من الجزائر : عمّــــــــار قـــــردود
قال وزير الخارجية الجزائري،عبد القادر مساهل أنه” من المتوقع أن يصل عدد السياح الجزائريين الذين سيقصدون تونس لتمضية عطلة نهاية السنة-ما بين 20 و حتى 31 ديسمبر الجاري-حوالي 250 ألف سائح و هو رقم قياسي و غير مسبوق خلال فترة زمنية وجيزة و لم يتم تسجيله إلا خلال موسم الصيف،و هو ما من شأنه أن يرفع عدد السياح الجزائريين الوافدين على تونس خلال سنة 2017 ليبلغ أو يتخطى رقم المليونين و نصف”.
هذا و تعتبر تونس الأكثر إستقطابًا للسائح الجزائري و ذلك بالنظر إلى عدة إعتبارات و معطيات من ضمنها الأسعار المغرية و المنخفضة بما يتناسب و ميزانية الجزائريين مقارنة بدول أخرى كتركيا و مصر و المغرب،فيما تحتّل تركيا المرتبة الثانية،تليها المغرب،فمصر.
فبحسب بعض العروض التي بدأـ بالترويج لها وكالات سياحية جزائرية و تونسية فإن هناك عرض تبلغ قيمته 22 ألف دينار جزائري-حوالي 300 دينار تونسي-لقضاء عطلة في تونس لمدة أسبوع كامل.و هو العرض المغري الخاص بتمضية أسبوع كامل بسعر صادم بمدينة سوسة التونسية بفندق المارابوت و هو خاص بالعائلات و بالأزواج على حد سواء.
و بحسب مصدرنا دائمًا فإنه المفارقة في الموسم السياحي الشتوي هو أن أسعار الوجهة السياحية للجنوب الجزائري مبالغ فيها كثيرًا و لا تتوافق تمامًا مع ميزانية السائح الجزائري خاصة في ظل تدهور القدرة الشرائية للجزائريين و سقوط حر لقيمة الدينار الجزائري الذي أقدمت الحكومة الجزائرية عن تعويمه إلى جانب لجوءها إلى خيار التمويل غير التقليدي من خلال طبع النقود دون تغطية و هو ما من شأنه أن يرفع من نسبة التضخم و بالتالي يفقد الدينار الجزائري المزيد من قيمته.و أفاد أن إختيار الوجهة السياحية للجزائريين بات يتماشى مع القدرة الشرائية بسبب تراجع الدينار الجزائري .
و تعّج الوكالات السياحية هذه الأيام بالمواطنين الجزائريين الراغبين في قضاء عطلة نهاية السنة لإختيار الوجهة السياحية التي تتناسب و قدراتهم المالية و بحسب العروض المتاحة و المقدمة لهم.و لكن وقع إختار السواد الأعظم منهم على التوجه صوب تونس لقربها-جغرافيًا و تاريخيًا- و سهولة السفر إليها و إنخفاض الأسعار بها.
تونس لذوي الدخل المتوسط و دبي و ماليزيا و تركيا للأثرياء
فقد شرعت مختلف الوكالات السياحية الجزائرية عملية الإعلانات وعروض الخدمات المقدمة تزامنًا والاحتفال برأس السنة نحو وجهات داخلية وخارجية، حيث أكدت بعض الوكالات السياحية الجزائرية لــــ”أنباء تونس” أن العروض هذه المرة كانت موجهة لأصحاب المال باعتبار أن العملة الصعبة عرفت ارتفاعًا نسبيًا مقارنة بالسنوات الماضية، الأمر الذي يقلل من حظ ذوي الدخل المتوسط في السفر.وأكد “بلقاسم حنصال” المدير التجاري في الوكالة السياحية “هيا نسافر”، في تصريح لـــ”أنباء تونس”، أن مختلف الوكالات السياحية باشرت الترويج لوجهاتها السياحية المبرمجة للاحتفال بنهاية السنة منذ بداية شهر أكتوبر الماضي،
حيث أطلقت العديد من العروض والوجهات، على رأسها تونس كأرخص وجهة مفضلة عند السياح الجزائريين خاصة منهم ذوي الدخل المتوسط، بعد التخفيضات التي أقرتها الفنادق والمنتجعات السياحية التونسية خلال رأس السنة لجلب السائح الجزائري في موعد سياحي آخر، زيادة على فصل الصيف. ورغم أن احتفالات نهاية السنة لا تلقى إقبالاً كبيرًا من طرف الجزائريين بإستثناء القليل منهم، غير أن الأسعار المتدنية وتزامن هذه الاحتفالات مع العطلة الشتوية أغرى بعض الأسر التي ربما لم تستفد من رحلة سياحية خلال فصل الصيف لأسباب أو لأخرى.
ولم تتعد أسعار قضاء أسبوع كامل في إحدى المدن التونسية خلال رأس السنة الميلادية الــــ25 ألف دينار جزائري-350 دينار تونسي- في فنادق 2 و3 نجوم، حيث أمد محدثنا أن الوجهة التونسية تبقي الأرخص وعليه فإنها تبقى من بين أهم وأفضل الوجهات لدى السياح الجزائريين، خاصة في ظل هذه الظروف الاقتصادية المتأزمة.
وأضاف نفس المصدر أن الوكالات السياحية تلقت العديد من الطلبات فيما يخص الوجهة التونسية خلال عطلة نهاية السنة، معتبرًا أن عامل فرق العملة أيضًا يُعد مهمًا، فقيمة الدينار الجزائري ونظيره التونسي تعد متقاربة إلى حد ما عكس ما تشهده العملة الوطنية من انهيار بالمقابل مع العملات الأجنبية، وهو ما يشكل عائقًا بالنسبة للكثيرين والذين سيضطرون لدفع ضعف ما كانوا يدفعونه في سنوات سابقة في حال رغبوا في السفر للوجهات الأوروبية.
وقال محدثنا إن باقي الوجهات السياحية تبقى من بين الوجهات المفضلة عند الجزائريين، بالإضافة إلى شرم الشيخ، دبي وإسبانيا وفرنسا و ماليزيا كوجهة تقليدية للسياح الجزائريين، أما عن الأسعار فتتراوح قيمة قضاء أسبوع في تركيا بين 11 إلى 25 مليون سنتيم جزائري-ما بين 1700 دينار تونسي و 3600 دينار تونسي-، حسب نوعية الخدمات وعدد نجوم الفنادق، وهي نفس الأسعار تقريبًا بالنسبة لشرم الشيخ بمصر، في حين أن الأسعار ترتفع بالنسبة للوجهات الأوروبية فأسعار قضاء أسبوع في كل من إسبانيا وفرنسا قد تتجاوز الثلاثين مليون سنتيم جزائري-حوالي 4400 دينار تونسي-. ويؤكد أصحاب الوكالات السياحية أن الانهيار التاريخي للدينار الجزائري مقابل كل من الأورو والدولار والجنيه الاسترليني، سيكون له تأثير كبير على رحلات الجزائريين للخارج خلال نهاية السنة.
أما “عمار بن زواوي”مدير الوكالة السياحية “ترافل تور”فقد أوضح أن معظم البرامج السياحية تفتقد للوجهات الداخلية الجزائرية في عروضها والمبرمجة خصصت جبال الهڤار والطاسيلي وصحراء تاغيت وجانت كوجهات لقضاء عطلة نهاية السنة لأسباب تعتبرها هذه الوكالات تتعلق بغياب التسهيلات من طرف السلطات المحلية بالإضافة إلى غلاء الخدمات على مستوى الفنادق والمنتجعات السياحية هناك، حيث يشير أصحاب الوكالات أن قضاء عطلة نهاية السنة في إحدى هذه المناطق يكلف الجزائريين ضعف ما يدفعونه مقارنة مع وجهات أخرى، وهو ما جعل هذه الوكالات تتحفظ على عروضها.
وعن نسبة الإقبال أوضح المتحدث أنه سيكون منخفض مقارنة بوقت مضى لأن زبائنهم أو المستهدفين من هذه العروض ليسوا عموم الجزائريين الذين يعانون ظروف اقتصادية صعبة وإنما من الطبقة الغنية، وحتى هؤلاء يضيف أصحاب الوكالات لن يكونوا بالأعداد التي كانت تسجل السنوات الماضية بسبب الظروف الحالية والتوجه العام الذي يعرفه المجتمع والذي لا يعترف إلا بعطلة واحدة وهي عطلة الصيف.
ارتفاع الحجوزات بــ 90 بالمائة نحو تونس
تعرف وكالات الأسفار الجزائرية في الأيام الأخيرة ، إقبالاً كبيرًا من الجزائريين على الحجز نحو وجهات سياحية خارج الجزائر، و أهمها تونس التي إرتفع الطلب عليها بنسبة 90 بالمائة مقارنة بالعام الماضي،لتأتي بعدها تركيا التي زاد الإقبال عليها أيضا، فيما تتوزع باقي الوجهات بين المغرب و مصر و إسبانيا و ماليزيا.
و يستعد عدد كبير من السياح الجزائريين إلى قضاء عطلة نهاية السنة ،حيث تشهد معظم وكالات السياحة و الأسفار عبر مختلف أنحاء الجزائر إزدحامًا كبيرًا من شباب و عائلات يتوافدون على الحجز في رحلات فردية و منظمة ، نحو بعض البلدان التي توفرها العروض المقدمة من مختلف الوكالات.
و يبدو أن الطلب على الوجهة التونسية لم يتأثر بالأحداث الأخيرة التي عرفها هذا البلد المجاور، بإستهداف السياح الجزائريين و تعرضهم إلى إعتدات مختلفة سواء بالضرب أو بالسرقة ، فقد وصف معظم الوكلاء الذين تحدثنا إليهم الطلب على السفر نحو تونس بالمرتفع جدًا، عكس ما كان متوقعًا، إذ يطلب أغلب الزبائن مباشرة الحجز في أحد الفنادق أو المنتجعات السياحية هناك.
و إذا ما تمت مقارنة حجم الطلب بنفس الفترة من العام الماضي، يلاحظ النشطون في مجال وكالات السفر ارتفاعا بنسبة 90 بالمائة في الطلب على تونس ببعض الوكالات، التي وصفت التخفيضات المقدمة من الفنادق التونسية بالبسيطة، حيث يحتاج شخصان لقضاء أسبوع في فندق 3 نجوم، ما لا يقل عن 4 ملايين سنتيم، دون احتساب مصاريف النقل و ما يحتاجه المسافر من ترفيه و غيره. لكن تلك التخفيضات التي بلغت أحيانا 50 بالمئة أغرت الكثيرين أيضا على التوجه نحو تونس.
و لدى استطلاع آراء العائلات و الشباب الذين ألفوا التوجه كل نهاية السنة إلى تونس، علمنا أن معظمهم حجزوا مسبقًا قبل أيام و هم في انتظار بداية العطلة، مؤكدين بأنهم غير متخوفين مما حدث للسياح الجزائريين خلال الصيف الماضي من إعتداءات مختلفة من طرف التونسيين، و أشار البعض إلى أنهم يفضلون هذا البلد، بالنظر إلى نوعية الخدمات الجيدة و الأسعار المعقولة المتوفرة هناك، مقارنة مع مدننا الساحلية لتي تنعدم بها أغلب الخدمات و تعرف التهابًا في الأسعار.
شارك رأيك