بقلم: سامي بن سلامة
إننا نعيش الفشل على مختلف المستويات ولا نريد الإعتراف بذلك… سياسيا واقتصاديا بلدنا على حافة الهاوية أو يكاد…ومع هذا فإن شعبنا يفشل بدوره في تحميل المسؤولية لمن يجب أن يتحملها…فهو لا يعلم الحقيقة ولا يراد له أن يعلم..
فقد تفرق الدم بين القبائل…الجميع مسؤولون وفي نفس الوقت غير مسؤولين…فالنظام السياسي المنبثق عن إرادة التنظيم العالمي المقترنة برغبات ومخططات القوى الكبرى المؤثرة في الوضع التونسي والذي كرسه دستور 2014 فشل في أن ينتج شيئا صالحا لتونس..أو أنه بالأحرى نجح في أن ينتج شيئا غير صالح لتونس…أزمات سياسية مستمرة… اقتصاد منهار…خشية من الانهيار الشامل…ولا حلول طبعا لدى من يحكم سوى بتغيير الحكومات كل بضعة أشهر…فتتغير الحكومات والوجوه ولا حلول في الأفق… فلا برامج غير البقاء في المنصب إلى أن يرث الله تونس وما عليها…هذا إن بقي فيها شيء يورث..لذا فإنه أصبح من الضروري ويجب أن ينطلق أهل الحكم في التفكير في إقرار تنقيحات دستورية تكفل تأسيس نظام رئاسي قوي يتحمل فيه شخص واحد لا كتائب متفرقة عبء الحكم ومسؤولية أي فشل… تحت مراقبة صارمة من البرلمان بدل تفريق الدم بين القبائل وتفصي الجميع من المسؤولية…خاصة أنه لن يستطيع أحد بعد الثورة أن يحول النظام الرئاسي الوحيد الذي يلائم امكانيات تونس ووضعها الخاص إلى نظام رئاسوي أو أن يفرض علينا ديكتاتورية جديدة…فقد ولى عهد الاستبداد…إن النظام شبه المجلسي الحالي ما هو في الواقع إلا نظام امتيازات يوسع رقعة الحكم وبالتالي رقعة الاستفادة من غنيمة السلطة إلى أقصى درجاتها… فكلهم يحكمون اليوم وكلهم مستفيدون ويطالبون بالمزيد…
وبقطع النظر عن منحة التقاعد الذي توسعت لتشمل عشرات وعشرات الوزراء السابقين ممن استوزروا بعد الثورة… بدون وجه حق.. والتي أكملت إفراغ خزائن الدولة.. فإن من المستفيدين الحاليين من يطالب حتى بشمول جواز السفر الديبلوماسي عائلته الكريمة… ومنهم من يشمل هذا الوضع عائلته وأصهاره في وقتنا الحاضر وهو لا يتولى أي منصب رسمي يخول له مثل هذا الامتياز السلطاني…يجب أن يتوقف هذا الإثخان في جسد الدولة…ويجب التقليص في قائمة المستفيدين من نظام الامتيازات الحالي… هيئات ومجالس ومناصب استشارية بالمئات ومنح وسفريات وامتيازات بدون حسيب ولا رقيب… إلى متى تصمد الدولة ؟ إن في العودة للنظام الرئاسي رفع ليد هؤلاء على الدولة التونسية..
ليحكم شخص واحد على راس السلطة التنفيذية مع طاقم محدد ويتحمل كامل مسؤوليته في ذلك…وليتولى البرلمان مراقبة أعمال حكومته بدون تدخل في سير الإدارة العمومية أو المؤسسات العمومية أو استغلال البعض موقعه فيه للتأثير والتأثر والإفادة والإستفادة… أظن أن على الرئيس الحالي مسؤولية عظمى.. وعليه اتخاذ قرارين هامين قبل نهاية عهدته الحالية.. أولهما إبعاد نجله نهائيا عن الساحة السياسية لكي لا يستغل أي رئيس بعده سابقة مشاركة الأخير المثيرة للجدل في الحياة السياسية ليقحم عائلته في شؤون الحكم مرة أخرى…فعليه أن يعطي المثل…وثانيهما أن يبادر باقتراح تنقيح الدستور في اتجاه إقرار النظام الرئاسي شرط أن تدخل أية أحكام جديدة حيز النفاذ بعد خروجه من السلطة.. أي أنه يجب أن يقبل مبدأ أن لا يستفيد منها لكي لا يتهمه أحد بمحاولة تغيير الدستور لتدعيم سلطته والتحول إلى طاغية جديد.. هذا ما ظهر لنا والله الموفق للصواب
شارك رأيك