أعلن عضو المكتب التنفيذي لحركة مشروع تونس عبد المجيد الصحراوي امس الاثنين 13 نوفمبر 2017 عن استقالته من الحزب بسبب ما اعتبره تجاوزات وتهميش وإقصاء داخل الحركة.
وفي هذا الاطار عبّر النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس الصحبي بن فرج عن اسفه لهذه الاستقالة قائلا:
“لا يمكن ان تمر استقالة الصديق عبد المجيد الصحراوي بدون أن تثير فينا شيئا من المرارة وكثيرا من التفكير، فالرجل شاركنا محنة الانفصال عن الحزب القديم، وقاسمنا شرف التأسيس ثم انسحب من الحزب في مرحلة البناء والتوسع
كان أحد أهم أسباب الخروج من نداء تونس هو غياب التسيير الديمقراطي، فكان القرار أن تركّزَ هياكل مشروع تونس بالانتخابات وان تُأخذ القرارات بالتصويت، وكان أهم أهداف التأسيس ان يُصبح مشروع تونس الحزب الوسطي الأكبر والقادر على استقطاب الألاف من الكوادر والمنخرطين واستيعابهم في الهياكل المختلفة…ودائما بالآليات الديموقراطية.
بعض المؤسسون لم يقدروا على التأقلم بين قيمتهم كمؤسسين (زمن الجمر) وضرورة الانحناء لمتطلبات البناء : الديموقراطية والتوسع…لتبدأ تبعا ذلك الازمة بين بعض المؤسسين مع أغلب “الوافدين” الذي انخرطوا بالآلاف في المشروع
تعود بي الذاكرة مثلا، الى انتخابات المكتب السياسي للحزب حين تبيّن لنا أن القيمة الاعتبارية للأخ عبد المجيد الصحراوي لن تكفي لانتخابه عن المنستير، فتدخل الامين العام (في عملٍ مناقض للديمقراطية) ليُقنع المنافسين بالانسحاب لفائدته (وأتذكر أن تدخل الامين العام جلب عليه سخط واحتجاج العديد من المناضلين وصلت حدّ الاستقالة)
أتذكر أيضا انتخابات المكتب التنفيذي التي أقصت الاخ عبد المجيد، ليتدخّل الامين العام ويستعمل سلطته التعديلية بحكم النظام الداخلي ويعيّنه بالمكتب التنفيذي مع تكليفه بمهمة في الإدارة التنفيذية الحزب
وأعيد نفس السيناريو تقريبا على المستوى الجهوي والمحلي في منوبة أين وصل الخلاف الى التلاسن والاشتباك اللفظي
من ناحية أخرى يرى بعض المؤسسين أن رؤيتهم ونظرتهم لسياسات وقرارات وتوجهات الحزب، هي الأجدر بالتنفيذ، وأنه لا يحقّ للامين العام أن يخرج عن الإطار الذي يرسمه المؤسسون ويغيب عنهم أن السياسة رمال متحركة ومتغيرة وان الكوادر والإطارات الوافدة على الحزب وطنيًّا ومحليا وجهويا، لهم أيضا حق إبداء الرأي وإسداء المشورة بل وفرض القرارات والخيارات إذا تمكنوا من تحصين موقفهم بأغلبية وازنة، وأن دور الامين العام أن يكون حكما بين الجميع لا أن يوضع بين خيار وحيد أن “يستبدَّ” برأي المؤسسين وان لم يفعل يصبح مستبدًّا برأيه (وهي التهمة الجاهزة دائما والحاضرة أبدًا بقدرة قادر في بيانات الاستقالة المختلفة)
كانت للأخ الصحراوي نظرة نقدية حادة لتسيير الحزب، وملاحظات جوهرية حول سياساته وقراراته، وكان يرى ان الامين العام قد انحرف عن خط التأسيس، وهو ما عرضه على المكتب السياسي في وثيقة رسمية قام بتلاوتها على أعضاء المكتب بطلب من الامين العام نفسه……وفوجئ الاخ عبد المجيد بان رؤيته وتصوراته لعمل وسياسات الحزب لا تحضى بدعم أعضاء المكتب السياسي (أعلى سلطة تسييرية للحزب)
فكانت القطرة التي أفاضت الكأس وكانت الاستقالة المؤسفة حقا،
من خلالها نقرأ أزمة المؤسسين ونفهمُ أزمة السياسة ونستشفُّ سبب الضعف الهيكلي للأحزاب التقدمية في بلادنا: مجرد نادي تجتمع فيه النخبة وتمارس فيه لذّة السياسة ومتعة النظرية…بعيدا عن واقع الميدان، لتضمحل بعد ذلك أو تتكلّس وتترك المجال واسعا وفسيحا للأحزاب العقائدية تسرح وتمرح وتحكم كما تشاء”.
ر.م
شارك رأيك