بقلم فتحي الهمامي*
القِطّ أو الهرّ يُعْرف عنه البراعة في القفْز و الوثْب لهذا يُطْلق عليه اسْم النطّاط. و يتمتّع هذا الحيوان بِخِفّة الحركة و بِلُيونة الجِسْم.
فالقِطّ يسْتطيع عند السُقوط القيامِ بِحركاتٍ وقائيّة تُجنّبهُ الاصطدامِ الحادّ بالأرضِ.أما إذا نفذ إلى موْضعٍ شائك فانّه يسْتطيع المُغادرة بِيُسْرٍ وسُهولة. والهرّ حيوان يٙنْعم بِقُدرات أخرى خارقة منها الرؤيّة في الظلام وحاسة الشمٍّ القويّة. إضافة لما يتوفر عليْه من مهاراتٍ عظِيمة في الصّيْدِ والافْتِراس!
الحقيقة تذكّرتُ القِطّ و مميزاتِه و أنا أطّلِعُ على خبرٍ مُتعلق بالقُطّي عبد العزيز. فقد نطّ الرّجل ” نطّة ” أحْسبُ أن قِطّنا البارِع يحسده عليها ! لِجمالها و رشاقتها و ما حققته من نتائج ! و إليْكم الحكاية: لقد قام سي عبد العزيز النطاّط بالقفز من ” تونس أولا ” الحزب الذي شارك في تأسّيسّه منذ أسابيع قليلة و حُمِّل فيه مسؤوليّة الأمانة العامة لِينزل على حزب “نداء تونس” لِصاحبِهِ ابن أبيه .
و الحق يُقال لقد أبْدى حافِظُ النِداء قُدرة عجيبة على تناسي تلك المخالب “القِطّيّة” التي غرزها فيه من قبْل ” قُطّنا ” العزيز. و أظنّ أنّ في ذلك دليل على صِفات زعامة آخذة في التبلور عند مُحافظنا. و الله أعلم . لكن لِما العجب من وثبة ” قُطّنا ” فليْس على الرّجلِ حرجا فقد عوّدنا بِهته القفزات البهلوانية من حظيرة سياسية إلى أخرى و من موقِف إلى آخر و من تحالف إلى ضده.
إنّهما المُرونة و سهولة الالتواء “القِطّيّة” الّتين لا تُحقِقان سوى الانْسيابية في حركة الدخولِ و المغادرة و المهارة في التخلّص من الأمانة. فقط أنظروا يا سادة إلى ما دبّجه في رسالة القفْز المنشورة على حائطه في الفايسبوك قائلا : “. …خُضتُ تجربة سيّاسيّة خارج نداء تونس أفْتخرُ بها ….. “. يا سلام على هذه الحركة الوقائيّة ذات الخِصال “القِطّيّة” فهْي تُجنِّب – فعلا – القُطّي الاصْطدام الشّديد بِنقد رِفاقه السابقين.و تجنبه الوقوع في خندق السياسة العميق .
هذا السّياسي الوثّْاب أظهر أيضا إمكانيّات غير قليلة في الرؤية في الظلام و أنّه يمتلك حاسّة شمّه قويّة و إلاّ ما المعنى من قوله أن “الخيارُ الوحيد المطروح اليوم …….هو إما نداء تونس و إما حركة النهضة………..” سوى أنّ القُطّي هو فعلا ” قِطّيا “.
فهل سيكِف الرّجل يوما عن النطّ ؟ لا نعْتقِد ذلك. فالوزارة / الفريسة الّتي يُلاحقها كمُلاحقة القِطّ للفأرة لم تقع بعدُ بيْن مخالبِه. و رُبّما ستكون وثْبته التاليّة إلى أحضانِ “القِطّيّ” الراشد و هو يرفع رأي أرسطو ” السّياسة فرع من الأخلاق” . و لعلّنا في مشْهديّتيْ المُلاحقة و النطّ لا ننْدم على شيءٍ سِوى على غِياب المُنظّر “القِطّيّ” الكبير ” ميكيافيلي” صاحِبُ نظريّة الغايةُ تُبرِر الوسيلة في العمل السّياسي لأنّه سيكون حاسدٌ – بلا شك- لألاعيب القُطّي عزيز.
*ناشط مدني و سياسي
شارك رأيك