الرئيسية » السبسي في زيارة رسميّة للجزائر سنة 2018 (خاصّ)

السبسي في زيارة رسميّة للجزائر سنة 2018 (خاصّ)

بقلم عمار قردود

كشف ديبلوماسي جزائري رفيع المستوى لــ”أنباء تونس” أن الوزير الأول الجزائري أحمد أويحي أبلغ الرئيس التونس الباجي قايد السبسي خلال لقاءه به في العاصمة أبيدجان بكوت ديفوار على هامش مشاركتهما في أعمال القمة الأفرو أوروبية، رسالة شفوية من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

وتتضمّن الرسالىة دعوة رسمية للسبسي لزيارة الجزائر خلال العام المقبل 2018، على أن يتم تحديد التاريخ بالتدقيق لاحقًا وفقًا لأجندة الزعيمين. و قد أبدى السبسي إمتنانه الكبير بهذه الدعوة من الرئيس بوتفليقة وعبّر عن موافقته زيارة “بلده الثاني الجزائر لمقابلة شقيقه العزيز بوتفليقة” في أي وقت و متى سمحت الظروف بذلك.

و كان مصدر ديبلوماسي جزائري موثوق قد سبق و أن كشف لـــ”أنباء تونس” أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ألغى زيارة رسمية له كانت مقررة إلى الجزائر العام الجاري بطلب من السلطات الجزائرية بسبب الوضع الصحي المتدهور للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة التي بات يتعرض بشكل مفاجئ لنوبات حادة تفضي إلى فقدانه للوعي.

و كان الرئيس التونسي يرغب في زيارة الجزائر لجبر الخواطر و تصفية الأجواء مع المسؤولين الجزائريين الذين يعتبون على المسؤولين التونسيين قبولهم إقامة قواعد عسكرية أجنبية بتونس، و هو الأمر الذي تسبب في وقوع أزمة دبلوماسيّة صامتة بين الجزائر و تونس، منذ الإعلان عن وجود قاعدة عسكرية أمريكية في تونس و هو ما ترفضه الجزائر جُملة وتفصيلًا. و هي الأزمة التي أخذت تتعمّق شيئًا فشيئًا بين كبار مسؤولي البلدين الجارين عقب إعلان الإدارة الأمريكية استكمال إجراءات منح تونس وضع حليف رئيسي خارج حلف شمال الأطلسي “الناتو” لتصبح بذلك الحليف السادس عشر الرئيسي للولايات المتحدة سنة 2015.

و رجّح ذات المصدر الديبلوماسي أن يتم برمجة زيارة الرئيس التونسي إلى الجزائر يوم 7 أو 8 فيفري 2018 بالتزامن مع حلول الذكرى الــ60 لأحداث ساقية سيدي يوسف، حيث يعتبر الثامن من شهر فيفري 1958 يومًا أليمًا بالنسبة للشعبين الجزائري والتونسي، بسبب اقتراف الجيش الفرنسي مجزرة وحشية بواسطة غارة جوية، استهدفت مدنيين عزّل من الشعبين الشقيقين الجزائري والتونسي بالقرية الحدودية “ساقية سيدي يوسف” وهي تستعد كعادتها لاستقبال سوقها الأسبوعي.و هي الأحداث التي جاءت كرد فعل للدعم التونسي للثورة الجزائرية والتي سقط فيها العديد من الشهداء الجزائريين والتونسيين.

و أفاد نفس المصدر أنه من المرتقب أن يزور وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل تونس مطلع العام المقبل لتسليم الرئيس التونسي دعوة رسمية من الرئيس الجزائري لزيارة الجزائر،و تكليف سفيري البلدين بمباشرة التحضيرات لهذه الزيارة الهامة التي ستعمل على إعادة الدفء إلى العلاقات الجزائرية التونسية التي أصابها بعض الفتور في الآونة الأخيرة.

و كانت آخر زيارة للرئيس التونسي إلى الجزائر في 15 ديسمبر 2016،حيث صرّح الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي آنذاك في مهاية زيارة قصيرة للجزائر دامت بضع ساعات و إلتقى خلالها بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة،أن أمن تونس من أمن الجزائر،و أن أمن الجزائر من أمن تونس،مؤكدًا أن “أمن البلدين و حرمتهما الترابية خط أحمر لا مساس به”.و تحدث السبسي عن “عزم بلاده الراسخ و إستعدادها التام لمزيد من تدعيم علاقاتها الأخوية و تعزيز تعاونها مع الجزائر في كل المجالات”.

كما أشار إلى أن تونس تسعى إلى تحقيق “إندماج إقتصادي أكبر” مع الجزائر من أجل بناء ما وصفه بـــ”شراكة إستراتيجية”.و إعتبر مراقبون للشأن المغاربي و ممبعون للعلاقات الجزائرية التونسية أن تصريحات السبسي عن أمن البلدين،جاءت بعد ما تداولته تقارير إعلامية حول قلق الجزائر من سماح تونس لطائرات أمريكية بالتحليق فوق أراضيها في إطار تدريبات يستفيد منها الجيش التونسي.

و قبل ذلك أدى الرئيس التونسي زيارة دولة إلى الجزائر في 4 فيفري 2015 و هي أول زيارة له إلى الخارج بعد إنتخابه رئيسًا لتونس،وكان الرئيس التونسي السبسي قد صرح عقب إنتخابه في ديسمبر 2014 رئيسًا للجمهورية التونسية بنسبة 86 .55 بالمائة لوكالة الانباء الجزائرية أن أول زيارة له الى الخارج ستكون الجزائر من أجل “تعزيز التعاون” بين البلدين الشقيقين مستقبلاً.

ولم تكن زيارة السبسي تلك الى الجزائر الاولى من نوعها حيث سبقتها زيارة عندما تولى رئاسة الحكومة التونسية المؤقتة في شهر مارس 2011 بعد الثورة في بلاده ليبرهن من خلالها على أواصر حسن الجوار والاحترام المتبادل بين بلاده والجزائر.وتحصلت تونس خلال هذه الزيارة على مساعدة مالية بــــ100 مليون دولار بقرار من الرئيس الجزائري لمواجهة الازمة الاقتصادية التي أعقبت سقوط نظام حكم بن علي.

و بالفعل فقد وقفت الجزائر بقوة الى جانب تونس في جهودها الرامية للخروج من المرحلة الانتقالية التي دامت أربعة سنوات وترسيخ الممارسة الديمقراطية التي ما أنفكت تتطلع إليها حيث سمحت الزيارات المتبادلة للرسميين في البلدين بتعزيز التعاون على جميع الاصعدة وكذا تقديم “النصيحة” لتونس بشأن عملية الانتقال السياسي لما بعد الثورة.

كما أكد الرئيس الجزائري بوتفليقة في برقية بعثها الى الرئيس السبسي بمناسبة الذكرى الرابعة للثورة التونسية على وقوف الجزائر الدائم الى جانب شقيقتها تونس في مغالبة كل التحديات المشتركة وحرصها على تعميق أواصر الاخوة والتضامن بين البلدين والارتقاء بتعاونهما الى مستويات أعلى من الشراكة والتكامل تحقيقا لطموحات الشعبين.

وعقب الاعلان عن فوز السيد السبسي برئاسة الجمهورية أكد الرئيس بوتفليقة أيضا أن الجزائر مستعدة للدخول مع تونس في مرحلة تؤسس لشراكة شاملة ودائمة تستجيب لطموحات وتطلعات الشعبين.
وكان الوزير الاول الجزائري الأسبق عبد المالك سلال قد أعلن من قبل خلال مشاركته في قمة “الايليزية حول إفريقيا” سنة 2013 أن الجزائر”ترفض” التدخل في الشؤون الداخلية لتونس وجددت الجزائر هذا الموقف لمرات عديدة والذي ثمنته تونس عاليًا.

لقد تأكدت قناعة الجزائر وتونس أمام تنامي ظاهرة الارهاب العابرة للحدود أن مصير و أمن وإستقرار البلدين “أمر واحد لا يستحق أي مساومة أو مماطلة” وهذا ما دفع بمسؤولي الدولتين الى تكثيف اللقاءات بينهما من أجل تنسيق الجهود والوقوف بحزم أمام هذا الخطر الداهم الذي يعبر حدود الاوطان بغية حماية البلدين.
وفي هذا الاطار ذهب الرئيس السبسي في حوار صحفي عقب إنتخابه رئيسًا لبلاده الى التنويه بمستوى التعاون بين الجزائر وتونس في مجال مكافحة الارهاب معربا في نفس الوقت عن أمله في توسيع مجالات التعاون لتحقيق التنمية المشتركة.

هذا و قد أكد الرئيس التونس الباجي قايد السبسي،الأربعاء الماضي، حرص بلاده على تطوير علاقاتها مع الجزائر في كافة الميادين، والتزامها بالعمل معها ومواصلة التنسيق والتشاور حول مختلف التطورات التي تشهدها المنطقة، وفي مقدمتها إيجاد تسوية سياسية شاملة للأزمة في ليبيا.و قد جاء ذلك خلال لقاء السبسي في كوت ديفوار مع الوزير الأول أحمد أويحيى، على هامش مشاركته في أعمال القمة الإفريقية الأوروبية في دورتها الخامسة بأبيدجان.

وأعرب السبسي عن ارتياحه للأجواء المتميزة والاستثنائية التي تسود علاقات البلدين بفضل الإرادة الصادقة للارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مشيدا بما تحقق من تعاون وثيق في مختلف المجالات؛ لاسيما التعاون الأمني والعسكري.

 

رابط لفيديو حول ساقية سيدي يوسف من تصوير روني فوتيه:https://youtu.be/3SSJyVznSB0.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.