار- سنويًا.
الديون المستحقة لشركة الكهرباء و الغاز التونسية تقدر بــــ475 مليون دولار
وتتكبد شركة الكهرباء والغاز التونسية-و هي شركة حكومية عمومية- خسائر كبرى بسبب عجزها عن تحصيل ديونها المستحقة لدى الزبائن بمختلف أنواعهم، حيث تقارب ديون الشركة وفق بيانات رسمية تونسية، 949 مليون دينار تونسي -أي ما يعادل 475 مليون دولار-،و تقدر ديونها لدى المؤسسات الحكومية بنحو 360 مليون دينار تونسي هذا سنة 2016
فيما بلغت قيمة مستحقات الشركة لدى عملائها سنة 2017 إلى 980 مليون دينار تونسي- ما يعادل 408 ملايين دولار-، و أن نصيب المؤسسات الحكومية من هذه الديون يعادل 155 مليون دولار،و تسببت هذه الديون المتراكمة في تدهور الوضع المالي للشركة، مما اضطر الحكومة التونسيةإلى دعم موازنة المؤسسة بنحو 150 مليون دولار سنة 2015.
التونسيون متخوفون من ارتفاع جديد في أسعار الكهرباء
و يتخوف التونسيون من أن تحمل الأشهر القليلة المقبلة، قرارات برفع أسعار الكهرباء، بينما يشهد الاستهلاك تزايداً خلال فصل الصيف، فيما ينظر أغلب التونسيين بريبة إلى شركة الكهرباء و الغاز الحكومية، التي يتهمونها بتضخيم متعمد في الفواتير.
وأقرت الحكومة التونسية في منتصف مارس الماضي، زيادة في أسعار الكهرباء والغاز بنسبة 10 بالمائة. وسبق أن رفعت الأسعار مرتين بنسب مماثلة في يناير وماي 2014،فيما بلغ دعم المحروقات والكهرباء خلال العام الماضي نحو 579 مليون دينار تونسي – ما يعادل 275 مليون دولار-، مقابل 1.28 مليار دينار تونسي -ما يعادل 612 مليون دولار- عام 2015.
وأدى ارتفاع أسعار الكهرباء إلى تهرب المواطنين التونسيين من دفع الفواتير، ما دفع شركة الكهرباء و الغاز إلى قطع التيار الكهربائي عن المساكن والمؤسسات التي تراكمت عليها الديون، في خطوة لإجبارهم على دفع المستحقات المراكمة.
شارك رأيك