الرئيسية » بسبب الإحتجاجات: إنخفاض عدد السياح الجزائريين الوافدين إلى تونس

بسبب الإحتجاجات: إنخفاض عدد السياح الجزائريين الوافدين إلى تونس

بقلم عمّـــــــار قـــــردود

رغم أن أعداد السياح الجزائريين الوافدين إلى تونس قاربت الـ3 ملايين خلال سنة 2017،و حققت تونس رقمًا قياسيًا في عدد السياح الجزائريين بنحو مليون سائح دخلوا تونس.إلا أنه و منذ بداية سنة 2018 تم تسجيل تراجع ملحوظ و مخيف و غير معهود في عدد السياح الجزائريين الوافدين إلى تونس.

وقد تراجع هذا العدد إلى أدنى مستوياته منذ عدة سنوات، و بلغت نسبة تراجع الوافدين،خلال الفترة الممتدة من 2 و إلى 19 جانفي الجاري ،حوالي 20 بالمائة.

و تؤكد إحصاءات رسمية لمصالح الجمارك الجزائرية لم يتم نشرها بعد تحصلت “أنباء تونس” على نسخة منها، تراجع نسبة الوافدين من الجزائر منذ بداية شهر جانفي الجاري و حتى أمس الجمعة 19 جانفي رغم الجهود التي بذلتها الوزارة للتخفيف من تأثير موجة الإحتجاجات الشعبية الأخيرة التي كانت تونس مسرحًا لها على توافد السياح إلى تونس وخاصة من السوقين الجزائرية والليبية. وبلغت النسبة الإجمالية لتراجع الوافدين خلال هذه المدة -من 2 إلى 19 جانفي الجاري-20 بالمائة رغم العروض المغرية التي قدمتها الفنادق و المنتجعات و وكالات الأسفار و السياحة التونسية.

وينظر المهنيون التونسيون بقلق كبير إلى تواصل تراجع مؤشرات بعض الأسواق الهامة على غرار السوق الجزائرية،وحسب المعطيات والأرقام المسجلة، تعود أسباب هذا التراجع الحاد في عدد السياح والمداخيل في تونس إلى عوامل آنية تمثلت في موجة الإحتجاجات الشعبية التي مسّت بعض المناطق في تونس و تواصل تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية إضافة إلى تزامن ذلك مع فصل الشتاء الذي عادة ما يشهد إنخفاض واضح في نسبة السياح وعوامل أخرى هيكلية.

وكان متعاملو السياحة التونسية قد عبروا، في وقت سابق، بشأن عدم قدرة الوجهة السياحية التونسية على التوصل لتحقيق نتائج إيجابية خلال فصل الشتاء. وتسعى السلطات في تونس من أجل إنقاذ قطاع السياحة إلى الترويج للوجهة الصحراوية خاصة إلى توزر.

و رغم تراجع وتيرة الاحتجاجات نسبيًا في تونس، بداية من الجمعة الماضية، إلا أن دعوات بعض النشطاء لمزيد من التحركات جعلت الجزائريين يقاطعون زيارة تونس مؤقتًا إلى حين هدوء الأوضاع بها، بينما شنَّت الحكومة التونسية حملة اعتقالات جديدة ليزيد عدد المحتجزين إلى حوالي 800 بينهم قيادات من المعارضة، بعد مواجهات عنيفة اندلعت على مدى ثلاثة أيام بسبب رفع الأسعار وفرض ضرائب جديدة.

و رغم أن الأحداث الأخيرة التي كانت لها تونس مسرحًا لها لم تكن دموية،حيث لم يتم تسجيل سقوط ضحايا لا في صفوف التونسيين و لا الجزائريين و لا أي جنسيات أخرى،إلا أن تزامنها مع إنقضاء عطلة المدارس في الجزائر مع تواجد عدد من العائلات الجزائرية في تونس لتمضية رأس السنة الميلادية و تسبب تلك الأحداث في غلق عدد من الطرقات و المعابر الحدودية البرية في عدم إستطاعة هذه العائلات في العودة إلى الجزائر و بقاءها عالقة بتونس،جعل الجزائريون يقررون مضطرين إلى مقاطعة السفر إلى تونس بشكل مؤقت.

يجتاح القلق الجزائريين، شعبيًا ورسميًا، من الاحتجاجات في تونس، فبالنسبة إلى الشعب فذلك لحاجات آنية ومباشرة تتعلق بالسياحة، أو بالتجارة، أما بالنسبة إلى السلطات فذلك لأن الحالة التونسية الماضية في الفساد شبيهة بالحالة الجزائرية الحالية، كما أن الحالتين في الحاضر لجهة تصرفات الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي متقاربة مع أفعال الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، وهذا يعني أن مخاوف السلطات الجزائرية من أحداث تونس أكبر وأوسع من مخاوف الشعب.

فقد ألغى العديد من الجزائريين سفرياتهم لتونس المبرمجة خلال هذه الأيام بسبب الأحداث التي تعرفها عدّة مدن تونسية، فيما فشلت الوكالات السياحية الجزائرية و التونسية في استقطاب السيّاح رغم التخفيضات المغرية التي اقترحتها لشهري جانفي وفيفري.

وبعدما كانت تونس من أكثر الوجهات السياحية للجزائريين ليس فقط في موسم الاصطياف وإنما على مدار السنة بسبب مستوى الخدمات والأسعار التي يراها السائح الجزائري مناسبة، جاءت أحداث الاحتجاجات التي تعرفها الجارة تونس لتغيّر هذه القناعات وتجبر المئات ممن كانوا يبرمجون لرحلاتهم خلال هذا الشهر لإلغائها نتيجة حالة اللاأمن واللااستقرار التي تعرفها عدّة مدن، وما تمّ تسجيل من أعمال حرق وعنف وسرقة، واضطّر بعض الزبائن إلى إلغاء رحلاتهم ومواعيد العمل أو العلاج أو الأنشطة العلمية جراء هذه الأوضاع.

كما فشلت بعض الوكالات السياحية الجزائرية والتونسية في جلب عدد ولو قليل من الزبائن لشهر جانفي رغم العروض المغرية التي تقدّمها والتي تصل إلى 20 ألف دج إقامة في فندق 4 نجوم لمدّة أسبوع مع مصاريف النقل، لكنّ الأحداث الأخيرة منها غلق بعض المنافذ الحدودية الشرقية من قبل المحتجين، جعلت الجزائريين الراغبين في السفر إلى تونس إلى تأجيل ذلك إلى غاية حدوث مستجدّات تبدّد المخاوف والقلق ممّا كبّد الوكالات السياحية خسائر معتبرة، خصوصا وأنّها تعرف تضييقا على نشاطها بسبب ارتفاع سعر الأورو وانهيار القدرة الشرائية وتراجع عدد السيّاح نحو الخارج والضريبة المفروضة على المعتمرين السنة الماضية والمقدّرة بـ2000 ريال سعودي والتي أدّت إلى تراجع عدد الزبائن.

ويأمل الجزائريون سواء المواطنون أو المهنيون بالوكالات السياحية عودة الاستقرار والأمان لتونس سريعا على اعتبار أنّها الوجهة الأكثر تفضيلاً وهو ما تؤكّده نسبة السيّاح الذين تدفّقوا عليها الصائفة الماضية وفترة نهاية السنة. حيث يتابعون مختلف التطوّرات باهتمام بالغ من أجل التخطيط لعطلة الربيع والصيف في ظروف أحسن.

و قال مدير الوكالة السياحية “للسفر سبع فوائد” بلقاسم حرز الله لــــ”أنباء تونس”:”الوضع عادي في تونس،سجلنا خلال الأسبوع الماضي إقدام بعض السياح الجزائريين على إلغاء حجوزاتهم بسبب وتيرة الإحتجاجات الشعبية التي كانت كبيرة آنذاك،لكن و منذ الجمعة الماضية الأوضاع باتت مستقرة نسبيًا و رغم أن بعض الجزائريين لا يزالون متخوفون من تدهور الوضع الأمني في تونس بسبب وسائل الإعلام التونسية و الأجنبية التي صورت الوضع بهذا البلد الشقيق على أنه خطير للغاية،لكننا نعمل على الترويج بأن تونس لا تزال واحة الأمن و الإستقرار و أنه آن الآوان لمن يريد السفر إليها خاصة في ظل العروض المغرية التي في متناولهم”.

و قال مدير وكالة سياحية أخرى لـــ”أنباء تونس”:”السفر إلى تونس عادة ما يتسم بالهدوء بشكل عام في شهر جانفي، و معظم الفنادق التونسية تكون غير ممتلئة في هذا الوقت من السنة ولكن و رغم الأحداث الأخيرة التي شهدتها تونس إلا أن عدد الزبائن اليوم يتجاوز عددهم في نفس الفترة من العام الماضي. ومعظم الجزائريين الذين قرروا السفر إلى تونس هم لا يشعرون بالقلق كون الأمور هادئة نسبيًا”.

ويرى خبراء الإقتصاد لـــ”أنباء تونس”، أن الاحتجاجات لا بد لها وأن تؤثر على اقتصاد البلاد. وقالوا أن إلغاء الحجوزات الراهنة تترتب عليه رسوم مالية ولكن الذين ينوون السفر إلى تونس في الأشهر المقبلة قد يعيدون النظر في مشاريعهم. وتوقعوا أن يكون تراجعا في النشاط السياحي في تونس لكن نسبته ضعيفة.

وتشير آخر التقديرات إلى أن تونس تستقبل سنويًا 7 ملايين سائح تجتذبهم الشواطئ والغابات والمناطق الصحراوية، وشهد قطاع السياحة مؤخرًا نموا برغم تبعات الأزمة المالية العالمية ، وهو يساهم بنحو 6 % من إجمالى الناتج القومى فى البلاد، لذلك وضعت مؤخرًا خطط لبناء عشرات المنتجعات على طول شواطئ البحر المتوسط لكن الخبراء يتوقعون تغيرا كبيرا يهدد مستقبل هذه الخطط، وسيكون المحك الحقيقى هو الوضع فى البلاد خلال الشهور القادمة، فعودة الاستقرار قد تساعد فى إنعاش حركة السياحة خاصة فى الصيف.

 الوضع الأمني في تونس غير مستقر لكنه ليس خطيرًا

و من جهة أخرى،أكد مصدر جزائري لــــ”أنباء تونس” أن الهدوء عمّ كامل التراب التونسي تقريبًا و ليس هناك ما يستدعي القلق أو الخوف بإستثناء تحركات قليلة لمجموعة لا تُشكل أي خطر على الوضع الأمني العام،ولم ينف المصدر اهتزاز الوضع الأمني في تونس خلال الأيام القليلة الماضية غير أنه أشار إلى وجود مبالغة في نقل الصورة عن تونس لدى عدد من وسائل الإعلام الجزائرية و الأجنبية.و هو التصريح الذي يتناغم تمامًا مع تصريح الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الذي إتهم الصحافة الأجنبية بممارسة “التهويل” خلال تغطيتها الاضطرابات الاجتماعية الأخيرة التي شهدتها البلاد، مشيدًا في المقابل بالصحافة التونسية.

وقال السبسي في مستهل اجتماع مع الأحزاب الحاكمة والمركزية النقابية ومنظمات المجتمع المدني لمناقشة سبل تجاوز الأزمة التي اندلعت على خلفية تدابير تقشف، “لا بد من أن نشير إلى أن أمورا وقع تهويلها. هناك تهويل من الصحافة الأجنبية”.

وأكد في المقابل أن الصحافة التونسية “كانت معتدلة وعادلة وأبرزت الأمور السلبية والإيجابية”.واعتبر السبسي أن “بعض الحساسيات (التونسية) تلتجأ إلى الصحافة الاجنبية ظنا منها أنها عنصر مؤثر”، مضيفا “فعلا هناك تهييج ودعاية للتعبئة”.

وجاءت انتقادات السبسي على وقع حراك اجتماعي غاضب تشهده تونس تحول إلى مواجهات مع قوات الأمن، خصوصا بعد مقتل شخص خلال تظاهرة في مدينة طبربة في غرب البلاد.

و قلّل مصدر عليم من آثار المقاطعة الإضطرارية من طرف الجزائريين إلى تونس في الآونة الأخيرة و إعتبرها مجرد إجراءات وقائية ليس إلا و رفض ربطها بتأثرهم بـــ”التهويل” الممارس من طرف وسائل الإعلام و قال أن “الجزائري يحب الحياة و يعشق السفر و إذا كان الإرهاب الذي ضرب تونس في صيف 2015 لم يثن الجزائريين عن السفر إلى تونس فكيف لإحتجاجات شعبية سلمية و ليست دموية أن تقف حائلاً في وجوههم للتوافد على تونس”.

و كانت قد انتشرت الاحتجاجات في أرجاء البلاد منذ أزيد من 10 أيام، حيث حُرقت عشرات المقرات الحكومية، مما دفع الحكومة لإرسال قوات من الجيش لعدة مواقع لحماية مبان أصبحت هدفًا للمتظاهرين.وتفجر الغضب الشعبي التونسي بسبب ميزانية 2018 التي تضمنت زيادات في أسعار عدد من المواد الاستهلاكية والبنزين وفرض ضرائب جديدة اعتبارا من أول العام الحالي.
لكنّ خليفة الشيباني المتحدث باسم وزارة الداخلية قال “تراجعت الاحتجاجات ولم يكن هناك أي تخريب الليلة الماضية، لكن الشرطة اعتقلت أمس 150 تورطوا في أعمال شغب في الأيام الماضية ليرتفع عدد الموقوفين إلى 778”.

وبعد مواجهات عنيفة على مدى أيام، كان الاحتجاج محدودًا الخميس واقتصر على مواجهات متفرقة في سليانة بشمال البلاد وأخرى في دوز بجنوب تونس. ولكن نشطاء ومعارضين دعوا إلى مزيد من الاحتجاجات بالعاصمة تونس.وقال مصدر قضائي إنه تم إيقاف ثلاثة من قيادات الجبهة الشعبية في مدينة قفصة للاشتباه بمشاركتهم في حرق وتخريب مبان حكومية، لكن الجبهة الشعبية قالت إن قيادات منها اعتقلوا في عدة مدن في إطار حملة سياسية لضرب خصوم الحكومة، وقالت إن أعضاء آخرين بها اعتقلوا في المهدية والكبارية.

ورفضت الحكومة أي مراجعة أو تعديل لقانون المالية الجديد، فيما أشار وزير الاستثمار زياد العذاري يوم الخميس «الدولة قوية وتتحمل مسؤوليتها ولن تتراجع عن قانون لأن عددًا من المخربين خرجوا للشارع». وكان اتحاد الشغل، ذو التأثير القوي، وحركة النهضة قد طالبا بزيادة المساعدات المالية للعائلات الفقيرة ورفع الأجر الأدنى سعيًا لامتصاص الغضب الشعبي.

ويتزامن الحراك الاجتماعي مع حلول الذكرى السابعة للثورة التونسية التي طالبت في 2011 بالعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد وأدت الى إسقاط الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.