بقلم سامي بن سلامة
لم يكن وضع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أو مصيرها من بين الاهتمامات الأساسية للفاعلين السياسيين أو حتى الإعلاميين إلى حدود يوم 26 سبتمبر 2017 حين فشلت الجولة الثانية لانتخاب رئيس “توافقي” لها، إذ لطالما اعتبروا أن الهيئة مجرد جزئية هامشية في خضم وضع سياسي متشعب وهي لا تستدعي بالتالي الحرص على متابعة تفاصيل أزماتها المعلنة والمخفية.
تغيرت النظرة للمسألة فجأة بعد الفشل في تصعيد رئيس توافقي يغني الجمع عن تبديد طاقاته فيما لا يفيد، إذ لو تم انتخابه منذ الجولة الأولى للتصويت لما شهدنا ذلك التوجس المصحوب بالقلق وذلك الاستنكار المقترن بالتنديد لسقوط استقلالية الهيئة ومصداقيتها في الحضيض. حال أن طريقة فهم من يشتغلون بالسياسة في تونس للرهانات الوطنية ومدة تركيزهم على موضوع ما ولو كان مهما لا تتعدى بحال المعدل الوطني لتركيز الموظف العادي على أداء عمله وهو ثمانية دقائق كاملة.
تمثل هيئة الانتخابات منجزا من أهم وأفضل منجزات الثورة وكان الهدف من بعثها معالجة معضلة عدم ثقة المواطن التونسي الذي استرجع للتوّ مواطنته في منظومة الانتخابات التي كانت تتحكم فيها وزارة الداخلية.
ما يغفله كثيرون أنه وكما أنهيت الثورة على يد من تسلموا الحكم بعدها فإن “الهيئة العليا المستقلة للانتخابات” إحدى الوسائل التي ابتكرتها لإنجاح مسارها الانتقالي والتي أنجحت المرحلة الانتقالية الأولى لاقت نفس المصير. فالالتباس العالق بالأذهان لا يميز بتاتا بين الهيئة “الأصلية” وبين التقليد “الفاشل” ومن الضروري التأمل في ثلاث فصول لا غير من بين فصول القانون الأساسي عدد 23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 الذي أنشأ هيئة الانتخابات الثانية البديلة فهو الكفيل برفع أي التباس وتمييز الأصل عن الصورة.
نص الفصل الأول من القانون المذكور على أنه “تحدث هيئة عمومية مستقلة ودائمة تسمى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات..” ولكأن الهيئة الأصلية لم تكن موجودة قطّ. في حين اعتبر الفصل 37 منه أن “مهام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المحدثة بالمرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 منتهية بتاريخ 31 ديسمبر 2011 وتُحلّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المذكورة من تاريخ مباشرة الهيئة المحدثة بهذا القانون لمهامها وتحيل وجوبا كامل المقرات والتجهيزات والأرشيف والوثائق إلى الهيئة الجديدة”.
أما الفصل 38 فقرر أمرا مهم جدا وهو أن ذلك القانون يدخل “حيز النفاذ فور المصادقة عليه من المجلس الوطني التأسيسي”.
فالهيئة التي أدارت بنجاح تام انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 وأبهرت التونسيين والعالم باحترامها للقوانين وبدقة تنفيذها للروزنامة التي وضعتها وبعدم خضوعها لأية أطراف حكومية أو حزبية أو دولية وبقراراتها الجريئة والشجاعة كقرار تأجيل الانتخابات من جويلية إلى أكتوبر وقرار منع الإشهار السياسي أو قرار إسقاط القوائم المخالفة للقانون كقوائم العريضة الشعبية وغيرها انتهت “قسرا” وبأثر “رجعي” بموجب إصدار ذلك القانون.
تم إنهاء الهيئة الأولى وسط صمت جميع السياسيين وخاصة المعارضين الأشاوس منهم وفي ظل تواطؤ أغلبهم بعد صراع مرير وطويل خاضه جزء بسيط من قيادة الهيئة المركزية ضد الترويكا السابقة التي كانت تسلمت الحكم إثر انتخاب المجلس الوطني التأسيسي ولم تترك وسيلة لم تستعملها لتحقيق غاياتها في افتكاكها وإنهاء وجودها وإنشاء هيئة جديدة بدلا عنها تضمن مصالحها وتخضع لأوامرها.
ولا بأس بأن نذكّر في هذا الإطار بالقرارات التي اتخذتها حكومة الجبالي ومن خلفها حركة النهضة بالتواطؤ مع الرئيس المؤقت حينها لإجبار الهيئة المركزية على إعلان حلّ نفسها كما فعلت هيئة إصلاح الإعلام وكذلك هيئة تحقيق أهداف الثورة. أبرز تلك القرارات كان رفض الحكومة إقرار أية ميزانية جديدة للهيئة تكفل عدم طرد موظفيها وإغلاق مقراتها واسترجاع جميع موظفي الدولة الذين كانوا على ذمة الهيئة بالقوة والتهديد لتعطيل عملها ومنع اصدار تقريريها النهائي والمالي وجعلها بذلك في موضع المخالف لقانونها وافتكاك مقرها المركزي وبعض مقراتها الجهوية وكذلك عمليات الشيطنة والاتهامات بسوء التصرف المالي والإداري بإصدار نسخة مزيفة من تقرير دائرة المحاسبات لقلب الرأي العام ضدها. إضافة إلى دفع أحد المحامين من المساندين لها إلى القيام بحملة كبيرة هدفها دفع أعضاء الهيئة المتبقين إلى الانسحاب الطوعي، انتقلت بسرعة من التشهير إعلاميا برئيس الهيئة وأعضائها إلى رفع القضايا بتفويض من “الدولة” ذاتها للمطالبة بمحاكمتهم وسجنهم. كل هذا بدون الخوض في الكم الهائل من السباب والتشويه والتهديد ورفع التقارير المغلوطة إلى الجهات الداخلية والأجنبية.
نجح القانون عدد 23 في القضاء على الهيئة الأولى كهيكل قوي يصعب اختراقه أو تجييره لخدمة مصالح حزبية ضيقة، إذ كفل التخلص أولا من مقتضيات المرسوم عدد 27 الذي أحدثها والذي كان يضمن استقلاليتها التامة سياسيا وإداريا وماليا وثانيا من رئيسها وعدد من أعضاء هيئتها المركزية وكانوا منبثقين عن منظمات المجتمع المدني ومستقلين تماما عن الأحزاب وعن أية تأثيرات من السلطة أو المعارضة. كما نجح ذلك القانون في إقرار تلك المحاصصة الحزبية المقيتة التي أثخنت جسد الهيئة الجديدة وجعلتها ألعوبة بين أيادي الأحزاب المهيمنة حركة النهضة في البداية والتي التحق بها نداء تونس أخيرا.
أنهيت الهيئة الأولى بأثر “رجعي” وهي سابقة قانونية “تاريخية” تمثل فضيحة عالمية وكان الهدف من وراء ذلك، جعل أعضائها من الذين رفضوا تسليمها للترويكا مستهدفين بمحاكمات رادعة إذ نص القانون الجديد المصادق عليه ليلة 20 ديسمبر 2012 على أن الهيئة “انتهت” بأثر رجعي يوم 31 ديسمبر 2011. فالقصد كان واضحا، فقبل عام كامل من ذلك التاريخ “الفخ” ومن التصرف المالي والإداري كخلاص أجور الموظفين المتبقين وأداء معينات كراء المقرات ومن عمليات تأمين الأرشيف الانتخابي وقواعد البيانات والمقرات وإصدار التقريران النهائي والمالي اعتبر “المشرع” أي إجراء تسيير عادي تم اتخاذه من قبل رئيس أو أعضاء الهيئة “المارقين” عملا خارجا عن القانون.
كان الهدف المعلن هو جعل كل من رفض التطويع من الأعضاء عرضة للمحاكمة والسجن أما الهدف غير المعلن فكان منع الأعضاء الأقوياء نهائيا من الترشح. فقد كان في همّ واضعي القانون الجديد حينها “تجريم” رئيس وأعضاء الهيئة ممن صمدوا وتمترسوا في مواقعهم دفاعا عنها ومنعهم من الترشح للهيئة الجديدة. وكان التركيز كبيرا على المنح والامتيازات التي كانت الترويكا تفترض أنهم لا زالوا يتقاضونها، إذ لم يبلغ إلى علمها حينها أن الهيئة المركزية اتخذت قرارا تاريخيا بقي “سريا” أسابيع إثر انجاز انتخابات 23 أكتوبر 2011 بوقف جميع منح أعضاء الهيئة المركزية والهيئات الفرعية وبقاء من يريد ذلك منهم، “متطوعا”. وأن رئيس الهيئة ومن بقي من الأعضاء إلى يوم 8 جانفي 2014 تاريخ تسليم مقر الهيئة المركزي لصرصار لم يكونوا يحصلون منذ انتهاء انتخابات أكتوبر 2011 على أي امتياز من أي نوع كان من الميزانية المتبقية للهيئة سواء كان ذلك ماءً أو بنزينا أو وسائل نقل وإلا لكانوا اليوم من رواد السجون والمعتقلات ومن أصحاب السوابق في النهب والسطو.
استغلت الترويكا السابقة قوانين الجمهورية للانتقام من أشخاص بعينهم، لم يكونوا معادين لها ولا يمكن تصنيفهم من ضمن من تعتبرهم “استئصاليين” فقط لأنهم لم يكونوا قابلين “للتطويع” ورفضوا “التفاهم” معها ورغم أنهم أدوا واجبهم بنجاعة ونزاهة ولكن ذلك ليس بالأمر المهم. المهم فعلا هو أن قوانين الجمهورية استغلت من قبل حزب حاكم وحلفاؤه صعدوا لتوهم للسلطة بعد “ثورة” للانحراف بمسار الانتقال إلى الديمقراطية، فكانت أولى انجازاتهم لفائدة الوطن القضاء على الهيئات التعديلية وخاصة الاستيلاء على هيئة الانتخابات المستقلة والمحايدة والقضاء عليها لتعويضها بهيكل هجين لا يتمتع بالقدر الكافي من الاستقلالية الإدارية والمالية ولا بالقدرة على مواجهة الضغوطات الداخلية والخارجية.
أُقرّت المحاصصة الحزبية التي يشتكي منها من استفاق لتوه من نومه العميق لاختيار أعضاء الهيئة، ولم يعد للكفاءة والتجربة أي اعتبار إذ حشرتا في آخر ترتيب السلم التقييمي الذي وضع لانتقاء أعضاء الهيئة الجدد مع أنه لا يصلح سوى لاختيار صائب لموظف في بلدية أو معتمدية. ومن المضحكات المبكيات حينها أنه لو ترشح رئيس الهيئة الأولى مثلا لمنافسة من اصطفته حركة النهضة لرئاسة الهيئة الثانية والفاقد لأية خبرة أو كفاءة في ميدان الانتخابات لحلّ صاحب الخبرة الأخير في أسفل درجات الترتيب في السلم الذي وضعته الترويكا.
وصل الأمر إلى حد منع أعضاء بعينهم من الهيئة المركزية وعددهم خمسة من ستة عشر عضوا من مجرد التفكير في الترشح نهائيا (وليس من العضوية) بوضع شرط يمنع كل من يمارس مسؤولية قيادية في هيكله المهني الأصلي من الترشح للهيئة الجديدة. كل ذلك تم في مخالفة لجميع المبادئ القانونية التي يتضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بمباركة من جميع المنظمات الدولية التي كان يزعجها وجود هيئة خارجة عن السيطرة والإملاءات.
ورغم قرار أعضاء الهيئة المركزية الذي أعلن في فيفري 2013 في ندوة صحافية عالمية بعدم الترشح للهيئة الجديدة ورغم تبيانهم أسباب ذلك وأبرزها مخاطر القانون الجديد على استقلالية الهيئة واخضاعها للترويكا الحاكمة، ورغم إطلاقهم عديد التحذيرات للرأي العام الوطني والعالمي مما حدث ويحدث اليوم، فلم يستمع لهم حينها أحد، فالجميع كان منشغلا بنيل حصته من “الكعكة”.
فرضت حركة النهضة كمقايضة على تخليها عن الحكم إثر ما سمي “بالحوار الوطني” خلال سنة 2014 مرشحها شفيق صرصار لقيادة الهيئة الجديدة بدون أن يتوفر على أية صفات قيادية ولا على أدنى معايير الخبرة والتجربة العمليتين. وعلى ذلك المنوال تم اختيار أغلب الأعضاء المتبقين باستثناء 3 أعضاء من القدامى خرقوا قرار الهيئة المركزية بمقاطعة انتخابات الهيئة وتمت تزكيتهم للفوز بالعضوية كتغطية على عملية “الصفحة البيضاء”.
تشكوا الهيئة الجديدة منذ تركيزها مشاكل قانونية كبيرة فلم يكن حظها بأفضل من الأولى، إذ افتك القانون الجديد صلاحية انتخاب رئيسها من مجلسها وأصبح المجلس النيابي هو المخول بانتخابه وفق لمحاصصة حزبية تعيسة.
كما أنها تشكو منذ تأسيسها مشاكل داخلية خطيرة ومتعددة، نتيجة ضعف المؤهلات القيادية لرئيسها وانعدام حسه السياسي مما جعلها تنقسم إلى كتل متناحرة لم تقدر على تنظيم انتخابات 2014 بشقيها التشريعي والرئاسي إلا بعد التخلي على ما بقي لها من استقلالية، بخضوعها لسيطرة تقنية وإدارية أجنبية وبعد تدخل سريع وحاسم في الساعات الأخيرة من وزارة الدفاع الوطني ورئاسة الحكومة سخر جميع إمكانيات الدولة لإنقاذ العملية.
لم يكن الخطأ ناتجا عمن سعى للعضوية وترشح، فشروط الترشح أصبحت تسيل لعاب كل من هب ودب لتحسين الوضع المهني أو لنيل شيء من الشهرة أو للحصول على منحة وزير أو رتبة كاتب دولة أو سيارة وظيفية فارهة أو بعض ليترات من البنزين يل شيء من الشهرة أو للحصول على منحة وزير أو رتبة كاتب دولة أو سيارة وظيفية فارهة أو بعض ليترات من البنزين.
لم تعد الهيئة الدستورية تلك الهيئة التي تعي خطورة دورها “السياسي” والتي تلعب دور حكم المرحلة الانتقالية ولم تعد ممسوكة مركزيا وجهويا من ناشطين من المجتمع المدني ومناضلين ضد الاستبداد من الحجم الثقيل قادرين على مواجهة ألاعيب السياسيين ومناوراتهم ويحوزون على تقدير دولي وعلى احترام مختلف فئات الشعب وطنيا وجهويا. أصبحت ألعوبة بين أيادي “موظفين” مغرمين كبديل عن المواجهة والإنجاز بشعارات من نوع “مستعدون لرفع التحدي” وكانت أقصى طموحاتهم التحصيل على ترقية وعلى رضا مديرهم المباشر فجدوا أنفسهم لسخرية الأقدار في موقع يسمح لهم بالتلاعب بمصير عملية الانتقال الديمقراطي وبمصير الوطن.
لذلك يتكالب الجميع اليوم على الترشح لرئاستها إذ يرون أن رئيسها المستقيل لا يفوقهم في شيء إلا ربما بالصبر ولذلك يسعى البعض لإبراز علاقاته بل ويفتخر بعلاقاته بالأحزاب السياسية وبالقيادات النافذة فيها لأنهم يعلم أن قدمه لن تطأ الهيئة بدون دعمها وحمايتها. ولذلك تعيش الهيئة أزمة شديدة الخطورة لا تمثل واقعة الخلاف بين الكتلتين الكبيرتين في المجلس على اسم من يتولى الرئاسة سوى الجزء البارز لجبل جليد بصد الذوبان.
إن الحلول أمامنا ليست كثيرة لمواجهة وضعية هذه المؤسسة المريضة، فإما الاكتفاء بالتعبير عن القلق والتعتيم على الموضوع برمته لحين اندلاع أزمة أخرى أشد خطورة من سابقاتها وإما معالجة هذه الوضعية جذريا بالقضاء على أسس الداء وسبب العلة.
فالحل الأول يكفل للسياسيين النجاة من وجع الدماغ وترحيل الحسم في الموضوع إلى محطات قادمة، أما الحل الثاني فيتطلب قرارا شجاعا لا محيد عنه ويتمثل في حل مجلس الهيئة وهيئاتها الفرعية حال أن أغلب أعضائهما متهمون بتهم تتنافى مع وضع هيئة انتخابية ومع قانونها. ويجب المباشرة فورا في تعديل إطارها القانوني بالاستئناس بالمرسوم 27 المشار إليه وبالاستعانة بالخبرات المجربة لإعادة الهيئة مستقلة كما كانت، تحترم القوانين وتنشط في إطار الدولة ولا تخرج عنها لتطبيق إملاءات الأحزاب ومراكز النفوذ والجهات الدولية.
يجب التخلي نهائيا عن المحاصصة الحزبية وعن لجنة الفرز بالمجلس النيابي التي تكرسها ويجب التركيز على 3 عناصر جوهرية لإنشاء هيئة مستقلة وفاعلة: الكفاءة والخبرة أولا والاستقلالية والحياد ثانيا والاستقامة والحفاظ على مصالح الدولة ثالثا.
لا معنى في غياب الكفاءة والخبرة والاستقلالية أو الاستقامة للشهائد العلمية وخاصة لاشتراط الحصول على الدكتوراه من إحدى الجامعات وهو شرط وضعته الترويكا بالسلم التقييمي لتصعيد صرصار وغيره لعضوية الهيئة والنتيجة كانت بارزة للعيان. فقد مكن ذلك الشرط من إقصاء العديد من الخبرات والكفاءات التي ترشحت وتم اهانتها لتمرير مرشحين تابعين لأحزاب بعينها.
لا يمكن ترك المجال واسعا لمجلس الهيئة في تعيين أعضاء الهيئات الفرعية والمنسقين والموظفين بدون شروط موضوعية تكفل عدم ارتباطهم بأحزاب ووجود حد أدنى من الكفاءة والاستقلالية.
لا يجب السماح كذلك لهيئة وإن كانت دستورية بأن تخرق القوانين دون رادع وأن تنفذ أوامر الأطراف الأجنبية أو الحزبية الداعمة لها بدون رقيب ون تفرط في قواعد معطيات المواطنين التونسيين السرية بدعوى الاستقلالية ويجب الغاء الفصول التي تحد من استقلالية الأعضاء وتخضعهم لإمكانية العزل من قبل الأغلبية الحاكمة.
يجب كذلك الحد من صلاحيات الإدارة والمدير التنفيذي ومنع تغولهما وسيطرتهما على مجلس الهيئة، فالهيئة ليست إدارة عادية ولا يمكن ترك إداريين يتحكمون في قراراتها وفي مصيرها وجعل رئيسها ومجلسها مجرد صندوق لتنفيذ أوامر ورغبات إدارة تنفيذية متغوّلة.
خفف القانون عدد 23 من سيطرة الهيئة على المسارات الانتخابية وحد من صلاحياتها، فيما يتعلق بمراقبة تمويل الحملات الانتخابية أو مراقبة وسائل الإعلام وغيرها لفائدة جهات أخرى عمومية فجعلها عاجزة عن متابعة المخالفين للقانون الانتخابي وما حصل في التزكيات المزورة في انتخابات 2014 أبرز دليل على ذلك.
يجب التفكير جديا في إعادة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قوية كما كانت، تحظى بالاحترام وبثقة الناخبين فهي الحكَم الذي لا يجب أن يخترقه الفاعلون السياسيون والذي يجب أن يلتزم بقراراته المتنافسون. ففي قوتها ومصداقيتها ضمانة للدولة وللمواطنين وحفاظ على مصالح تونس في ظل تشعبات مسار الانتقال إلى الديمقراطية الطويل.
شارك رأيك