صعد الفنان رؤوف بن يغلان ليلة الأحد 6 أوت على ركح مسرح قرطاج ليستمر في رواية حكايته مع نموذج اجتماعي جديد، أو هو ربما إحدى الشخصيات التي التقاها في أعماله السابقة وتأثرت بالمستجدات والتغيرات التي طرأت على تونس كل هذه السنوات.
كان رؤوف بن يغلان سعيدا بعودته إلى المسرح الروماني بقرطاج الذي اعتلى ركحه في الماضي وحقق فيه نجاحات كبيرة، ولم يبخل عليه الجمهور بالحضور بأعداد محترمة تفاعلت مع الوان مان شو “إرهابي غير ربع” بشكل راق وبدا التأثر واضحا على الحاضرين بعد نهاية العرض لأن بن يغلان فتح ملفا حارقا، موجعا في مسرحيته الجديدة التي أعدها بعد رحلة طويلة من اللقاءات والحوارات مع عدد كبير من الشباب والعائلات في مناطق مختلفة من تونس ولقاءات أخرى مع خبراء أمنيين ومختصين في العلوم الشرعية وعلمي النفس والاجتماع رغبة منه في بلوغ أقصى درجات المعرفة بملف الإرهاب وأسرار هذه الظاهرة واسبابها التي تشغل العالم باكمله، لتحويلها إلى كوميديا ساخرة في شكل حوار بين مؤلف مسرحي هو أغلب الظن رؤوف بن يغلان الذي يلتقي في الخيال بمشروع إرهابي، شاب عاطل عن العمل، يعيش حالة من الاحتياج والفقر خلفت الكثير من الغضب من أعماقه، فكان جاهزا لعمليات غسيل دماغ متتابعة انتهزت وضعيته الاجتماعية الهشة فتعاطفت معه وفي تعاطفها سهلت الطريق إلى قلبه ثم بدأت في مساعدته ماليا واجتماعيا ومن هناك انطلقت في سحبه تدريجيا نحو أخطر عنوان عرفته تونس: “الإرهاب”.
المختلف في مسرحية “إرهابي غير ربع” هو أولا مقاربته الفنية التي اختار فيها أن يمنح للمشروع إرهابي الفرصة ليتكلم، ليتحدث عن حياته وعن الأفكار التي تشغله، وعلى الرغم من أنه بدا مقتنعا بالجهاد في سبيل الله وحور العين والجنة إلا أنه كان في حالة من التردد جعلت منه إرهابيا غير مكتمل، وهذا التردد كان المنفذ التي دخل منه المؤلف ليزرع فيه الشكوك حول كل ما استقر عليه الرأي واستمات في محاورته وهو يقول “مستحيل نكتبلك كلمة واحدة تخليك تقدم خطوة لقدام”
العودة إلى الوراء بالنسبة إلى الإرهابي غير المكتمل كانت مشروطة بتغير واقعه ووضعه الاجتماعي من الحاجة إلى الامتلاء، وعندما تحقق ذلك عاد الشاب سويا، لا يستطيع أي إغراء سحبه إلى الموت.
“إرهابي غير ربع” تجربة تقدم قراءة مختلفة لظاهرة الإرهاب وعمليات غسيل الأدمغة التي يتّهم فيها رؤوف بن يغلان السياسة والمال بالتورط فيها…
كان “رؤوف بن يغلان” لاذعا في نقده، ساخرا بقوة، وكان في حالة تفاعل كبير مع الجمهور الذي وجد نفسه عنصرا أساسيا في العرض يتفاعل مع كل خطوة يخطوها المشروع إرهابي إلى الوراء حتى ارتفع النشيد الوطني يهز أرجاء المسرح الروماني بقرطاج في الحادية عشرة والنصف ليلا معلنا عن نهاية المسرحية وانتصار المؤلف وانتصار تونس على الإرهاب.
ر.م
شارك رأيك