بقلم الاستاذ المحامي عماد بن خامسة
شخصيا وبكل صدق ، في بعض المناسبات التي أتيحت لي رأيت في شخص الوزير السيد فاضل عبد الكافي الشاب التونسي المثقف وذا مستوى معرفي وعلمي محترم جدا ولا أسمح لنفسي المزيد لأنني ببساطة لا أعرفه من قبل حتى يستقيم الحكم على ماضيه الذي أثار الجدل والكثير من الحبر ولا يمكني الحكم مع أو ضد في غياب الدليل والاثبات لأن الحكم على شخص من خلال كتابات مجردة الله اعلم بخفاياها وباطنها لا يستقيم من كل شخص يحترم نفسه في انتظار الدليل القاطع .
لكن طالما تعلقت بالوزير تهمة يعلمها الجميع ولا أسمح لنفسي الخوض في حيثياتها التي أجهلها ، كان من المفترض أن يرفض السيد عبد الكافي كل مسؤولية في الدولة بدون استثناء لأن الملف مفتوح منذ 2013 ولا فرق بين العلم بالتتبعات وبين العلم بصدور حكم لأن مجرد التتبع ولو بشكاية لا يرفع مبدئيا الحرج لقبول تولي حقيبة وزارية والدليل : تتذكرون كيف رفض السيد خيام التركي حقيبة وزارية بسبب تهديده برفع شكاية ، وفعلا رفعت ضده شكاية لا أدري إن حفظت من طرف النيابة العمومية أم لا كما لا أدري مآلها إن تقرر التتبع لكن المهم أن السيد التركي خير عدم التشويش بصفة مسبقة على العمل الحكومي والتركيز على الدفاع عن نفسه وهو ما صرح به إعلاميا للرأي العام وما جلب له احترام الكافة .
تتذكرون كذلك الوزيرة السويدية ( على ما أعتقد ) سنة 1995 استقالت بسبب التفطن لشراءها لقطعة شكلاطة ثمنها تافه جدا بالبطاقة البنكية المخصصة لمصاريفها المندرجة في عملها الوزاري والأمثلة في هذا المجال كثيرة جدا .
الثابت بالنسبة للوزير السيد فاضل عبد الكافي أنه محل متابعة قضائية وصدر ضده حكم غيابي قضى بالسجن والخطية استوجب الاعتراض عليه.
هذا الحكم لا يعني أن الوزير ارتكب الجرم أو الجرائم المنسوب له ارتكابها لكن التهمة والشبهة قائمة وتستدعي المثول أمام القضاء في جلسة علنية والدفاع عن نفسه وهو ما سيتسبب في إحراج للجميع من سلطة قضائية وتنفيذية بحسب منطوق الحكم الذي سيصدر.
مجرد مثول الوزير المتهم أمام هيئة الدائرة الجناحية يحتم عليه بكل موضوعية أن يستقيل إذ في صورة صدور حكم براءة وعدم استئنافه من النيابة العمومية ( وهو استثناء لأن النيابة بصورة تكاد تكون آلية تستأنف أحكام البراءة خاصة إذا كانت الدولة التونسية الطرف المتضرر وجهة التتبع ( الديوانة التونسية ) يمكن إعادة تكليفه بحقيبة وزارية ولا غرابة في ذلك بل ربما يكون من باب رد الاعتبار للشخص قبل الوزير ولا تثريب على جهة التعيين في ذلك)
أما في صورة صدور حكم بالإدانة يكون الوزير باستقالته أنقذ ماء وجهه ووجه الحكومة وجنبنا مطبات سياسية لسنا في حاجة لها لان الادانة تعني استئناف الحكم ثم تعقيبه وهو ما يتطلب مدة طويلة يستغرقها التقاضي ) .
الاستقالة واجبة حسب رأيي في كل الحالات لأن الديوانة التونسية والتي تأتمر بأوامر الوزير المتهم من واجبها وبصفة آلية التمسك بطلباتها الموجهة للقضاء والتي على أساسها أذنت النيابة العمومية بالتتبع.
الاستقالة واجبة أيضا لأن التتبع تم من الديوانة التونسية كما قلنا ونعلم جميعا ان السيد عبد الكافي يتولى الآن حقيبة وزارة المالية بالنيابة وهي سلطة إشراف مباشرة بالنسبة لجهاز الديوانة.
هذا التحليل ينطبق تماما بالنسبة لوزير آخر وهو السيد المهدي بن غربية الذي كان الممثل القانوني لشركة على ملكه موضوع تتبع من شركة الخطوط التونسية علما بأنه استقال من منصبه لكنه يبقى دائما صاحب الشركة وهو ما يثير مسألة تضارب المصالح.
المعني بالأمر صرح في الاعلام بأنه ليس موضوع تتبع ضد شخصه لكن الوزير معذور لجهله إما عن حسن نية أو القصدي للقانون ( أرجح الفرضية الثانية ) لأن تتبع الذوات المعنوية يتم ضد ممثلها القانوني la responsabilité pénale des personnes morales
بمعنى أنه إذا ما تقرر تتبع الذات المعنوية أمام القضاء الجزائي يتم التتبع ضد ممثلها القانوني زمن وفي تاريخ ارتكاب الأفعال موضوع المآخذة الجزائية.
العبرة من كل ما ذكر أن كل شخص مؤهل لتولي مسؤولية أيا كانت ومع واجب التصريح بممتلكاته وممتلكات قرينه وأبناءه… كيفما يفرضه القانون من واجبه أيضا التصريح على الشرف بأنه ليس محل تتبع أمام القضاء تجنبا لتعثر أداء الحكومة أو الإدارة التي يسيشرف عليها وفي ذلك احترام لمؤسسات الدولة واحترام لتونس التي تبقى فوق الجميع .
شارك رأيك