الرئيسية » خلال سنة 2017: إنتعاشة السوق السياحيّة التونسيّة

خلال سنة 2017: إنتعاشة السوق السياحيّة التونسيّة

بقلم: عمّــــــار قـــــردود

أشارت منظمة السياحة العالمية في أحدث تقرير لها أن تونس شهدت خلال سنة 2017 تحسنًا في سوقها السياحية مقارنة بإنخفاضات السنوات السابقة.

وتوقعت منظمة السياحة العالمية أن يصل عدد السياح حول العالم إلى رقم قياسي يقارب 1.8 مليار سائح بحلول عام 2030.

و قد صنّف خبراء السياحة السنة الماضية كأكثر السنوات استقرارًا في تونس، مقارنة مع السنوات الست السابقة التي تلت ثورة 14 جانفي 2011 والتي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، حيث سيطرت أجهزة الأمن على الأوضاع في البلاد، كما استعاد قطاع السياحة عافيته بزيارة 7 ملايين سائح عشرات المقاصد السياحية في تونس من ضمنهم أزيد من 2.5 مليون سائح جزائري.

و تم إعتبار سنة 2017 عام النهوض بالقطاع السياحي، إذ سجلت تونس أعلى معدلات السائحين القادمين إليها، منذ عام 2010، وبلغ عدد السائحين الذين زاروا تونس هذه السنة أكثر من 7 ملايين سائح. وبحسب الأرقام التي أصدرتها وزارة السياحة فإن تونس تمكنت من استقطاب أكثر من 2.3 مليون جزائري ، كما نجت في استعادة السوق الروسية وسائحين من عدة دول في أوروبا الشرقية كبولندا.

وخلال ذات السنة نجحت تونس في إقناع عدد من الدول الغربية برفعها من قائمة الدول الخطرة بالنسبة للوكالات السياحية كألمانيا وفنلندا والدانمارك والسويد وفرنسا، وفي شهر فيفري الماضي قررت بلجيكا رفع حظر السفر إلى تونس بصفة جزئية، وتحدد وجهة رعاياها إلى المناطق الساحلية التونسية الممتدة بين جهات المهدية والمنستير وسوسة والحمامات ونابل وتونس وبنزرت، كما أعلنت الشركتان العالميتان للرحلات الجوية ” توماس كوك” والاتحاد الدولي للسياحة “توي” استئناف نشاطهما نحو تونس بداية من أبريل 2017 بعد تعليق نشاطهما نحو الوجهة التونسية على إثر الهجمات الإرهابية التي استهدفت متحف باردو وأحد النزل بسوسة سنة 2015.

وفي 28 جوان الماضي أعلنت الدانمارك والنرويج وإيسلندا رفع قرار تحذير رعاياها من السفر إلى تونس بغرض السياحة والذي كانت أعلنته إثر الهجوم على نزل الأمبريال بسوسة في جوان 2015. وهو ما اعتبرته السلطات التونسية مؤشرات صحية على إمكانية تعافي القطاع السياحي بعد هجمات 2015.

عائدات قطاع السياحة في تونس بلغت نحو 600 مليون دولار

و أفادت وزارة السياحة التونسية إن عائدات قطاعها نمت بنسبة 19% خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2017، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، لتبلغ 1.5 مليار دينار تونسي (نحو 613 مليون دولار)، وهو ما يعني تعافي القطاع السياحي بصفة تدريجية واستعادة مساهمته الفعالة في دفع الاقتصاد التونسي.

وعادت مؤشرات القطاع السياحي في تونس إلى التعافي بعد سنوات من التذبذب نتيجة العمليات الإرهابية التي طالت فنادق وفضاءات سياحية، وأودت بحياة عدد من السياح الأجانب، من بينهم رعايا بريطانيون.

وعلى أثر تخفيف قرار الحظر البريطاني، أعلنت شركة «توماس كوك» للسياحة استئناف رحلاتها نحو تونس، وهو ما خفف الضغط المسلط على المؤسسات السياحية التونسية، نتيجة عزوف بقية البلدان الأوروبية عن التوجه إلى تونس.

وبلغ عدد السياح الأوروبيين الوافدين على تونس في أغسطس الماضي نحو مليون و100 ألف سائح، وقدر العدد الإجمالي للسياح منذ بداية العام بنحو 4.6 ملايين سائح. وتطمح تونس لبلوغ نحو 6.5 ملايين سائح مع نهاية السنة الحالية، ومن ثم تسجيل زيادة بنحو 30 في المئة عما عرفه القطاع السياحي خلال السنة الماضية.

وتشير المؤشرات الأخيرة للسياحة التونسية إلى عودة العديد من الأسواق الأوروبية للإقبال على السياحة في البلاد، فخلال شهر سبتمبر الماضي، شهدت السوق السياحية الألمانية، على سبيل المثال، نسبة تطور قدرت بنحو بـ43.9 %، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2016. كما زار تونس نحو 400 ألف فرنسي، وهو ما اعتبرته وزارة السياحة التونسية مؤشراً على استرجاع ثقة الأسواق السياحية التقليدية في اتجاه تونس

وتشكل السياحة حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي لتونس، وتقدم آلاف الوظائف، فضلاً عن أنها مصدر رئيسي للعملة الصعبة.

وأظهرت البيانات أن 5.55 مليون سائح أجنبي زاروا البلد الواقع في شمال إفريقيا في الفترة من الأول من يناير/كانون الثاني إلى الـ10 من أكتوبر/تشرين الأول، مقارنة مع 4.49 مليون في الفترة نفسها من العام الماضي.

وزاد عدد السائحين الأوروبيين بنسبة 18% إلى 1.461 مليون، بينما قفز عدد الزائرين من الجزائر المجاورة 44% إلى 1.856 مليون.

ويتوقع مسؤولون أن يرتفع عدد السائحين الأجانب إلى 6.5 مليون هذا العام، بزيادة قدرها 30% عن 2016، فيما يرجع إلى تحسن الوضع الأمني واهتمام من أسواق جديدة مثل الجزائر وروسيا.

ويساعد انتعاش السياحة الحكومة في تونس على اجتياز أزمة اقتصادية، بينما تستعد لزيادة الضرائب في ميزانية 2018، في إطار إصلاحات تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي، في مقابل قرض جديد بقيمة 350 مليون دولار.

تسجيل أكثر من 1.1 مليار رحلة دولية في 2017

وفيما يخص تقرير منظمة السياحة العالمية الخاص بسنة 2017 ، قال طالب الرفاعي، رئيس المنظمة المعنية بتحليل وتوفير المعلومات عن السياحة والسفر حول العالم، إن هذا الارتفاع يمكن أن يمثل “كارثة” أو “فرصة” بعيدة الأثر، تحمل دلالات إيجابية يمكن استثمارها لمستقبل الكوكب. ويضيف السيد الرفاعي أن العالم ينحو أحيانا للتقليل من شأن وأثر السياحة والسفر حين ينظر إليها كنشاط إنساني ثانوي وغير مؤثر. ولكن هذا النشاط، حسبما يوضح رئيس المنظمة، يجعل العالم مكانا أكثر ترابطا وتماسكا ونموا. طالب الرفاعي، رئيس منظمة السياحة العالمية. Photo: WTO وحسب إحصائيات المنظمة فإن الأشهر العشرة الأولى من عام 2017 شهدت أكثر من 1.1 مليار رحلة دولية، وهو رقم يشير إلى ارتفاع في عدد السياح بنسبة سبعة في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وأوضح رئيس المنظمة التابعة للأمم المتحدة قائلا: “أشياء مثل عمالة الأطفال والاستغلال الجنسي ونقل الكنوز الوطنية من أفريقيا إلى أسيا وأجزاء أخرى من العالم، كل ذلك يحدث تحت شعار السياحة؛ ينبغي أن نعترف بذلك ونواجهه. ولكن من الناحية الإيجابية، لقد استفدنا من إعلان عام 2017 سنة دولية للسياحة المستدامة من أجل التنمية، لتسليط الضوء بشكل أكبر على الدور الإيجابي الذي يمكن أن تسهم به السياحة في التنمية المستدامة.” وشدد رئيس المنظمة على أن الأمر يعتمد على الجميع لضمان أن يٌترجم هذا الاتجاه العالمي في امتداد وارتفاع معدلات السياحة إلى تغيير إيجابي، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة الذي تقوده الأمم المتحدة.

1.8 مليار سائح حول العالم سنويا بحلول 2030

وقال السيد الرفاعي: “إن عدد 1.8 مليار مسافر يمكن أن يكون هو عدد الفرص التي يتاح لنا اغتنامها، أو عدد الكوارث. والأمر يتوقف علينا نحن؛ فللسياحة والسفر مثل كل نشاط إنساني، جانب إيجابي ومشرق، وآخر سلبي وقاتم.” وكانت المنظمة قد أصدرت تقريرا يتضمن القياسات الخاصة بهذا العام، أوضح نموا استثنائيا للسياحة في جنوب أوروبا، بالإضافة إلى تعاف متصاعد في السياحة في تركيا. وفي شمال أفريقيا والشرق الأوسط، شهدت مصر وتونس وفلسطين تحسنا في أسواقها السياحية مقارنة بانخفاضات السنوات السابقة، بينما واصلت مؤشرات النشاط السياحي في كل من المغرب والبحرين والأردن ولبنان وعمان وإمارة دبي ارتفاعها المنتظم.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.