أطلق المركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد الجيل الثالث من المشاريع النموذجية البلدية الرامية الى تحسين الخدمات من جهة و إلى تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية وخلق الثروة ومواطن الشغل من جهة أخرى، وذلك كجزء من برنامج دعم الحكم الحضري والتنمية الاقتصادية المحلية.
وفي هذا الإطار، يعمل المركز على تنفيذ 4 مشاريع نموذجية بلدية، أولها مشروع كهربة 11 بئرا بالطاقة الشمسية غراسة حوالي 8 آلاف شجرة زيتون في منطقة الذهيبة من ولاية تطاوين لفائدة 11 فلاحا من أبناء الجهة من بينهم 6 فلاحين من شباب الجهة. وقد انطلق التخطيط لهذا المشروع منذ شهر أكتوبر 2016، وساهم المركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد في تمويله بمبلغ قدره 160 ألف دينارا، الى جانب مساهمة الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة والتي تقدر بـ 72 ألف دينارا في شكل منح.
ويهدف هذا المشروع إلى دفع التنمية الاقتصادية المحلية المستدامة والشاملة القائمة على الفلاحة وعلى أساس الإمكانات والثروة المحلية، حيث تتمتع منطقة الذهيبة بموارد طبيعية رئيسية، وهي المناطق الزراعية الشاسعة وغيرالمستخدمة (10000 هكتار منها 392 هكتارا مروية)، ومناخا ملائما جدا للزراعة بالإضافة إلى الاحتياطي الهام من المياه (احتياطيا من المياه تقدر ب 25 مليون متر مكعب). وهي ثروة محلية يمكن استغلالها لإنشاء قطاع زراعي يرتكز على زراعة أشجار الزيتون لإنتاج زيت بيولوجي عالي الجودة، وهو منتوج استراتيجي يخلق الثروة ويوفر فرص العمل. كما أن مثل هذه المشاريع من شأنها أن توفر بديلا اقتصاديا “قانونيا ومنظما” لشباب المدينة بعيدا عن إغراءات التجارة الموازية وخطر الالتحاق بالجماعات الإرهابية.
ويندرج مشروع كهربة الابار بالطاقة الشمسية وغراسة أشجار الزيتون في إطار التنمية الاقتصادية المحلية من حيث أنه سيؤدي إلى إنشاء قطاع “إنتاج الزيتون” في بلدية الذهيبة، والذي يمكن أن يصبح في المستقبل جزء من سلسلة القيمة “زيت الزيتون”. ومن المهم أن نذكر أن المزارعين مالكي هذه الآبار، قاموا بإحداث شركة تعاضدية للخدمات الفلاحية، والتي ستعمل، بالإضافة إلى مشروع الكهرباء، على التخطيط لإنشاء معصرة للزيتون وشراء اليات النقل ومعدات الري، للاستخدام الجماعي.
أما من منظور بيئي، فإن كهربة الابار ستساهم في تخفيض تكاليف الطاقة لري أكثر من 100 هكتار بما في ذلك أشجار الزيتون في منطقة الذهيبة وتحسين إدارة الموارد المائية الشحيحة. وسيساهم أيضا في مكافحة آفة التصحر التي تهدد هذه المدينة وكامل منطقة الصحراء الجنوبية للبلاد.
ويعتزم المركز الدولي للتنمية الاقتصادية المحلية والحكم الرشيد الترويج لهذا المشروع مع المنظمات الوطنية والدولية من أجل حشد الدعم المادي والتقني لهذا المشروع الهيكلي والمساهمة الفعالة في تمويل توسعته، لتطوير المدينة (الطرق الريفية، والنقل، بيوت مكيفة، ونظام الري، معاصر زيتون حديثة، وضع العلامات، تعليب، ايجاد السوق..)، وهو ما من شأنه أن يجعل من هذا القطاع محركا حقيقيا للتنمية.
واعتبر رئيس بلدية الذهيبة “راشد الحداد” أن هذا المشروع الرائد حسب تعبيره يجسد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأضاف أنه من شأن هذا المشروع أن يضفي ديناميكية على مدينة الذهيبة. كما ذكر “أن السلطات رصدت ميزانية لكهربة الآبار في المنطقة ولكنها لا تكفي كل الآبار حيث أن الكلفة الجملية تناهز المليار، وهو مبلغ لم تتمكن السلطات من توفيره، ولذلك تدخل المركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد وساهم في كهربة 11 بئرا باعتماد الطاقات النظيفة”. ودعا رئيس بلدية الذهيبة بالمناسبة كل الهياكل المانحة والقطاع الخاص للاستئناس بهذه التجربة الأولى ويساهموا بدورهم في كهربة بقية الآبار وتحسين ظروف العيش في الجهة.
وبين ان البلدية ستوفر دورات تدريبية لشباب المنطقة معتبرا ان بعث مثل هذه المشاريع من شأنه أن يوفر موارد مالية لبلدية الذهيبة، وخاصة وان الدولة تتجه اليوم لإرساء الحكم المحلي، مشيرا الى أنه تم الاتفاق مع الـ 11 فلاحا على دعم جملي للبلدية قدره 500 دينار شهريا.
أما بالنسبة لأحد الفلاحين المستفيدين من المشروع سعيد بن معتوق، فقد تطرق الى اشكالية الري واصلاح الأعطاب المتكررة التي كان يعانيها. واعتبر أنه بعد انجاز المشروع واختياره للاستفادة منه، فإنه بذلك تجاوز المعاناة التي كان يواجهها في السابق. واعتبر ان اعتماد الطاقة الشمسية في المشروع يعد بدوره نجاحا نظرا لتوفرها المتواصل في الجنوب، كما شجع بقية المواطنين للانخراط في المشروع، مؤكدا انه سيوفر بدوره فرصا للعمل لعدد من شباب منطقة الذهيبة.
هذا وبين “حبيب الفلاح”، وهو رئيس شركة الرخاء بالذهيبة وفلاح، أنه تم تجاوز اشكالية صعوبة ربط بعض الآبار بالكهرباء وتم الاعتماد على الطاقة الشمسية وأضاف ان قطاع الفلاحة قطاع واعد من شأنه أن يساهم في ابعاد الشباب عن اللجوء الى التجارة الموازية، وتحسين ظروف العيش وخلق ديناميكية في بلدية الذهيبة.
ويندرج مشروع كهربة الابار وغراسة أشجار الزيتون في الذهيبة في إطار دفع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتتجسد أولا في الشراكة بين المركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد وبلدية الذهيبة ومجموعة من الفلاحين من جهة، والشراكة بين المركز والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بتطاوين لتوفير الدعم الفني اللازم وتكوين الفلاحين لحسن استعمال وصيانة المعدات وتسيير محطات الضخ المنصوص عليها في المشروع من جهة أخرى.
و يشار الى ان حفل تدشين انطلاق مشروع ضخ المياه بالطاقة الشمسية وغراسة أشجار الزيتون في مدينة الذهيبة من ولاية تطاوين سيتم بحضور والي تطاوين عادل الورغي والمديرة العامة للمركز الدكتورة نائلة العكريمي، وذلك يوم السبت 09 سبتمبر 2017 بداية من الساعة 10:30 صباحا بمقر بلدية الذهيبة.
(بلاغ)
شارك رأيك