روت الكاتبة الصحفية التونسية أمل المكّي امس الخميس 15 ديسمبر 2017، تجربتها مع عالم المثلية الجنسية التي انطلقت اول مرة اثر لقائها فتاة مثلية وذلك خلال دورة تدريبية لاحدى منظمات المجتمع المدنيّ.
وقد كشفت امل المكّي في تدوينة لها على صفحتها الرسمية خفايا عالم المثلية الجنسية حيث كانت تخاف الاقتراب منه، وقد عبّرت عن ذلك من خلال التاكيد انها نامت بعين مفتوحة ليلة اقامتها مع فتاة مثلية في اطار الدورة التدريبية المذكورة.
كما اوضحت الكاتبة انها تعمّدت كسر حاجز الخوف من مسالة المثلية الجنسية وبادرت سنة 2013 بانجاز تحقيق صحفيّ حولها وهو ما ساعدها في التّخلّص من أفكارها السلبية بخصوص عالم المثلية.
وقالت المكّي : “نمت ذات مرّة مع فتاة مثليّة على الفراش ذاته. كان ذلك في إطار برنامج تدريبي لإحدى منظمات المجتمع المدني التي ارتأت التحكّم في ميزانية النشاط عبر جعل كلّ إثنين من المشاركين يقيمان في غرفة واحدة. كنت أنظر إلى السرير الكبير مرتعبة من فكرة مشاركته مع فتاة مثليّة. كنت أحمل وقتها بعضا من الهموفوبيا وأجهل الكثير عن عالم الأقلية المثلية ونمط حياتها وسلوكياتها اليومية.
نمت ليلتها بعين مفتوحة. طبعا لم تقفز الفتاة المثليّة عليّ ولا قفزت عليها. ومرّت أيام التدريب بكل سلاسة. سافرت بعدها إلى ألمانيا في إطار برنامج تبادل ثقافي وأقمت أياما بلياليها في منزل واحد مع مجموعة فتيات بعضهنّ مثليات. تناقشنا في مواضيع عديدة كالثقافة والدّين وحقوق الانسان والمرأة والسياسة وزرنا مقرّ البرلمان وعدة منظمات وخرجنا في نزهات عديدة وتسامرنا وضحكنا واختلفنا في وجهات النظر دون أن يفسد ذلك للودّ قضية. هل تبدّدت فوبيا المثليّة لديّ بمجرّد عودتي من ألمانيا؟
لا. كان يلزمني أن أقطع آخر حدود الخوف المرضي نحو الطمأنينة العقلانية عبر مخالطة هذه الأقلية هنا في تونس. وكان تحقيقي عن المثليّة الجنسية عام 2013 بعد أن جالست فتيات وفتيانا مثليّين وشاهدت جانبا من حياة بعضهم اليومية. عندما أنهيت كتابة التحقيق بجانبه الميداني الإنساني والنظري الحقوقي، كان آخر صرح للهموفوبيا في داخلي قد هوى.
كانوا يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، منهم من يدرس ومن يعمل ومن يقضّي وقته في المقاهي كمعظم العاطلين عن العمل. منهم من ينشط في المجتمع المدني ومن يناضل في إطار حزبي. منهم من يعاقر الخمر ومن يتردّد على المساجد. هم مثلنا لا يطلبون من الحياة سوى أن يحيوها بكرامة. ليس المثليون الذين عرفتهم أشخاصا مهووسين بالجنس ولا معتدين يبلغون مرامهم بالاغتصاب. هم مواطنون لا يطلبون سوى اكتمال مواطنتهم وعدم العيش وسط الخوف من الزنزانة بسبب ميولاتهم الجسدية. هل في المثليين لصوص ومجرمون ومتحيّلون وفاسدون؟ نعم، ذلك أمر مؤكّد لكن ليس لأنهم مثليّون بل لأنهم بشر شأنهم شأن كل اللصوص والمجرمين والمتحيّلين والفاسدين “الأسوياء” ! هل يحق للمثليّين بعث إذاعتهم الخاصة؟
نعم مؤكد شأنهم شأن كل الأقليات أو المجموعات التي تؤمن بضرورة استثمار الإعلام التقليدي والحديث لخدمة قضيتها. هل ستؤدي إذاعة المثليين إلى إفساد المجتمع؟ طبعا لا لعدّة أسباب أهمها أن المثليّة ليست فيروسا ينتقل عبر شبكة الإنترنت وأن المجتمع التونسي فاسد بطبعه وغارق في الفساد لل”عنكوش”. هل يحق للمثليين التونسيين الحصول على تمويل أجنبي لبعث إذاعة الويب الخاصة بهم؟ هذا سؤال أجدر أن تجيب عليه حكومتنا التي لا تتحرك إلا بالقروض والهبات وهيئاتنا الوطنية التي تتلقّى التمويلات وسائر منظمات المجتمع المدني الأخرى وعددها بالآلاف.
لقد كرّرتم على مسامعنا عبارة “إذا تعلّق الأمر بالأمن فلا تحدّثني عن حقوق الإنسان” ، واليوم تضيفون إلى الأمن فزّاعة أخرى هي المثليّة تشرّعون بها قمع الأجساد وانتهاك حرماتها ومصادرة الحق في الحياة. لا ينتظر من عامّة الناس أن يتقبّلوا إذاعة شمس لكن من المفروض أن يدافع الصحفيون على حقها في الوجود المستمدّ من رسالة الصحافة حيث المعلومة حق مقدّس وحرية التعبير مذهب لا جدال فقهيا أو قانونيا حوله. كمواطنة تونسية غير مثليّة تحترم جسدها وعقلها ومهنتها أبارك أن يكون للأقليات إعلامها الذي يتحدث باسمها في انتظار أن تعمل “الأغلبية” على تأسيس إعلام جديد يحترم مواطنتها وإنسانيتها.
شارك رأيك