تم منذ امس الخميس 7 ديسمبر 2017، تداول شعارات بمواقع التواصل الاجتماعي تدعو الى الاعتداء على يهود تونس في اطار الدفاع عن القدس الفلسطينية.
وقد تم نشر رسائل وشعارات تطالب بضرورة تصفية اليهود التونسيين وذلك احتجاجا على اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لاسرائيل، وقد تمسّ هذه الدعوات من الامن العام في البلاد خاصة وانه يعتبر تهديدا للحريات الشخصية وللدولة.
وفي هذا الاطار نشر رجل الاعمال اليهودي ايلي الطرابلسي بعض التعليقات على موقع الفيسبوك، والداعية الى الاعتداء على معبد الغريبة حيث وصل بهم الحدّ الى التحريض على حرقه وطرد اليهود التونسيين ردّا على اعلان ترامب واستهدافه للقدس الفلسطينية.
وقد حذّر الطرابلسي من هذه الدعوات التي تستهدف تونسيين لا شان لهم في قرارات ترامب واعتدائه على القدس.
وتعتبر الديانة اليهودية في تونس ثالث أكبر ديانة في البلاد، يعتنقها حوالي ألف و500 تونسيّ، ثلثهم متواجد في العاصمة، والبقية يعيشون في جزيرة جربة ومدينة وجرجيس.
وللاشارة فان رئيس الطائفة اليهودية التونسية بيريز الطرابلسي قد رفض الزّج باليهود في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ففي ديسمبر 2011، دعا نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية سيلفان شالوم اليهود الذين يعيشون في تونس إلى الإقامة في إسرائيل، فرفض الطرابلسي الدعوة وأجاب: “نحن تونسيون أباً عن جدّ، وسوف نعيش ونموت في هذه الأرض”.
وفي هذا السياق يجب الحذر من الانجراف وراء المصالح السياسية والعرقية الضيّقة والتي تدعو الى الخلط بين الدفاع عن قضية القدس ويهود تونس حيث يعمد البعض الى التحريض عن تونسيين لا ذنب لهم سوى انهم يعتنقون اليهودية في اطار ما يضمنه الدستور التونسيّ، علما وانهم متواجدون بيننا منذ أكثر من ألفي سنة حيث تتّسم علاقتهم بالمسلمين بالاحترام المتبادل دون ايّ تمييز ديني، الا انهم يواجهون في كلّ مرة اعتداءات معنوية ومادية بسبب تعمّد البعض، المحسوبين خاصة على التيارات السلفية المتشدّة، التحريض ضدّهم ولعل ابرزها حادثة تعرض أحد المواطنين اليهود من جزيرة جربة الى الاعتداء بواسطة سكين من قبل عنصر متطرّف وذلك سنة 2012 وقد تزامنت هذه الحادثة مع الاحتفالات السنوية لليهود التونسيين بالغريبة.
كما شهد معبد الغريبة اليهودي الذي يعود تاريخ انشاؤه الى سنة 566 ق.م.(قبل الميلاد)، هجوما إرهابيا يوم 11 افريل 2002 من قبل منتمين إلى تنظيم القاعدة حيث تم تحميل شاحنة لنقل الغاز الطبيعي بكمية من المتفجرات وتخطّت الحواجز الأمنية لتنفجر امام الكنيس متسببة في مقتل 14 شخصا منهم 6 سياح ألمان و6 تونسيين وفرنسي واحد وجرح مايزيد عن 30 شخصا.
وفي هذا الاطار يجب على التونسيين عدم الانسياق وراء دعوات العقول المريضة ويجب الفصل بين الدفاع عن القدس ومساندة الفلسطينيين دون المساس من الامن العام للبلاد والدخول في صراعات عرقية ودينية قد عملنا جاهدين على تجاوزها منذ زمن لضمان التعايش السلميّ في بلد ديمقراطيّ يحترم الحريات الشخصية لشعبه.
ر.م
شارك رأيك