بقلم عمّار قردود
كشف ديبلوماسي جزائري مرموق يشتغل بالسفارة الجزائرية بالرياض لـــــ”أنباء تونس” أن عدد من رجال الشرطة السعودية قد تمت مشاهدتهم في محيط الاقامة الخاصة بالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، في مدينة جدة يوم الأربعاء الماضي.
و بحسب ذات المصدر فإن اجراءات الأمن كانت إستثنائية و جدّ مشددة على غير العادة في محيط الاقامة الخاصة بالرئيس التونسي الأسبق بن علي،و قال مصدرنا:” بعد حوالي 5 ساعات من التواجد الأمني المكثف تم التأكد أن الأمر يتعلق بالتحقيق مع المسؤول التونسي المعني الذي تربطه علاقات جد وطيدة و وثيقة مع أمراء سعوديين مغضوب عليهم و مشتبه فيهم في قضايا فساد و خاصة العلاقة المتينة بينه و بين الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال”.
ولكن الديبلوماسي الجزائري أكّد أن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي غير متورط في أية قضايا فساد و لم يتم توجيه له أية إتهامات على الأقل حتى الآن و لكن تم إستفساره حول عدد رجال الأعمال السعوديين الذين تم إعتقالهم مؤخرًا و عدد مشاريعهم في تونس سواء في عهده أو بعده من خلال المعلومات التي بإمكانه الحصول عليها بسلاسة من مقربيه بتونس.
الرئيس بن علي مهدد بالطرد من السعودية و تجميد حساباته و أصوله المالية
و أشار نفس المصدر أن هناك عدة مشاريع مشتركة بين الرئيس بن علي و عدد من رجال الأعمال السعوديين المغضوب عليهم و على رأسهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال و هو ما قد يعرضّ الرئيس بن علي إلى المساءلة و المتابعة القضائية و التي قد تصل حد طرده من السعودية و ترحيله إلى بلد آخر مع إمكانية تجميد جميع حساباته و أصوله المالية بقرار قضائي في حال ثبوت تورطه في ذلك.
و وجهت “اللجنة العليا لمكافحة الفساد السعودية” للأمير الوليد بن طلال آل سعود، أحد أبرز المعتقلين الذي قبض عليه يوم السبت الماضي، تهم غسل أموال وتقديم رشاوى وابتزاز بعض المسؤولين، ما قد يعرضه لعقوبات قاسية.وحسب مواد القانون السعودي، فإن الأمير الملياردير قد يواجه عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى 15 عامًا ومنعه من السفر 15 عامًا أخرى ومصادرة الأموال، في حال ثبوت تهمة واحدة عليه من جملة الاتهامات التي يواجهها والمتعلقة بغسل الأموال.
وشددت السلطات السعودية من خطوات ملاحقة مثل هذه النوعية من الجرائم المالية خلال الأيام القلية الماضية، حيث أقر مجلس الوزراء السعودي بالتزامن مع الاعتقالات التي شملت مجموعة من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال ومنهم الوليد بن طلال، تعديلات على قانون مكافحة غسل الأموال في خطوة تهدف إلى التعامل بشكل أكثر صرامة مع هذه الجريمة.
وطبقا للائحة القانون الذي نشرت نصوصه وسائل إعلام سعودية السبت الماضي: “يعاقب كل من يرتكب جريمة غسل الأموال – المنصوص عليها في المادة (الثانية) من النظام – بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز خمس عشرة سنة، أو بغرامة لا تزيد على سبعة ملايين ريال، أو بكلتا العقوبتين، إذا اقترنت الجريمة بأي من الآتي: ارتكابها من خلال جماعة إجرامية منظمة، أو استخدام العنف أو الأسلحة، أو اتصالها بوظيفة عامة يشغلها الجاني، أو ارتكابها باستغلال السلطة أو النفوذ، أو الاتجار بالبشر، أو استغلال قاصر ومن في حكمه، أو ارتكابها من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية أو تعليمية أو في مرفق خدمة اجتماعية، أو صدور أي حكم سابق محلي أو أجنبي بإدانة الجاني”.
و نصت اللائحة على أنه “يمنع السعودي المحكوم عليه بعقوبة السجن في جريمة غسل أموال من السفر خارج المملكة مدة مماثلة لمدة السجن المحكوم عليه بها، فيما يبعد غير السعودي المحكوم عليه في جريمة غسل أموال عن المملكة بعد تنفيذ العقوبة المحكوم عليه بها، ولا يسمح له بالعودة إليها”.
والوليد بن طلال هو أغنى رجل في السعودية وأحد أبرز أثرياء العالم، وقالت مجلة “فوربس” إن ثروته وصلت في عام 2017 إلى 18.7 مليار دولار، في حين تقدرها بلومبيرغ بـ19 مليار دولار، وهو يمتلك الكثير من الأسهم في الشركات الخاصة والعامة في أميركا وأوروبا والشرق الأوسط من خلال شركة المملكة القابضة، 5% منها مدرجة في السوق المالية السعودية (ويقال إنه يمتلك الأسهم الـ95% الأخرى وفق فوربس).
ولدى الشركة القابضة حصص في شركة “ليفت” للنقل، وشركة تويتر، وسيتي غروب، وشركة إدارة الفنادق فور سيزون، وفندق جورج الخامس في باريس، وفندق سافوي في لندن.
و سبق و أن كشف مصدر دبلوماسي جزائري مطلع السنة الجارية أن السلطات السعودية تقدمت بصفة رسمية بطلب إلى السلطات الجزائرية لترحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي إلى الجزائر و ذلك تمهيدًا لعودته إلى تونس في المستقبل المنظور.
ووفقًا لما نقلته عدة مصادر إعلامية، فإن هناك عدة تقارير أشارت إلى وجود ترتيبات خاصة بين السعودية وتونس، لعودة الرئيس السابق إلى بلاده، ليعيش كأي مواطن عادى بعد إقامته في الرياض لما يقرب من 6 سنوات منذ عزله، لكن السعودية تفضل ترحيل الرئيس بن علي إلى الجزائر للإقامة فيها مدة زمنية معينة كخطوة تمهيدية تحضيرًا لعودته إلى بلده تونس، معتبرة ان البلاد تشهد حاليًا حالة من الجدل حول قانون المصالحة مع رموز النظام القديم، حيث سيشهد البرلمان التونسي قريبًا مناقشة مشروع قانون دفعت به الرئاسة التونسية للتصالح مع الماضي وتسوية قضايا الفساد المالي.
وبحسب المصدر فإن بن علي هو الذي أبدى للسلطات السعودية رغبته الملحة في مغادرة السعودية و السفر إلى بلد آخر كالجزائر أو كندا و إن كان يمني النفس بالعودة مجددًا إلى بلده تونس و هو الأمر الذي يُعتبر حاليًا ضربًا من ضروب الخيال.
وأضاف المصدر أن “الرئيس السابق” بن علي يتمنى أن يقضي ما تبقى له من أيام عمره بين أحضان وطنه و شعبه أو الموت في تونس”، موضحا أن “الوضع الصحي و حتى النفسي لبن علي سيئان للغاية، حيث كان من المفروض أن يؤدي مناسك العمرة خلال أوائل شهر أبريل الماضي لكن تم الغاء الأمر لدواعي صحية بحتة، و أن السلطات السعودية تخشى أن يموت في بلادها و هو الأمر الذي سيجلب لها الكثير من المتاعب، ناهيك عن الحرج الذي سيضعه فيها”.
وأوضح ذات المصدر أن الجزائر قابلت الطلب السعودي بنوع من الامتعاض و الدهشة و أبدت عدم استعدادها و تحمسها لاستقبال الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي على الأقل في الوقت الراهن بالنظر لعدة معطيات و اعتبارات دبلوماسية و سياسية و أمنية و أخلاقية، حيث أشار المصدر بأن السلطات الجزائرية ردت على السعودية بدبلوماسية وهو ما اقتنعت به السعودية.
و أشارت التقارير الإعلامية أنه سبق لزين العابدين بن علي، أن طلب في سنة 2014 وساطة الجزائر لدى السلطات التونسية للعودة إلى بلاده والعيش تحت الإقامة الجبرية، وعرض بالمقابل إعادة بعض الأموال المنهوبة، مضيفة انه قد جدد طلبه هذا إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة شخصيًا الذي تربطه به علاقة صداقة متينة و ذلك للاستثمار الجيد في قوة العلاقات بين الرئيس بوتفليقة و صديقه الرئيس الباجي قايد السبسي.
وأضافت إن الجزائر و إن عبّرت صراحة عن رفضها المطلق في استضافته بالجزائر إلا أنها أبدت استعدادها للتعاون معه بغية إقناع السلطات التونسية على الموافقة على عودته إلى أرض الوطن مع تكفل السلطات الجزائرية بتأمين حمايته و مصاريف إقامته في تونس و اقترحت أن تتم عودته في سرية تامة بشكل مؤقت حتى تندمل جراح الشعب التونسي، على حد قولها.و لم يصدر أي نفي أو تأكيد لهذه المعلومات التي أثارت جدلاً كبيرًا في حينها لا من السلطات في تونس أو الجزائر أو السعودية.
هذا و يقيم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي في جدة بالسعودية بعيدًا عن الأضواء، منذ تخليه عن السلطة قبل ست سنوات في 14 يناير 2011، بعد أن حكم تونس بقبضة من حديد طيلة 23 عامًا.
و في 14 يناير 2011، وبعد شهر من التظاهرات المعارضة له والتي تم قمعها بقوة، غادر بن علي إلى جدة برفقة زوجته ليلى الطرابلسي وابنتهما حليمة وابنهما محمد زين العابدين، تاركًا السلطة.أما ابنتهما نسرين فسافرت مع زوجها رجل الأعمال صخر الماطري إلى قطر ثم إلى جزر السيشيل حيث يقيمان منذ ديسمبر 2012.
ومنذ انتقاله إلى السعودية، نادرًا ما تتسرب معلومات عن الرئيس التونسي المخلوع. ويكتفي محام له لبناني بإصدار بيانات صحافية للرد على تقارير تتناوله، في حين أن لا معلومات على الإطلاق حول طريقة عيشه والموارد التي يستفيد منها لتغطية نفقاته.
و كانت لجنة مكافحة الفساد في السعودية قد أمرت باعتقال 11 أميرًا وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين.وتزامنت هذه الاعتقالات مع صدور أوامر ملكية بإقالة وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله من منصبه، وتعيين خالد بن عياف عوضا عنه، وإنهاء خدمات قائد القوات البحرية الفريق عبد الله السلطان، وتعيين فهد الغفيلي خلفا له، وإقالة وزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه وتعيين محمد التويجري بدلا منه.
وذكرت وسائل الإعلام السعودية أن لجنة مكافحة الفساد ستعيد فتح ملف سيول جدة -سنة 2009- ووباء كورونا.
وجاءت قرارات اللجنة بعد قليل من إصدار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أمرا بتشكيلها مساء السبت برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للتحقيق في قضايا الفساد واتخاذ ما يلزم تجاه المتورطين.وتضم اللجنة في عضويتها كلا من رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة.
شارك رأيك